ما الذي سيفعله تفشي كورونا في اليمن؟! (تقرير )
من عدة تقارير غربية ودراسة يمنية متخصصة يمن مونيتور/ صنعاء/ خاص:
يعرف اليمنيون أن تفشي وباء كورونا في بلادهم، سيعني عدد وفيات كبير يتجاوز المتوسط العالمي المعروف بين (5-10%)، وإصابات غير معروفة العدد قد تصيب معظم السكان. كما ستؤدي إلى مشكلات اقتصادية وصحية تدفع اليمن إلى سنوات أكثر صعوبة من التي عاشها خلال العقد الحالي.
يشير تقرير حديث لصندوق الأمم المتحدة الإنمائي، وتقرير أخر لمنظمتي المجلس النرويجي للاجئين وأنقذوا الأطفال، إلى الحالة الصحية والاقتصادية لليمن، إضافة إلى دراسة حديثة نشرها مركز أبعاد اليمني للدراسات والبحوث.
وتتفق التقارير والدراسة إلى أنه “ما لم تكن هناك حماية اجتماعية قوية وعناصر انتعاش اقتصادي، فإن الوباء سوف يدمر أفقر البلدان. ويحتاج اليمنيون إلى الحصول المستمر على الاحتياجات الأساسية مثل الرعاية الصحية والغذاء والدخل للمساعدة في الاستعداد للفيروس ومكافحته وللسماح لأي استجابة صحية أن تكون فعالة”.
وأعلنت اليمن في 11 ابريل/نيسان الحالي عن أول حالة إصابة بالفيروس ليمني في الستينات من العمر في منطقة “الشحر” بمحافظة حضرموت شرقي البلاد. ولم تُشر الحكومة الشرعية إلى أي حالات جديدة منذ ذلك الوقت.
لكن تقريراً لمجلة فورين بوليسي وتصريح لمنظمة أطباء بلا حدود يؤكدان أن عدد الحالات أكبر بكثير مما تم الإعلان عنه، بالنظر إلى ارتفاع عدد المصابين في الدول المحيطة باليمن مثل السعودية، والإمارات، وقطر، وسلطنة عمان.
وقالت رئيسة بعثة أطباء بلا حدود في اليمن كلير هاديونج في تصريحات للتلفزيون الألماني إن “اليمن كانت واحدة من بين آخر دول العالم التي لم تعلن عن حالة إصابة بفيروس كورونا”، ومع ذلك “نشك في أن ذلك قد يكون بسبب افتقار البلد إلى القدرة على الاختبار بشكل كبير، لذلك من المحتمل أن يكون الفيروس متداولًا دون أن يتم اكتشافه”.
وأضافت أنه “تم إضعاف النظام الصحي في اليمن بسبب الحرب، وتأثير كوفيد 19 سيكون كارثياً” إذ إن “نقص أدوات الحماية الشخصية PPE والفحوصات في اليمن لا تسمح بالاستعداد الكامل لمواجهة هذا الوباء”.
ويتوقع تقرير “المجلس النرويجي وأنقذوا الأطفال”: أنه في غضون شهر من تسجيل أول حالة في اليمن، من المرجح أن يتم تسجيل العديد من الوفيات. ومع ذلك، فإن عدد الإصابات والوفيات سيستمر في الارتفاع بشكل حاد في البلاد، وسترتفع معدلات الوفيات بأعلى من المتوسط العالمي بسبب الظروف الصحية السيئة الكامنة، وانخفاض المناعة بين السكان الذين يعانون من سوء التغذية، والمرونة الطبية المحدودة لدى عامة السكان.
النظام الصحي
تعمل اليمن بنصف طاقتها الصحية، فالبنية التحتية تعرضت لأضرار جسيمة خلال الحرب، مع غياب الأدوية وتفشي الأمراض والأوبئة المتعددة في البلاد. أصاب وباء كوليرا اليمن خلال السنوات الخمس مستهدفاً أكثر من مليوني إنسان توفيّ بسببه الآلاف. كما أن النظام الصحي يتعرض لضغط كبير بسبب حالات الإصابة بأوبئة مثل “الخناق” و”حمى الضنك”.
ويقول تقرير الأمم المتحدة أن هناك 3 أطباء و7 أسرة في المستشفيات لكل 10 آلاف يمني، وهو أقل بكثير من الحد الأدنى القياسي لمنظمة الصحة العالمية البالغ 41 لكل 10 آلاف شخص- حسب ما أفادت دراسة مركز أبعاد.
يفيد مركز أبعاد أن هناك عدد كبير من المعدات الصحية معطلة وتوقف الكثير من العاملين الصحيين الذين لم يتلقوا رواتبهم منذ أعوام، يقول الحوثيون إن 93% من المعدات الصحية في البلاد لا يمكنها العمل. لمواجهة الفيروس تحتاج السلطات الصحية في المدن الرئيسية-على الأقل- إلى مختبر واحد متخصص بالفيروس، لكن حتى نهاية مارس/أذار 2020 توجد ثلاثة مرافق (صنعاء وعدن والمكلا) تحت إشراف الصحة العالمية التي زودت المراكز الثلاثة بمئات من محاليل الفحص، وستحتاج إلى عشرات الآلاف خلال الأسابيع القليلة المقبلة، ومثلها من الأسرة وأنابيب الأكسجين. تفتقر البلاد إلى مياه الشرب النظيفة، وأنظمة صرف صحي تعمل بانتظام ما يسبب مشكلة كبيرة متعلقة بالنظافة الشخصية التي يمكنها الحد من تفشي الوباء. لذلك لا يزال هناك الكثير من الأمور للاستعداد لمواجهة الجائحة.
تقول الأمم المتحدة إن 80% من برامجها المتعلقة بالصحة في اليمن ستتوقف نهاية شهر ابريل/نيسان الجاري بسبب نقص التمويل. ما يعني حلّ الفرق الصحية الموجودة والتي تدعمها المنظمة الدولية.
الوضع الاقتصادي
قال مركز أبعاد إن أزمة تفشي وباء كورونا حول العالم، ستؤثر على اليمن بشكل كبير على المدى الطويل في علاقة طردية بمدى اختلاف تأثير كورونا على سلاسل التوريد والأسواق المالية بين البلدان. وبالتالي يمكن أن تؤدي اضطرابات سلاسل التوريد الخارجية التي تبدأ في حقول القمح في أوكرانيا، من بين أماكن أخرى، إلى نقص كبير في الواردات مؤثراً على “الأمن الغذائي” للدول الفقيرة مثل اليمن. إذ أن مستويات الديون السيادية المرتفعة ستعيق قدرة الحكومة على القيام بالإنفاق على التحفيز الذي سيكون ضرورياً للحفاظ على الاقتصاد خلال الأشهر والسنوات المزعجة القادمة.
ويضيف المركز: في نفس الوقت من الصعب الحصول على تمويل من الدول الخليجية -عدا جهود الإعمار- بسبب الركود الاقتصادي وتراجع أسعار النفط. كما تشير الأبحاث حول الأوبئة السابقة إلى آثار سلبية طويلة المدى على النمو الاقتصادي للدول الفقيرة كما كان الحال مع أزمة إيبولا. يضاف لها الخسائر المتعلقة بالقطاعات الأخرى، حيث تعرضت قطاعات الزراعة وصيد الأسماك، التي يعمل بها أكثر من 54% من القوى العاملة بالمناطق الريفية، لقيود شديدة من جراء نقص المدخرات الزراعية مثل الأعلاف والسلع الأساسية الأخرى.
وتابع المركز: من بين التهديدات قصيرة المدى مخاطر النقص وانخفاض الإنتاج وزيادة الأسعار وفقدان الدخل. ومن المرجح أن ترتفع أسعار المواد الغذائية والمواد الأساسية الأخرى مع ارتفاع الطلب وتزايد تقييد حركة السلع على المستويات المحلية. فالأسر ذات الدخل المنخفض غير قادرة على تخزين السلع للحجر الصحي أو للعزل الذاتي. تحدث عشرات من العمال في صنعاء وعدن أنهم لن يكونوا قادرين على ترك أعمالهم ذات الأجر اليومي في المصانع والشركات لأن ذلك سيكون بمثابة قَتل بطيء لهم ولعائلاتهم.
ركز مركز الدراسات اليمني على تأثير وباء كورونا على اليمن وفق مستويات متعددة “الأمن الغذائي” “خفض المساعدات”، “تراجع قيمة أسعار النفط” “حوالات المغتربين” إذ أن من المتوقع أن تتراجع حوالات المغتربين 70% بسبب توقف الأعمال في بلدان الاغتراب.
وحسب تقرير البنك الدولي (2019) فإن تحويلات المغتربين إلى اليمن هي المصدر الأول للعملة الصعبة في البلاد حيث بلغت (2.9 مليار دولار) عام 2018، بانخفاض 34% عن عام 2017.
تقرير صندوق الأمم المتحدة الإنمائي طالب بتمكين السلطات المحلية التي تعمل على الخطوط الأمامية لمواجهة كورونا بصلاحيات كاملة للتغلب على التجزئات الحالية للسلطة والموارد للسماح بالتخطيط والتنفيذ الناجحين.
كما طالب الصندوق الأطراف المتحاربة وضع الاختلافات جانباً والموافقة على استئناف دفع الرواتب والمعاشات التقاعدية في جميع أنحاء البلاد، والتي لم يتم دفع بعضها منذ عام 2016.
وتابع الصندوق: يجب زيادة التحويلات النقدية المباشرة وبرامج النقد مقابل العمل لأن اليمنيين لا يستطيعون البقاء في منازلهم. وسيساعد ذلك على ضمان حماية اليمنيين من خلال توفير الرعاية المناسبة للعائلات خلال فترات طويلة من الإغلاق والتشتيت الاجتماعي.