أخبار محليةتقاريرغير مصنف

“الفاو” جنوبي مأرب.. من هنا مرّ الحوثيون!

“غادرناها وهي مزروعة سمسم، وعدنا إليها بعد نحو أربعة أشهر وهي مليئة بالألغام والمتاريس”، هكذا استهل “علي صوفان” حديثه لنا، واصفاً مزرعته التي اتخذها الحوثيون مترساً كبيراً أثناء هجومهم على مدينة مأرب من جهة الجنوب، قبل أن يغادروها في الخامس من الشهر الجاري. يمن مونيتور/ مأرب/ تقرير خاص

“غادرناها وهي مزروعة سمسم، وعدنا إليها بعد نحو أربعة أشهر وهي مليئة بالألغام والمتاريس”، هكذا استهل “علي صوفان” حديثه لنا، واصفاً مزرعته التي اتخذها الحوثيون مترساً كبيراً أثناء هجومهم على مدينة مأرب من جهة الجنوب، قبل أن يغادروها في الخامس من الشهر الجاري.
ذاع صيت منزل “صوفان” خلال الأشهر الماضية، ودارت في محيطه أعنف المواجهات بين المقاومة الشعبية ومسلحي الحوثي، لكنه بدا اليوم عبارة عن بقايا منزل، حولته الحرب إلى ما يشبه خرابة مهجورة.
في الصباح كان مهندسو نزع الألغام يطلبون من “صوفان” التوقيع على ورقة تسلّم منزله خالياً من أي لغم، كتب الرجل سنداً بالاستلام ممهوراً بتوقيعه، وعاد يناظر بقايا منزله الذي دمرته الحرب!
تحيط بمنزل “صوفان” مزرعة للبرتقال والسمسم، لكن الحوثيين حولوها إلى أخاديد تمتد مئات الأمتار، وحفروا بين كل أربعة أمتار ما يشبه الغرفة الصغيرة خصصوها لتخزين الأكل والذخيرة، وربما يتخذها المقاتلون كاستراحة لهم.
يقول “علي صوفان” لمراسل “يمن مونيتور”، إنه وعائلته وثلاثة من أشقائه غادروا منازلهم منذ الرابع من يونيو/ حزيران الماضي، تاريخ دخول مسلحي الحوثي منطقة “الفاو”، جنوب مدينة مأرب، ولم يعودوا إليها إلا يوم “التحرير”، أي يوم الخامس من أكتوبر الجاري، عندما حررت المقاومة والجيش الوطني مناطق مأرب الجنوبية والغربية من الحوثيين.
يسرد “صوفان” والحسرة تبدو على ملامح وجهه، تفاصيل رحلة من النزوح استمرت أكثر من أربعة أشهر، تعرضوا خلالها للمشقة والعناء، إذ عاشوا أياماً عصيبة في ضيافة أقارب لهم، واصفاً ذلك بـ”التجربة المريرة أن تعيش أنت وعائلتك، لأول مرة، في العراء وبلا مأوى، فيما تشعر أن منزلك الأصلي مستباح للمليشيات، تتخذه مترساً في هجومها وعدوانها على مدينتك”.
يضيف، وهو يؤشر باتجاه المنزل المتضرر تماماً، “لم يعد منزلنا صالحاً للسكن، لا ماء ولا كهرباء، لا ظل، أضف إلى ذلك أن الألغام مزروعة في كل مكان، فأمس الثلاثاء انفجرت أربعة ألغام بجانب المنزل راح ضحيتها 5 أشخاص، منهم أربعة من عائلة واحدة”.
يتابع، “من الصعب جداً تخيل اللحظة التي تفقد فيها كل شيء، منزلك ومزرعتك، هذا كد وعمل سنين، وفجأة يذهب كل شيء”.
