“قلوب غير مرئية”: أصداء بصرية من اليمن
تظل هناك محاولات لكسر هذا الطوق الذي فرضه التهميش العالمي على الفن اليمني المعاصر يمن مونيتور/العربي الجديد
بخلاف ما حدث للفنون التي أنتجها فنانو سورية ومصر وتونس، لم تلق التجارب الفنية اليمنية الاهتمام نفسه، وبدا كأن حرب اليمن ورحلة لجوء أهلها ونزوحاتهم ليست “لافتة” بما يكفي للمؤسسات الفنية في العالم العربي أو في الغرب على السواء.
ساهم في ذلك شبه تجاهل إعلامي لـ التراجيديا اليمينة، وبالطبع لا يمكن أن يخلو الأمر من تفسير سياسي، يلتقي مع حقيقة أقل تعقيداً تتعلق بعدد الفنانين اليمنيين مقارنة بالعدد الكبير للفنانين السوريين الذي هاجروا مثلاً وتفاوُت تجاربهم والتجديد فيها، وانتشارهم في مدن أوروبية مختلفة تلقّفت مؤسساتها هذه التجارب وجعلت من كثيرٍ منها قضايا إنسانية أكثر من كونها إبداعية.
لكن تظل هناك محاولات لكسر هذا الطوق الذي فرضه التهميش العالمي على الفن اليمني المعاصر، من ذلك معرض “عن أصداء قلوب غير مرئية: صناعة الصور والأرشفة في زمن من الارتباك”، الذي يختتم اليوم في “ستيشن بيروت”، حيث تجتمع أعمال فنانين من اليمن هم ياسمين دياز، وعليا علي، وعارف النُمي، وثناء فاروق، وابن صيرة، ورحمان طه، ويرافق المعرض دليل مصوّر للمصممة اليمنية زلفة إسحاق.
عمل لـ عليا عليالمعرض جزء من سلسلة معنية بتقديم الفن اليمني المعاصر، تقام تحت عنوان “عن أصداء قلوب غير مرئية” في مدن مختلفة، وفي كل مرة يختلف العنوان الفرعي للتظاهرة التي تنظمها مؤسسة “رموز” ضمن برنامجها الثقافي “ديوان الفن”، حيث كانت بداية السلسلة في برلين، أيلول/ سبتمبر الماضي، بأعمال اشتبكت مع ثيمة “روايات النزوح اليمني”.
تشترك الأعمال المشاركة في اعتمادها بشكل أساسي على الفوتوغرافيا والتركيب، ففي سلسلة صور عليا علي التركيبية تعود الفنانة إلى تفجير ضحيان الذي وقع في 2018 وراح ضحيته اثنان وأربعون من أطفال المدارس في رحلة ميدانية.
العمل بشكل أساسي يتناول المفاهيم المتناقضة المحيطة بالنزاع والسلام والأمل واليأس والحكومة والفرد، وفيه تظهر صورة فوتوغرافية لرأس الفنانة، بينما تلتف حوله خيوط من منسوجات تقليدية من مختلف المناطق في اليمن.
عمل لـ ياسمين ديازفي حين تعتمد ياسمين دياز في عملها على محتوى مصادر الأخبار الأميركية خاصة حول اليمن، من صحف “وول ستريت جورنال”، و”نيويورك تايمز”، و”لوس أنجلوس تايمز” وغيرها، وتصمم الفنانة ما يشبه رسماً بيانياً تجريدياً يربط بين الزيادة المفاجئة في التغطية اليمنية ومقتل جمال خاشقجي.
أما عمل عارف النُمي فيستند إلى صور رقمية التقطها في “مهرجان صيف صنعاء” 2014، قبل اندلاع الحرب في اليمن، والتي تعرض كثير منها إلى التلف على كمبيوتره الخاص، ويصل عددها إلى ثمانين صورة، يوظّفها في تقديم صور سوداوية كان يفترض أن تكون لقطات لاحتفال بهيج. وليس بعيداً عن أجواء النُمي، يأتي عمل ثناء فاروق الذي يقوم على خسارة أرشيف صورها في صنعاء، فتبدأ في صناعة سلسلة بصرية تقوم على المزج بين الحقيقة والخيال وبين الذاكرة والحلم.
بالنسبة إلى أعمال الفيديو التي يقدمها ابن صيرة، فتركز على توثيق التراث المدمر والعمارة وما تتعرض له في مسقط رأسه عدن، حيث يقوم بعمليات تجوال في الأماكن الأثرية الدينية في مدينته، ويدرس علاقة الهدم والتخريب بالروايات السياسية والدينية والتاريخية المهيمنة.
أما مشاركة فنان الفوتوغرافيا رحمان طه، فتناول فيها تاريخ اليمن الثقافي من خلال شخصية علي، الرجل اليمني المسن الذي قضى حياته يعمل في زراعة البن، وعاصر كل الصراعات اليمنية المفصلية، ومن خلال حياته وحركته يحاول الفنان أن يتتبع جزءاً من تاريخ اليمن.