“الانتقالي الجنوبي” بعد عامين من تشكيله.. خطاب إقصائي يستهدف الجميع وممارسات شمولية تدمر المجتمع
منذ تشكيله في مايو/أيار ٢٠١٧ ارتبط خطاب المجلس الانتقالي كأداة تحركها أبو ظبي بالعنف والإقصاء واتسمت ممارساته بالشمولية وتخوين المخالفين وتدمير بنية المجتمع وتمزيق نسيجه الاجتماعي.
يمن مونيتور/ عدن/ تحليل خاص:
منذ تشكيله في مايو/أيار ٢٠١٧ ارتبط خطاب المجلس الانتقالي كأداة تحركها أبو ظبي بالعنف والإقصاء واتسمت ممارساته بالشمولية وتخوين المخالفين وتدمير بنية المجتمع وتمزيق نسيجه الاجتماعي.
ومنذ لحظة إعلانه احتكر التمثيل الشعبي واعتبر نفسه الممثل الوحيد لأبناء المحافظات الجنوبية عبر مسرحية أسماها (التفويض) التي اعتبرها تفويضا مطلقا في احتكار التمثيل والحديث باسم الجنوبيين بصفته الكيان الوحيد والتيار الأوحد.. وعلى البقية التزام الصمت والتسليم حتى لا تتهمه بقايا الانتقالي بالخيانة العظمى والوقوف في صف الأعداء التاريخيين للجنوب، والعدو في نظر الانتقالي هو كل من يتم توصيفه بانه عدو حتى لو لم يكن كذلك.
وفي التأمل في خطابات الانتقالي من بيانات وتصريحات يجد المتابع أن كل من يخالف توجهات الانتقالي أو يعارض سياسة داعميه فانه عدو يجب القضاء عليه أو خائن لابد من تصفيته، بأي شكل من أشكال التصفية المادية والمعنوية.. كشفت عن ذلك إحدى خطب الجمعة في ساحة تجمع تتبع الانتقالي حينما قال خطيبهم إن من يخالف الانتقالي يعتبر خائنا ودمه حلال.. وكل ذلك يهدف إلى أن تصبح الساحة في عدن وبقية محافظات الجنوب حكرا على الانتقالي، وبالتالي تسهل سيطرة الممولين عليها لتحقيق أهدافهم الظاهرة والخفية وتنفيذ أجندتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وبالنظر إلى ممارسات المجلس الانتقالي والمليشيا الموالية له المدعومة إماراتيا نجدها تصب في الاتجاه ذاته، إقصاء كل المخالفين واعتبارهم “خونة متآمرين وجواسيس” يجب معاقبتهم بالقتل حينا وبالاختطافات والاعتقالات وتلفيق التهم أحيانا أخرى.. وفي يناير/كانون الثاني2018 كانت عدن على موعد مع معركة دامية قادها الانتقالي ضد مؤسسات الدولة ومعسكرات الجيش والأمن وأريقت الكثير من الدماء حينها تحت مبرر مواجهة الحكومة الفاسدة، وإجبارها على مغادرة عدن ليسهل على الانتقالي السيطرة على المؤسسات والمرافق الحكومية وفرض سلطة الأمر الواقع كما فعلت جماعة الحوثي في صنعاء قبل أربع سنوات.
وكشفت تلك المغامرة الدامية عن نزعة الانتقالي نحو العنف تلبية لرغبته في السيطرة دون أن يضع في الاعتبار ما يمكن أن تقود إليه تلك الأعمال من خسائر وما يدفعه المجتمع من ثمن باهظ في أمنه واستقراره وأرواح أبنائه.
واعقب خطابات الانتقالي المتوالية أعمال ممهنجة دعا إليها وشجعها وظهرت فيها بصمته حتى وإن ادعى غير ذلك، ولم تتوقف ماكينته عن إنتاج ممارسات عنيفة هنا أو هناك، تحت لافتة المليشيا الموالية أو بأسماء كيانات أنشأها ومكونات يرعاها، قامت بمهاجمة المؤسسات والوزارات وسعت إلى تعطيل وعرقلة حركة الحياة بأشكال وأساليب متعددة، فضلا عن كونها أوصلت الصراعات إلى مناطق ومديريات ظلت عقودا طويلة بعيدة عن كل صراعات الماضي وفي محافظة المهرة البعيدة وجزيرة سقطرى النائية كثير من الأدلة على انتهاج المجلس الانتقالي خط التصعيد ضد المجتمع بإشعال نيران الصراع دون تفكير بالعواقب مهما كانت خطورتها وآثارها المدمرة.
وقد توالت تحذيرات العقلاء داخل عدن وخارجها من هذا الخطاب العدواني وما يؤسس له من أعمال وممارسات تنسف قيم التعايش السلمي وتعرض البلد لمزيد من الاحتقان والدمار والخراب ناهيك عن تدمير مقومات الحياة السياسية والاجتماعية والإجهاز على التنوع والتعدد بين القوى الوطنية والمكونات السياسية والثقافية، كما أن هذه الممارسات في ظل ما تعيشه اليمن من حرب شاملة ضد مليشيات الانقلاب الحوثي تضعف الجبهة الداخلية وتمنح العدو الحوثي فرصة ثمينة للاسترخاء ومن ثم استئناف الحرب وفق اختياره وحسب استعداده كما يفعل اليوم في جبهات عديدة.
وبالمثل جاءت تقارير وبيانات المنظمات الدولية أكثر وضوحا في الإشارة إلى ممارسات الانتقالي كإشكالية تعرقل أداء الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا، وتقوض الأمن والاستقرار.
بيد أن النداء الأكثر حرصا والأقوى حجة هو ما يتجلى في أحاديث وتصريحات وكتابات الخبراء والسياسيين والكتاب والعسكريين السعوديين، حين حذروا من خطورة ممارسات الانتقالي ليس على اليمن وحده ولكن على أمن اليمن والمملكة إذ تتلاقى ممارسات الانتقالي (وفقا لآراء النخبة السياسية في المملكة العربية السعودية ودولة الكويت)، مع ممارسات الأدوات والأذرع الإيرانية ما يعني أولا إعاقة تحقيق أهداف عاصفة الحزم وإعادة الأمل، وثانيا إشغال اليمن وجيرانها عن معركتها الأساسية في كبح جماح طهران واستعادة الدولة اليمنية، بمعارك جديدة ليس من مصلحة أحد في المملكة والخليج العربي اندلاعها في هذا التوقيت.