كتابات خاصة

في فصل الانفصال

حسن عبدالوارث

يومَ أعلن علي سالم البيض بيان الانفصال في خضم حرب صيف 1994م، تنصَّلت جُل – إنْ لم يكن كل – قيادات وكوادر الحزب الاشتراكي عن مسؤوليتها تجاه هذا الاعلان  يومَ أعلن علي سالم البيض بيان الانفصال في خضم حرب صيف 1994م، تنصَّلت جُل – إنْ لم يكن كل – قيادات وكوادر الحزب الاشتراكي عن مسؤوليتها تجاه هذا الاعلان المقيت الذي لم تقوَ حُجَّته أمام كل ذي عقل بأنه كان اضطرارياً كما حاول البعض الزعم به يومها اذْ لم يجرؤ أحد على القول بأنه يتفق مع مشروع الانفصال.
وقد أُثير يومها جدل ساخن (في الحزب الاشتراكي خصوصاً، وفي المجتمع اليمني عموماً) بصدد الموقف من مشروع الانفصال، وليس الموقف من دولة الوحدة أساساً.
عاد هذا المشروع بعدها ليطل من جديد، وبلبوس قاتم وخطاب غاشم، متّخذاً من مطالب حقوقية ومظلمة عمومية مبررات لانتزاع مشروعية جديدة وشرعية متجددة لرفع لواء هذا المشروع مجدداً. ثم تعاظمت كمية الاحجار التي تدحرجت في مجرى الوطن منذ 21 سبتمبر 2014م ثم 26 مارس 2015م لينتقل هذا المشروع من النص اللساني الى الرسم البياني في درب الواقع.
الحق أن الانفصال بات نبتة في قلوب الكثيرين وأدمغتهم تُروى بحماسة منقطعة النظير، فتتسامق جراء ذلك في تلك القلوب والعقول، وتطرح ثمارها بالتالي في صورة ممارسات مادية أتخذ بعضها طابعاً عنيفاً للغاية!
غير أن الحقيقة التي يرفض أصحاب هذا المشروع الاعتراف بها هي أن هذا المشروع صعب التحقيق – ولن أقول مستحيلاً – لأسباب ودوافع أقليمية ودولية تتقاطع مع أهم أبجدياته.. هذا من ناحية..
ومن ناحية أخرى، فأنه في حال نجاح هذا المشروع على صعيد التطبيق في أرض الواقع، لن يعود الوطن شطرين اثنين كما كان الوضع قبيل يوم 22 مايو 1990م، انما باتت السيناريوهات التي أفرزتها المعطيات الواقعية الجديدة تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن اليمن حينها سيغدو مجموعة من الدويلات لا يعرف أحد غير الله كم سيكون عددها على وجه التحديد !
ومن المؤكد حينها أن هذي الـ “يمنات” لن تشهد أية صورة للاستقرار ولا أية حالة للتنمية في غياب ظاهرة الدولة ولو في حالتها الأدنى، ناهيك عن توافر كل أسباب ودوافع التوتر المتواتر بينها جميعاً (ربما تكون دويلة حضرموت الواحدة – وليس الكبرى قطعاً – الاستثناء في هذي البانوراما) والذي لاشك في أنه سيتجاوز حدود القلاقل الى تخوم الاحتراب .
فانْ كان الانفصال مشروعاً محفوفاً بأسباب الوأد في ظل الوضع السلمي والمستقر، فكيف يراه أصحابه في أتون حرب شعواء كالتي نشهد اليوم؟
لعمري أن هؤلاء يُذكّرونني بحكاية المرأة التي رأت زوجها مشدود العنق الى حبل المشنقة، فيما راحت تسأله: أين العسل الذي خرجت لتجلبه؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى