كتابات خاصة

مساحات حرية في الحالمة

إفتخار عبده

في شوارع مدينة تعز تنعم بالحرية والجمال والطيبة التي حرمت منها عندما مررت بشوارع مدن أخرى.. إذا أردت أنت تلتفت يمنة ويسارا فعليك فعل ذلك وإذا أردت أن تحدث أحدهم تلفونيا فافعل دون أي خوف أو حرج.

على الرغم من الأوجاع المحيطة بها من كل ناحية، والجراح العميقة التي أصابت أبناء هذه مدينة الحالمة تعز؛ إلا أنه ينتابك شعور آخر وأنت تجوب شوارعها.
شعور جميل يغزو القلب والروح وأنت ماض تفرد يديك كما يفرد الطائر الحر جناحيه.. ينعم بالحرية في الهواء الطلق ويعيش مساحات كبيرة العز الفريد.
في شوارع مدينة تعز تنعم بالحرية والجمال والطيبة التي حرمت منها عندما مررت بشوارع مدن أخرى.. إذا أردت أنت تلتفت يمنة ويسارا فعليك فعل ذلك وإذا أردت أن تحدث أحدهم تلفونيا فافعل دون أي خوف أو حرج، تحدث عما تريد ولن ينتابك الخوف من الاختطاف أو الملاحقة.
 ادلف إلى الباص وتحدث عن الأوضاع بكل راحة، بإمكانك أن تهجو هذا الطرف أو تنفيذ ذاك دون خوف أو وجل.. وبإمكانك القول أي شيء تؤمن به سواء كان مع تصورات وقناعات أهل المدينة أو ضدهم.
هنا فقط يتاح لك المجال في الحديث والتعبير عما يجول بالخاطر وإذا ماكنت مخطئاً بحديثك سيقول لك السامعون أنك مخطئ ولن تتلقى العذاب المرير جراء كلمات خرجت من فيك للتعبير عن الواقع، اخرج إلى المدينة وانتقد الأسعار المرتفعة كما كنت تريد أن تتحدث عن هذا في المدن الأخرى.. هنا فقط ستجد أجوبة تبرر لك أسباب هذا الارتفاع وهي أسباب حقيقية من ذلك الحصار المفروض على هذه الحالمة، غنِ إن جاءك شوق إلى الفن والطرب ولن يفسر عملك هذا ضمن الإرهاب وأعمال التخريب، امرر بهذه المدينة الموجوعة وغنِ لمن تحب سماع صوته أو اسمع القرآن لأي قارئ، وإذا جاءك الشجن أن تغن بفيك فافعل ذلك.
 ادخل إلى بيوت الله فيها فستجد للصلاة مذاقا آخر كله خشوع وطمأنينة، ستجد للدين منبر عظيم وأن الدين بعيد عن السياسة والأهواء، صل جماعة أو فردا وفي أي وقت ادخل المسجد وادع الله على ما تريد.. أقبل على المسجد بكل شغف وأتيه فجرا وظهرا وعصرا وعش فيه من الليل ما تشاء لن تتعرض هنا للأسئلة التافهة ولن تكون محل شك ولن يعرضك حبك المساجد للموت أو الاختطاف والتعذيب.
 احضر خطبة الجمعة وانعم بخطبة يرتاح لها البال ويطمئن لها الضمير.. بعيدا  عن صخب الجماعة الواحدة والطائفة الواحدة والفكر الواحد الذي يود الاستحواذ على الجميع بقوة السلاح..
هذه المدينة التي ما زالت موجوعة بالحرب والحصار تعطي أهلها كل الحب والحنان.. وفعلا هي الأم الحنون وهي الحضن الدافئ وهي تعز اسم على مسمى.
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن سياسة (يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشرها دون الإشارة إلى مصدرها الأصلي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى