كتابات خاصة

الدولة الاتحادية هي الحل

أحمد ناصر حميدان

مشروع الدولة الاتحادية وضع القضية الجنوبية محور أهدافه ومخرجات حواره الوطني وحقق لها الكثير، جعل الجنوب ندّاً للشمال، ووضع ضمانات عدم غلبة العدد السكاني في الشمال على الجنوب، ولا يزال البعض يضع هذه الغلبة في أولويات هواجسه.

لا نرى غير النقد الجارح لمشروع الدولة الاتحادية، نقد موجه بهدف تشويه المشروع، واظهاره وكأنه مؤامرة على القضية الجنوبية.
والحقيقة أن مشروع الدولة الاتحادية وضع القضية الجنوبية محور أهدافه ومخرجات حواره الوطني وحقق لها الكثير، جعل الجنوب ندّاً للشمال، ووضع ضمانات عدم غلبة العدد السكاني في الشمال على الجنوب، ولا يزال البعض يضع هذه الغلبة في أولويات هواجسه.
كل هذه الهجمة لا تستند لدراسات مستفيضة، ولا لمخرجات ندوات ومنتديات علمية، هي جزء من الحرب ضد الدولة الاتحادية، باعتقاد البعض أنها ستحد من انتشار مزاجه السياسي، وستسحب البساط من تحت مشروعه الخاص، هجمة تعبر عن عجز وفشل أصحابها في تقديم مشروع أفضل، لا يملكون غير شعارات ووعود، قد شبع الناس منها وتقيؤها.
مهما بذلت من جهود لن تنتج مشروعاً مثالياً، وللعلم الدولة الاتحادية مشروع قابل للنقاش والنقد البناء لإغنائه، تطلعاتنا أكبر، وما أنجز في مشروع الدولة الاتحادية كان في يوم مستحيل، فكرة المشروع مطلوبة اليوم كحل سلمي لإخراج البلد بسلاسة مما هو فيه، لنصل لتسليم  السلطة للناس دون وصاية، وأي سلطة مصدرها الشعب، سترعى قضاياهم، ترعى المواطنة والعدال والحرية، النظام والقانون هما الحكم، فيها الرئيس حتى أصغر معاونيه موظفين لدى هذا الشعب، عرضه للعقاب والحساب، غير محمين لا قبلياً ولا طائفياً ولا عسكرياً، الجيش والأمن وطني بامتياز.
سيقول أحدهم إن هذا حلماً طوباوياً، والنغمة اليوم عن حرب شمالية جنوبية، وسيقدم كل عيوب الماضي للشمال، والجنوب ضحية فقط، بينما الحقائق غير ذلك، الشمال والجنوب بنية إجتماعية متشابهة، فيها بؤر العصبية، ومناطق تنوير ومدنية، تحتاج فقط لنظرة محايدة صادقة وتحليل علمي ومهني والحقيقة ستكون واضحة.
ها هو الجنوب يحكمه ابناؤه، ووضعه لا يسر، وارتفع ترمومتر العصبية والتعصب القادم من بؤر التخلف فيه ليجتاح عدن المدنية والتنوير.
ما حدث لا يمثل كل الشمال، وما يحدث لا يمثل كل الجنوب، بهذه العقلية لن ننتج حلول ناجعة، إذا استطعنا أن نصطف مع النظام والقانون سنخضع كل تلك المخاوف للقانون، والقانون ينظم الحياة، والذين تراهم اليوم مخاوف غدا ستراهم مستسلمين خاضعين لهذا القانون، إذا أمنوا على حياتهم ومالهم، وشعروا بالعدل والانصاف والحق؛ المجتمع اليمني بالشمال والجنوب مجتمع قابل للإصلاح، إذا صلحت النفوس والنوايا.
من غرائب البعض، في وقت الطلب للنقاش مشروع الدولة الاتحادية واغنائها يرفض، وفي الوقت الذي يتطلب منه أن يكون منافس نزيه ويقدم مشروعه المتكامل، لا يستطيع بل يوجه كل انتقاداته لمشروع الدولة الاتحادية، لديه مزاج سياسي يريد أن يفرضه على الناس دون مشروع واضح، مجرد شعار يدغدغ مشاعر الحالمين، وعندما يصل للسلطة سيسومهم سوء العذاب؛هو اليوم وهو بعيد عن السلطة، وبسيطرة عسكرية فقط، تحول الجنوب لجحيم، وعاد كابوس الماضي يطل علينا في الحاضر، سجون سرية وعلنية، منفيون وممنوعون من دخول البلد، اتهامات وتخوين، وأنت من فين، يبرز من يصرخ في وجوهنا دون احترام قائلا (أنا عنصري ابن عنصري)، هذه الصورة تعبر عن مشروعهم الذي لم نرى له معالم غير تلك.
فهل يدرك هؤلاء أن الشراكة الوطنية خيار وليس انتقاء بمزاج، مزاج يعكر صفو الآخرين، ويبث الأمراض الاجتماعية بين الناس من كراهية وعنصرية، ويعزز الثقافة الانقسامية بديلا لثقافة الشراكة، ويمارس الدجل والكذب السياسي والشائعات، وشاغل نفسه في شيطنة الآخرين واتهامهم وتخوينهم، وجعل ذلك الشيطان مثله الأعلى في تعامله، بينما سلطة القانون كفيلة في حسم الامور والمخاوف، ونترك العنف والشطح، ونشغل العقول لنقدم مشاريع أفضل، متكاملة برؤية تنافس رؤية الدولة الاتحادية، ويترك المجال للشعب أن يمارس حقه ليختار ما يناسبه دون وصاية عليه من أحد.
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن سياسة (يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشرها دون الإشارة إلى مصدرها الأصلي.
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى