كتابات خاصة

فبراير والذكرى التاسعة

أحمد ناصر حميدان

للتاريخ ذكرى، اليوم والشهر، مجرد ما يكتب يعيد  شريط الذكريات، يتغير مزاجك بجمال وقبح، بقهر وألم، بندم وخذلان، تلك الذكريات، وكل يمني على هذه الأرض الطيبة، لا يمكن أن يمر أمام ناظريه 11 فبراير، دون أن يستعيد نمق وشغف وحماس الثورة والتغيير، دون يستعيد قوة تلك الثورة وحجمها الحقيقي في الكتلة الاجتماعية، والأفكار والثقافة التي سادت ساحات الثورة، ويتذكر عجز وهشاشة النظام أمامها، يتذكر ذلك السقوط القيمي والأخلاقي للنظام ونفوذه وأذنابه ودنقه، و الثورة وهي تعري النظام وتكشف مساوءه.

في الذكرى التاسعة لثورة فبراير الشبابية ذكريات عظيمة، فيها أمل وألم.
أمل حماس الثورة وشغفها وقوتها وسلميتها، أمل تلاحم الكتلة الثورية والصف الجمهوري، بعيدا عن القطيعة والخصومة الايدلوجية والطائفية والمناطقية، أمل الكتف بجنب الكتف، والصوت الواحد المنطلق من عدة حناجر، المعبر عن وطن ومستقبل امة.
في الذكرى جرعات هامة تعيد للثورة نمقها وشغفها، وتعيد ذكريات الملاحم البطولية لشباب الثورة السلمية، وألم وقهر قنص الشباب، وهم يفتحون صدورهم العارية لتستقبل رصاص الغدر والخيانة، ويتسابقون على التضحية، وخونة النظام ملثمون يلاحقهم الخزي والعار.
عاد فبراير بتجربته ليؤكد أن الثورة ضرورة ملحة لفتح آفاق للتطور داخل منطق التاريخ، آفاق أغلقها الماضي بواقعه البائس، وأهمية التغيير لهذا الواقع الذي لا يزال يقاوم بضراوة، ويعيد ترتيب تحالفاته، تغيير لا مفر منه يسهل مسلك النهضة والتطور.
عاد فبراير، ومسيرة الحياة لا تزالت ذكرى جميلة ورائعة، للقوى الاجتماعية والسياسية والشبابية لتعز، وهي تقتحم مناطق النفوذ العسكري والقبلي الذي يغذي النظام، ويراهن عليه، تقتحمه بصدور عارية ,واقدام حافية، وتمكنت من أن تفتح منافذ للثورة في تلك المناطق التي استقبلتها بحفاوة، وجعلت من أدوات النظام مجرد جماعات خارجه عن القانون والشرع والقيم والأخلاق، في متارس التباب والجبال، وتطلق النار بهستيريا، لتزيد من حجم غضب الجماهيري عليها.
فبراير الذي نبذ الكراهية والفرقة والتمزق، ووحد الصف الجمهوري والثوري، تحت لوائه، نبذ الطائفية والمناطقية، نبذ العنف واستخدام السلاح، وتمكن من فرض واقع سلمي في بلد قبلي لا يخلو بيت فيه من قطعة سلاح، ولا قبيلة من الجماعات المسلحة، ولا حزب من المتعصبين والمتغطرسين، والاقصائية وتنمر على الآخر، والاصولية، شعرة معاوية للإرهاب بنسب متفاوتة، ومبررات متعددة، ثورة تمكنت من اقناع هؤلاء بالسلمية والسلام، والمحبة والوئام، لفرض تغيير الواقع لمستقبل مرجو، بهدم كل أصنام وأوهام النظام المعيق للمستقبل.
روعة وجمال فبراير وشغفه بالتغيير، دفع بالطائفيين والمذهبين بدعم النظام للانقلاب المسلح عليه، لحماية أفكارهم الهدامة، وحقهم الالهي بالسلطة والتسلط، مما فرض على قواه الحية التصدي لهذا الانقلاب، وتمكن الأبطال من دحر الانقلاب من مناطق عدة،  ولا يزالون يقاومون لاستعادة المناطق التي تحت هيمنة الانقلاب.
السؤال أين فبراير اليوم في المناطق المحررة؟ هل فعلا في حالة موت سريري، أم وعكة صحية سيتجاوزها.. ولماذا؟
نسأل عن فبراير في تعز وعدن، بعد أن تحررت من الانقلاب، لتشكل مع المناطق التي استعصت على الانقلاب قوة لتعافي القيم وأخلاقيات الثورة، ليتعافى وطن، بقدرة وصلابة الكتلة الثورية، لتدافع عن الجمهورية والدولة الاتحادية الضامنة لقيم تلك الثورة، المواطنة والسيادة والارادة الحرة، لتتمكن البلد من تقرير مصيرها بشكل سلمي وقانوني، بحيث لا ضرر ولا ضرار، لضمان عدم تكرار الماضي وعودة الأصنام التي يتم فرضها اليوم كبديل، ليبقي الوطن تحت الوصاية والتبعية، لنعود كما كنا بلد متسول محتاج للمساعدات، غير قادر على النهوض، أو حتى استغلال ثروته وموارده، والمنافسة بقوة في الاقليم والعالم.
يبقى السؤال قائما، لحين الاجابة علية عمليا في وحدة الصف الوطني والجمهوري، واستقلال وسيادة البلد، وانقاذ ما يمكن انقاذه، للالتفاف حول الأصوات التي تنادي بهذا الصف، في تلاحم ليعود فبراير أكثر قوة وصلابه، و إِنّ غَداً لنَاظِرِهِ قَرِيبُ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى