كل مصيبة تحل على اليمنيين يخرجون منها وهم يبتسمون كأن الدنيا لا تعني لهم شيئا قط أو كأنهم قد ألفوا كل تعب فلم يعد يتعبهم شيء وإن كان عظيما إلى درجة لا يتوقعونه.
أقبل شهر رمضان علينا ونحن نحمل أوجاعنا بأيدينا ونحمل الهموم بقلوبنا التي قد أثقلناها بالأتعاب المتواصلة.
لم يكن العهد الأول لأبناء اليمن في رمضان هذا أن يتعبوا، ولم يكونوا ممن نسوا ما أصابهم رمضانُ الأول من خيبات وهزائم كثيرة لاحصر لها، ليس أمام اليمنين اليوم إلا أن يستقبلوا هذا الشهر كما استقبلوا سابقيه بنوع من السخرية واصفرار الكف وازدياد الهموم على ما كانت عليه في السابق، ثم يتعايشون معه كما تعايشوا مع الألغام والأنقاض والأشلاء المتناثرة حولهم حيثما حلوا ورحلوا.
ليس أمامهم إلا أن يتأقلموا مع الوضع الجديد الذي كان يعد له العدة في السابق استعدادا لقدومه، وكيف لا يتأقلم اليمنيون مع الوضع الجديد الذي يتطلب إمكانيات لا وجود لها في اليد هم الذين تجلدوا وتصبروا وذاقوا وبال أمر الساسة بكل حين.
سيصبرون اليوم على ماهم عليه وسيحتسبون الأجر عند بارئهم فهو مجزي الصابرين جزاء صبرهم.
كل مصيبة تحل على اليمنيين يخرجون منها وهم يبتسمون كأن الدنيا لا تعني لهم شيئا قط أو كأنهم قد ألفوا كل تعب فلم يعد يتعبهم شيء وإن كان عظيما إلى درجة لا يتوقعونه.
هاهم اليوم يستقبلون رمضان وهم هلكى من نواح عدة يستقبلونه مع الانفلات الأمني الذي يزداد غلاظة يوما بعد آخر يستقبلونه مع الأمراض القاتلة التي لم تدع بيتاً إلا زارته وحلت فيه، وربما لم تخرج منه إلا بأخذ أرواحا بريئة منه، يستقبلونه من شحة الإمكانيات بل مع عدمها وحلول الخيبات والفجائع.
لم يعد الأطفال اليوم يحلمون بالوجبات الرمضانية التي يعشقونها، فقد أصبح للأطفال همٌ كهمّ الآباء تماما، بل إن منهم من يقضي النهار تحت حرارة الشمس يمشط الجبال حاملاً معه بضاعة زهيدة من الخضار يحاول من خلالها أن يوفر للبيت بعضا مما يطلبون.
على هذه الحال أتانا رمضان وربما يغادرنا ونحن على ما نحن عليه، وقد يأتي مرة أخرى ونحن ما نزال في العناء ذاته.
كيف لا ونحن كلما أردنا الخروج من هذه الأزمة الخانقة للجميع نتفاجأ برد السياسيين أننا ما زلنا في بداية المشوار.
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن سياسة (يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشرها دون الإشارة إلى مصدرها الأصلي.