في السياق، يقول خالد حسين، وهو من سكان المدينة، إنّ “افتقار مأرب وضواحيها (مركز المحافظة) إلى شبكة رئيسة لمياه الصرف الصحي تسبب في معاناة كبيرة للمواطنين القاطنين فيها، من جراء فيضان مياه المجاري بين الحين والآخر في الشوارع والأحياء”.
يمن مونيتور/العربي الجديد
إحدى المشاكل الأبرز في محافظة مأرب، وسط اليمن، افتقارها إلى خدمات الصرف الصحي، ما يضع السكان أمام تحدٍّ أخطر، هو انتشار الأمراض التي تتسبب بها المياه الآسنة في الطرقات
تسببت الحرب المستمرة في اليمن منذ أكثر من خمس سنوات بنزوح مئات الآلاف من مناطق يمنية مختلفة إلى محافظة مأرب (شرق)، التي كانت وما زالت محرومة من كثير من الخدمات والبنى التحتية، بالرغم من أنّها تابعة للحكومة الشرعية، وآمنة من التعرض لغارات التحالف السعودي – الإماراتي. وهو ما أدى إلى بروز مشاكل وتحديات كثيرة على رأسها شبكات المجاري والصرف الصحي.
وعلى الرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها السلطات المحلية في مدينة مأرب لتوفير الخدمات للسكان الأصليين والنازحين، فقد فشلت في بناء شبكات جديدة لمياه الصرف الصحي استجابة للتوسع العمراني الكبير الذي تشهده المدينة منذ سنوات. بذلك، يلجأ السكان الميسورون إلى حفر آبار خاصة للتصريف الصحي تُسمى محلياً بـ”البيّارات”، والتي يجري فيها جمع المياه الآسنة المستخدمة في المنازل، في حين عجز آخرون عن فعل ذلك، خصوصاً القاطنين في مخيمات النزوح، من جراء الأوضاع المعيشية الصعبة.
في السياق، يقول خالد حسين، وهو من سكان المدينة، إنّ “افتقار مأرب وضواحيها (مركز المحافظة) إلى شبكة رئيسة لمياه الصرف الصحي تسبب في معاناة كبيرة للمواطنين القاطنين فيها، من جراء فيضان مياه المجاري بين الحين والآخر في الشوارع والأحياء”.
يضيف لـ”العربي الجديد”: “لجأ كثير من سكان المدينة إلى حفر البيّارات الخاصة، كحلّ أخير لمواجهة مشكلة الصرف الصحي، لكنّ إنشاءها بطرق عشوائية وسط الطرقات الرئيسة، أدى إلى انهيار بعضها بمجرد مرور السيارات من فوقها، ما تسبب بأضرار مادية كبيرة، فضلاً عن الأضرار الصحية”. يشير إلى أنّ أحد أقاربه “تعرض لحادث سقوط في إحدى البيّارات أثناء مروره بسيارته من فوقها ما أدى إلى هلعه بالإضافة إلى تضرر سيارته بشكل كبير”. يطالب حسين السلطات المحلية في محافظة مأرب بإنشاء شبكات رئيسة لمياه الصرف الصحي عاجلاً، للتخفيف من معاناة المواطنين وللحدّ من انتشار الأمراض.
من جهته، يقول يحيى الأحمدي، إنّ “فيضان مياه المجاري في شوارع وأحياء مدينة مأرب يهدد بكارثة صحية ناتجة عن انتشار الأمراض”.
يضيف لـ”العربي الجديد”: “المدينة شهدت خلال السنوات القليلة الماضية توسعاً كبيراً في الرقعة العمرانية، من جراء تدفق النازحين إليها من مختلف مناطق اليمن. وقد أدى ذلك إلى تدني الخدمات الأساسية المقدمة للمواطنين بفعل الضغط عليها”. يصف مدينة مأرب بالـ”منكوبة”، فالروائح الكريهة تملأ الشوارع، فضلاً عن انتشار البعوض الناقل للأمراض، نتيجة فيضان مياه المجاري.
أما محمد الريمي، وهو نازح من صنعاء إلى مخيم الجفينة، شرقي مأرب، فيقول إنّ “جميع الأسر النازحة في مخيم الجفينة تعاني من مشاكل مختلفة بسبب غياب شبكات مياه الصرف الصحي وبقية الخدمات الأساسية في المخيم”. يضيف لـ”العربي الجديد”: “أطلقنا عدة مناشدات للسلطات المحلية ومؤسسة المياه والصرف الصحي بالمحافظة، لكنّهم يكتفون بالوعود فقط ولا يقدمون شيئاً”. يشير إلى أنّ الأمراض والأوبئة تنتشر بكثافة في المخيم من جراء فيضان مياه الصرف الصحي في الشوارع من وقت إلى آخر بالإضافة إلى استمرار تراكم النفايات”. يطالب الريمي السلطات المحلية في محافظة مأرب والمنظمات الدولية العاملة في المجالين الإنساني والصحي بتوفير جميع الخدمات الأساسية في المخيم للتخفيف من معاناة الأسر النازحة.
إلى ذلك، يُقرّ مدير مؤسسة المياه والصرف الصحي في محافظة مأرب، حسين الجلال، بالحاجة الملحّة لإنشاء شبكات جديدة لمياه الصرف الصحي في مدينة مأرب، خصوصاً في ظل التزايد المستمر لأعداد النازحين من المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين. لكنّ قلة الإمكانات منعت تنفيذ المشروع خلال السنوات القليلة الماضية. يقول الجلال لـ”العربي الجديد”، إن “الصندوق السعودي للتنمية تكفل أخيراً بتمويل مشروع إنشاء شبكة حديثة لمياه الصرف الصحي ومحطة لمعالجتها في محافظة مأرب بطول 140 كيلومتراً وبكلفة تصل إلى 10 ملايين دولار أميركي”. يضيف: “المشروع ما زال قيد الدراسة والمراجعة من قبل إحدى الشركات الاستشارية، وسوف يتم البدء في تنفيذ المشروع فور استلام السلطات المحلية للمحافظة الدراسة النهائية للمشروع، من أجل إنهاء معاناة المواطنين”. يتابع الجلال أنّ “التأخر في تنفيذ مشروع شبكة الصرف الصحي الجديد دفع مؤسسة المياه للتواصل مع مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا) عبر إحدى المؤسسات المدنية، لتمويل تنفيذ خط مواسير ناقلة لمياه الصرف الصحي، قطره 20 إنشاً، بدلاً من خط المواسير القديم الذي كان قطره 8 إنشات، لأنّه لم يعد يلبي الغرض، بسبب زيادة السكان وتوسع الرقعة العمرانية في المحافظة منذ بدء الحرب”. يضيف: “وافقت أوتشا على تمويل المشروع الذي يشمل أيضاً إنشاء خزانات جديدة لمياه المجاري بديلة عن الأحواض التي تتجمع فيها المياه حالياً والتي تسببت بكثير من المشاكل الصحية والبيئية”. ويؤكد أنّ “عملية حفر البيّارات عشوائياً وبعمق كبير تؤدي إلى اختلاط مياه الشرب النظيفة مع مياه الصرف الصحي الناقلة للأمراض، وهو ما قد يؤدي إلى كارثة صحية”.
وعن مشكلة فيضان مياه المجاري بين الحين والآخر في شوارع وأحياء مدينة مأرب، يقول الجلال إنّ صندوق النظافة والتحسين في المدينة يعمل باستمرار على شفط المياه من البيّارات الممتلئة، لكنّه يملك شاحنتين للشفط فقط، لذلك يتأخر أحياناً في هذه العملية”. ويلفت إلى أنّ “مؤسسة المياه في مأرب تواجه الكثير من التحديات التي تعيق تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين”.
وبحسب خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن لعام 2019 التي أعدتها الأمم المتحدة في فبراير/ شباط الماضي، فإن إجمالي عدد المواطنين الذين يحتاجون إلى مياه صالحة للشرب ومشاريع صرف صحي ونظافة صحية بلغ 17.8 مليون شخص (أكثر من نصف السكان)، في كلّ أنحاء البلاد، بكلفة تصل إلى 285 مليون دولار أميركي. ووفقاً للوحدة التنفيذية لمخيمات النازحين في اليمن، فإنّ عدد النازحين داخل البلاد لعام 2018، بلغ 3 ملايين و850 ألف شخص، بزيادة مليون و500 ألف شخص عن 2017، منهم 859 ألفاً في محافظة مأرب (شرق) وحدها.