ويقول “صوفان” رداً على سؤال بشأن شعوره للوهلة الأولى وهو يعود إلى منزله بعد الدمار الذي لحق به، “وصلنا مباشرة يوم الـ5 من أكتوبر الجاري، بعد تحرير المنطقة من الحوثيين، راينا عربة تابعة للمقاومة وهي تحترق نتيجة انفجار لغم أرضي، راينا منازلنا مدمرة، في الحقيقة لم تعد إلا بقايا منازل، لم نستطع الدخول إلى المنازل تخوفاً من الألغام، تصور هذا.. أن تفصل بينك وبين منزلك أمتار معدودة، لكنك لا تستطع أن تدخله، لقد عشنا المأساة على حقيقتها”.
وفقاً لـ”صوفان” فإن الحوثيين يتحملون المسؤولية تجاه ما حدث، ولا يمكن تحميل المقاومة الشعبية التي دافعت عن شرف مأرب وكرامته أي تبعات، لأنها دافعت عن مأرب بأرواح أبنائها، ولولاها لما عدنا اليوم إلى هنا”.
“وجود مهندسي الألغام جعل الناس تطمئن إلى خلو بعض المناطق من الألغام، لكنها مع هذا لم تعد صالحة للسكن، وهي بحاجة إلى ترميم قد يأخذ أسابيع أو أشهر، والناس محتاجة إلى خيام أو ما شابه ليسكنوا فيها حتى يتدبروا أمرهم”. يضيف “صوفان”.
على مقربة من منزل “صوفان” عشرات المنازل، يطلب أهلها من الصحفيين التقاط صور لها، علّ ذلك يُسهم في إيصال صوتهم إلى جهات الإغاثة وإعادة الإعمار، أو الحصول على تعويض من الحكومة الشرعية أو التحالف العربي.
“حمد لصوع” يتكئ أمام منزله ومستودعه اللذان طالت الحرب بعض أجزائهما، يقول، “عدت إلى هنا “يوم التحرير” أي الـ 5 من أكتوبر الجاري، وتفاجأت بحجم الدمار الهائل في المنزل، ومستودعه التجاري الذي يقول إنه خسر الملايين جراء الحرب”.
يبدو “لصوع” أكثر تفاؤلاً وهو يقول لـ”يمن مونيتور”: “سنعوّض ما لحق بنا من خسائر، لو يروح كل شيء طحين، المهم الا نخضع لسلطة الحوثيين الذين منعونا من دخول منازلنا إلا بأمر مسؤول المليشيات في المنطقة”.
لكنه استدرك، “تضررنا كثيراً، فقدنا “تحويشة العمر”، المنازل، المحال التجارية، فقدت نحو 7 مليون ريال هي قيمة “زيت” و”شحم” احترقت داخل المستودع، كما أن الحوثيين نهبوا كل شيء”.
يتدخل “عبدالله البيضاني”، وهو مهندس سيارات يمتلك ورشة في “الفاو” تعرضت للتدمير، بالقول، “طردونا الحوثيون في شهر رمضان من منازلنا وأعمالنا ومنعونا من الدخول إلا بإذن أحد القيادات الحوثية التي تنتمي إلى “الأشراف”، لذا اضطررنا للمغادرة وترك منازلنا وأماكن أعمالنا”.
يضيف وهو يصفق بإحدى كفيه على الأخرى، “خسرنا كل شيء، تضررت الورشة، السيارات، تسبب الحوثيون لنا بدمار شامل في كل شيء”.
يتابع، “نريد لجنة توثيق للتاريخ، التعويض يمكن أن يكون موضوعاً لاحقاً، الآن لا بد من توثيق لجرائم مليشيا الحوثي والعبث الذي خلفته الحرب في هذه المنطقة”.

وتعتبر منطقة ” الفاو” جنوبي مدينة مأرب، واحدة من أكثر المناطق تضرراً من الحرب التي دارت بين المقاومة الشعبية ومسلحي الحوثي واستمرت لأشهر، واتخذ الحوثيون منازل عديدة للمواطنين مقار لهم ومخازن للسلاح، وتسببوا في تعرض تلك المنازل والمزارع لضربات الطيران ومدفعية الجيش والمقاومة الشعبية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى