غير مصنفمجتمع

يمنيات مقهورات في الأرياف والمدن

تختلف آراء اليمنيين حول من هي المرأة الأفضل حالاً في البلاد، تلك التي تعيش في الريف أم التي تسكن في المدينة يمن مونيتور/العربي الجديد

تُحرم المرأة الريفية في اليمن من خدمات كثيرة إذ إنّ أسرتها لا تهتمّ بها بالطريقة نفسها كما هي الحال مع الرجل. من جهتها، لا تبدو مواطنتها في المدينة أفضل حالاً، وبالتالي تبقى حقوقهما منتهكة بطريقة أو بأخرى.
وسط التقاليد والعادات الاجتماعية المسيطرة في المجتمع اليمني، ما زالت المرأة بعيدة عمّا وصلت إليه قريناتها خارج الحدود، إقليمياً وعالمياً، على الرغم من انتشار وسائل الاتصال التقني والتواصل الاجتماعي في اليمن في الأعوام الأخيرة. ومع الحرب الدائرة منذ أكثر من أربعة أعوام والتي زادت أوضاع نساء اليمن تدهوراً، تلازم البلاد موقعها في المرتبة الأخيرة عالمياً في ما يتعلّق بالمساواة بين الجنسَين، فيما تستمرّ الفجوة بين نساء الريف والمدينة.
وتختلف آراء اليمنيين حول من هي المرأة الأفضل حالاً في البلاد، تلك التي تعيش في الريف أم التي تسكن في المدينة. فتقول أميرة الوصابي لـ”العربي الجديد” إنّ “اليمنيات في الريف يعانينَ أكثر من مواطناتهنّ في المدينة، نتيجة القيود القبلية والمهام المرهقة جسدياً الواجب عليهن ممارستها، في حين يُحرمن من الخدمات التي يستحققنها”. وتشرح أنّ “المرأة الريفية تمارس عدداً كبيراً من الأعمال الشاقة من قبيل الزراعة وجمع الأعلاف ورعي المواشي ونقل المياه على رأسها وكتفيها لمسافات طويلة، وهي أعمال لا تقوم بها من تسكن في المدينة”. كذلك تؤكد الوصابي أنّ “المرأة الريفية تتعرّض إلى انتهاكات كثيرة من قبيل حرمانها من التعليم وتزويجها مبكراً وحرمانها من الميراث، وهي أمور لا تعانيها المرأة التي تعيش في المدينة غالباً”. تضيف الوصابي أنّ “المرأة الريفية العاملة لا تتقاضى عادة أيّاً من مستحقاتها المالية في مقابل مشاركتها في الأعمال الاقتصادية، بل يستأثر الرجل بكلّ شيء فيُنفَق المال بالتالي بحسب تقديره هو”، مشدّدة على أنّ “كلّ ذلك يجعل المرأة ضعيفة ومنساقة لإرادة الرجل وأوامره خوفاً من تطليقها وتركها وحيدة، فلا تتمكّن بالتالي من تغطية أبسط احتياجاتها المعيشية”. وتلفت إلى أنّ “المرأة المطلقة أو المهجورة في الريف قد تعاني من مواجهة العيب المجتمعي الذي يتّهمها بالنقص والانقلاب على أخلاقيات المجتمع لتصير حديث النساء الأخريات وتُحرَم بالتالي من فرصة زواج أخرى”.
وتتميّز المرأة الريفية ببساطة وعفوية فطرية على كلّ الصعد، لا سيمّا بالمظهر وأسلوب التعامل وغيرهما. ويتحدّث الناشط عبد الإله تقي لـ”العربي الجديد” عن “فروقات مختلفة بين المرأة في الريف والمرأة في المدينة”، مشيراً إلى “ظلم وسوء معاملة تعانيهما الريفية من قبل الذكور”. لكنّه يؤكد أنّ المرأة في المدينة ليست أفضل حالاً بكثير، لافتاً إلى “تعقيدات كثيرة تحاوطها إلى جانب عدم الثقة في تعامل الآخرين معها، وذلك كنتيجة للأعراف الاجتماعية السائدة”. يضيف تقي أنّ “المرأة اليمنية في المدينة تبدو كما المرأة السورية إبان الاستعمار الفرنسي، فهي تبدو ككائن جميل وتهتمّ بنفسها فيما يهتّم زوجها بها أكثر ممّا يفعل الرجل الريفي مع زوجته، إلا أنّها ممنوعة من أمور كثيرة”. ويشير إلى أنّ “المرأة بالنسبة إلى الرجل اليمني في المدينة خُلقت للبقاء في البيت، من دون أن يكون لها دورها في الحياة العامة. حتى حركتها خارج المنزل مقيّدة بطريقة أو بأخرى”.
ويتابع تقي أنّ “الأزواج أو الآباء في المدينة الذين يسمحون لنسائهم أو بناتهم بالخروج يحدّدون لهنّ الوقت لذلك مع الموافقة المسبقة على الأماكن المقصودة، علماً أنّهم يبدون حذرين من تنقّلهنّ عبر المواصلات العامة واحتمال تعرّضهنّ إلى مضايقات أو إلى تواصلهنّ مع آخرين”. لكنّه يوضح أنّ “المرأة الريفية في المقابل تتواصل مع آخرين من أهل المنطقة إنّما مع التزامها بتغطية وجهها، من قبيل زوج صديقة لها أو قريب، علماً أنّ القرويين بمعظمهم مرتبطون بعضهم ببعض عبر المصاهرة”. ويلفت تقي إلى أنّ “النساء في عدد من المناطق الريفية يغنّينَ في خلال عملهنّ في الزراعة أو عند نقلهنّ الماء، وفي بعض الأحيان يتناول الرجل وزوجته فطورهما في الحقل ويدعوان من يمرّ بالقرب منهما لمشاركتهما فيه”.
من جهة أخرى، في ما يتعلّق بالعمل في المدينة، فإنّ المرأة لا تحظى إلا بنسبة ضئيلة من فرص العمل لا تتعدّى 18 في المائة بالمقارنة مع ما يحصل عليه الرجل، وهي كذلك لا تتمتّع بحقوق زميلها في العمل مثلما تفرض قوانين العمل المحلية. في السياق، تقول أمّ هناء الكامل لـ”العربي الجديد” إنّ “ما يميّز المرأة في المدينة عن المرأة في الريف، هو أنّها تعمل براتب يحقّق لها الاستقلال المالي وبالتالي تضمن في الغالب الحدّ من تعدّي الزوج عليها جسدياً أو نفسياً”، مشيرة إلى أنّ “العنوسة مصير كثيرات على خلفية عملهنّ وقوّة شخصياتهنّ”. تضيف الكامل أنّ “المرأة في المدينة تشارك زوجها في الإنفاق في ما يخصّ احتياجات الأسرة، غير أنّها تحتفظ بجزء من راتبها لنفسها، وذلك وفقاً لوضع الزوج المالي”، لافتة إلى أنّ “الحرب جعلت شبّاناً كثيرين يفضّلون الزواج من موظّفات حتى وإن كنّ يكبرنَهم سناً، وذلك بسبب انقطاع الرواتب الحكومية منذ ثلاثة أعوام”.
 
 
 
وعلى الرغم من أنّ نسبة التعليم ارتفعت بين نساء المدينة والريف في خلال الأعوام الأربعين الأخيرة، فإنّ التقاء الريفية بالتعليم الثانوي ثمّ الجامعي يبقى محدوداً جداً بسبب غياب المرافق الخاصة أو بعدها عن أماكن سكنهنّ، بالإضافة إلى اعتقاد الريفيين بضرورة زواج الفتاة قبل بلوغها السابعة عشرة من عمرها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى