غير مصنففنون

شهاب المقرمي: فنان رأسماله قلم رصاص وآلاف الوجوه

اعتمد شهاب المقرمي، الذي عمل في الإخراج الصحافي، القلم الرصاص كأداة مهمة في رسم الوجوه على الورق يمن مونيتور/اليمني الأميركي

بقدر اهتمامه برسم وجوه الشخصيات المؤثرة في كافة المجالات يولي الفنان التشكيلي اليمنيّ شهاب المقرمي، وجوه الناس العاديين اهتمامًا موازيًا، بل إنه يُعلن بين الفترة والأخرى على حائطه في “فيسبوك” عن أسعار اللوحات لِمن يرغب برسم وجهه، وهو أمر يُعزز من مكانته كفنان بورترية محترف استطاع أن يرسم آلاف الوجوه المؤثرة في كل مجال، ليس في اليمن، وإنما في كل البلدان العربية وعدد من بلدان العالم على اختلاف المواقف من أصحابها، والتي عمل جاهدًا على ضمها في كتاب بعنوان: “وجوه رصاصية”، صدر عام 2008م، في تجربة لافتة تجاوز فيها الكثير من المعوقات منتصرًا لتجربته التي يعتمد فيها على رؤيته الفنية وقلمه الرصاص، وهي تجربة لا زالت تُصارع واقعها المرير تحت ظلال الحرب المستعرة هناك.
اعتمد شهاب المقرمي، الذي عمل في الإخراج الصحافي، القلم الرصاص كأداة مهمة في رسم الوجوه على الورق، وكانت بداياته مع الوجوه في تسعينيات القرن الماضي، لكنها تطورت مع بداية الألفية الثالثة، حيث اكتسب مهارة أثمرت، لاحقًا، مشروعًا اشتغل فيه على رسم الوجوه المؤثرة في عديد من بلدان العالم بما فيها شخصيات بلاده، وهي تجربة تسامقت فيها رؤيته، وتجذرت علاقته بفن لوحات الوجوه (بورترية).
أولى شهاب، وكان يجيد رسم الكاريكاتير، اهتمامًا مبكرًا بالوجوه، انطلاقًا من اهتمامه بقراءة سير الشخصيات العامة وحرصه على الغوص في أعماقها، وهو ما أثّر، بشكل كبير، في اتجاهه لرسم الوجوه باعتبار الوجه أهم جزء في الشخصية ويختزل ملامح الذات، علاوة على أن الناس – كما يقول: “هُم مادة الفن، وكثيرًا ما قضيتُ الساعات مراقبًا وجوه الناس وانفعالاتها ولفتاتها وحركاتها.. وبعض الوجوه التي رسمتها كانت تُشعرني بالرعب، وبخاصة وجوه قادة الحروب والدول.. وبعضها بالفرح والإعجاب، وبعضها تشدني معها وكأني أتسلق صخورًا وأهبط أخاديد من كثر ما خط فيها الدهر قسوته وحدّته”.
يتصدر أعمال شهاب عمل أسماه “الذاكرة الشهابية”، وهي عمل حشد فيه أكثر من 200 وجه من الشخصيات المؤثرة محليًّا وعربيًّا وعالميًّا، خيرًا وشرًا، التقوا – جميعًا – في لوحة واحدة بدأها برواد التنوير كجمال الدين الأفغاني ومحمد عبده، مرورًا بمؤسسي الحركات والاتجاهات الدينية والقومية والسياسية، وقادة الدول والحروب، خاصة الحرب العالمية الثانية.. وفي هذه اللوحة صنف الوجوه إلى مجموعات تبدأ بالساسة، ثم الأدباء ثم الرياضيين فالفنانين والصحافيين، وختمها بخارطة وجوه بلاده اليمن.
كما سبقت الإشارة، يرسم شهاب بالقلم الرصاص، مستخدمًا ما تُعرف بـ “دعكة الأصبع” في اشتغاله على الملامح؛ وهي ملامح تبدو هادئة ساكنة في الغالب، لكنه يحرص، من خلالها، على تقديم هُوياتها؛ فإبراز هُوية الوجه مَهمة ليست يسيرة، بل يمكن، من خلالها، معرفة مدى جودة أيّة بورترية لأيّ فنان.. وهنا لا يلتزم شهاب بما تبرزه الصورة الفوتوغرافية التي يشتغل عليها، بل إنه يضيف ويحذف ما يُعزز ويبرز خصوصية هُوية الوجه الذي يقدمه، “وهنا تكمن مهمة الفنان وتتجلى خصوصية البورترية عن الصورة الفوتوغرافية “، يقول شهاب.
كان شهاب شجاعًا وهو يفرغ نفسه لرسم آلاف الوجوه من بلدان ومجالات مختلفة بما فيها وجوه مثيرة للجدل يختلف حولها الناس، ويمكن أن يُسقطوا اختلافهم حولها من خلال رفضهم لِما يقدّمه، لكنه لم يهتم بهذا، واستمر على الرغم من الظروف الاقتصادية القاسية التي عاشها، وما زال يعيشها ككثير من المبدعين في بلاده، لا سيما في ظل ظروف الحرب التي ضاعفت من معاناته بلا شكّ.
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى