كيف تغيّر سيطرة الحوثيين على “مدينة الحزم” الاستراتيجية مسار الحرب اليمنية؟
تغيّر مسار الحرب اليمنية مع دخول العمليات العسكرية للتحالف الذي تقوده السعودية العام السادس. يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ خاص:
أعلن الحوثيون، يوم الأحد، سيطرتهم على “مدينة الحزم” مركز محافظة الجوف اليمنية الاستراتيجية الغنية بالنفط، في وقت ما تزال المعارك تدور على أطراف المدينة التي قد تغيّر مسار الحرب اليمنية مع دخول العمليات العسكرية للتحالف الذي تقوده السعودية العام السادس.
وقُتل خلال المعارك التي استمرت أياماً امتداداً من مديرية “الغيل” المجاورة، عشرات الجنود التابعين للحكومة ومثلهم من الحوثيين- حسب ما أفاد مصدر عسكري مطلع لـ”يمن مونيتور” فلم يعلن الطرفان عن خسائرهم بَعد.
وفور دخول الحوثيين لـ”الحزم” قالت المصادر إن الحوثيين فجروا داراً للقرآن الكريم، ومنزل قائد اللواء 101 مشاة.
وكانت مدينة الحزم واقعة تحت سيطرة الحوثيين منذ العام 2014، قبل أن تتمكن القوات الحكومية في ديسمبر/كانون الأول 2015 من استعادتها.
استمرار القِتال
واحتدمت المعارك في أطراف “مدينة الحزم” بحلول صباح الاثنين، بعد دفع الحكومة اليمنية والحوثيين بتعزيزات جديدة للقتال.
وتهدف القوات الحكومية اليمنية والقبائل الموالية لها إلى دفع الحوثيين خارج المدينة بعد أن سيطروا عليها في وقت سابق يوم الأحد إلى جانب مديرية الغيل المجاورة.
وقال سكان ومصادر عسكرية لـ”يمن مونيتور” إن معارك عنيفة تدور في منطقة “الجر” و”وادي الشجن”، فيما توافد رجال قبائل موالية للحكومة إلى مناطق القِتال في المديرية الاستراتيجية، المرتبطة بمحافظة مأرب المجاورة.
وقال مصدر عسكري موالِ للحكومة لـ”يمن مونيتور” إن الجيش اليمني دفع بتعزيزات عسكرية بعد ساعات من توغل الحوثيين في “الحزم”.
وحسب مسؤول عسكري تحدث ل”فرانس برس” فإن “معظم مناطق الجوف بيد الحوثيين” الآن.
وشن التحالف العربي الذي تقوده السعودية غارات جوية على مواقع الحوثيين في “الحزم” شملت مبانٍ حكومية.
وقال مكتب المتحدث باسم التحالف لـ”اسوشيتد برس” إن “عملياتهم” في الجوف “لا تزال جارية” دون تقديم المزيد من التوضيح.
في صنعاء قال مراسل “يمن مونيتور” إن مشرفين حوثيين على مربعات سكنية في “أمانة العاصمة” أبلغوا مسؤولين في الجماعة بضرورة تحشيد المقاتلين من الأحياء السكنية، لتعزيز مقاتليهم في “الجوف”.
وقال مراسل “يمن مونيتور” في مدينة مأرب المجاورة إن عشرات السيارات وصلت إلى المدينة نازحة من “الحزم” بعد سيطرة الحوثيين عليها واحتدام القِتال مع القوات الحكومية.
ونقل المراسل عن نازحين أنهم سلكوا طُرقاً صحراوية للوصول إلى المدينة.
وكانت ما لا يقل عن 1400 أسرة نزحت إلى منطقة الغيل في محافظة الجوف قد انتقلت إلى الحزم في فبراير/شباط الماضي. ويبدو أنها غادرت مجدداً إلى مأرب إلى جانب بقية العائلات هنا.
ومحافظة الجوف الغنية بالنفط هي المكان الذي أسقط فيه الحوثيون طائرة حربية سعودية الشهر الماضي، مما أثار انزعاجًا في المعسكر الذي تقوده السعودية من أن الحوثيين يحصلون على أسلحة متطورة على ما يبدو من إيران.
ما الذي يعنيه ذلك؟!
تمكن سيطرة الحوثيين على “الحزم والغيل” على تأمين مناطقهم من الشمال في معاقل الجماعة المسلحة في “محافظة صعدة”، فدائماً ما مثل ذلك تحدياً كبيراً للجماعة.
من جهته اعتبر ماجد المذحجي المدير التنفيذي لمركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية ان سيطرة المتمردين على عاصمة الجوف في حديث لفرانس برس “قد تغير مسار الحرب كليا” إذ أنها تضع محافظة مأرب المجاورة والغنية بالنفط في مرمى نيراهم.
وأوضح أن “الحوثيين يغيرون الآن ميزان القوى ويحرزون تقدما استثنائيا”، مشيرا إن السيطرة على عاصمة الجوف تتيح للمتمردين تطويق مأرب.
وأضاف: “يطل الحوثيون حاليا على مأرب من ثلاث جهات (…) وبالتالي قد يبدأ مسارهم لتطويق محافظة مأرب بعد فترة إن لم تستطع (الحكومة) الشرعية الرد على الهجوم”.
وبحسب المذحجي، فإن السيطرة على الجوف “تعني تأمين (الحوثيين) لأنفسهم من أي اختراق” من جهة الشمال.
وقالت فاطمة الأسرار، باحثة غير مقيمة في معهد الشرق الأوسط في واشنطن لوكالة اسوشيتد برس الأمريكية: “مع الاستيلاء على الحزم أصبحت منطقة الجوف بأكملها في أيديهم، وهذا سيمكنهم من التوسع إلى مأرب وحتى محاولة الاستيلاء على الجنوب”.
وأضافت أن التقدم الحوثي سيزيد من اضطهاد المدنيين بما في ذلك القبائل، المتحالفة مع الحكومة الشرعية.
وتبعد الحزم نحو 150 كلم جنوب الحدود مع السعودية، ما يزيد من فتح جبهات حدودية مع المملكة العربية السعودية.
أدان المبعوث الأممي الخاص لليمن مارتن غريفيث يوم الجمعة “التصعيد العسكري الأخير” في الجوف، قائلاً إنه “يقوض بشكل خطير آفاق السلام”.
وحذر من أن الأطراف المتحاربة “ليس لديها بديل للتسوية السياسية المتفاوض عليها” لإنهاء النزاع الذي طال أمده.