اخترنا لكمتقاريرغير مصنف

(تقرير خاص).. الكوليرا “تستوطن” صنعاء.. لماذا يخفي الحوثيون الحقيقة الكارثية؟

آلاف الإصابات مؤكدة تصل يومياً إلى مراكز ومستشفيات صنعاء.. دون تحرك من الحوثيين يمن مونيتور/وحدة التقارير/خاص:
ارتفع عدد الإصابات بوباء الكوليرا في العاصمة اليمنية صنعاء إلى آلاف الإصابات يومياً، حسب ما أفادت بيانات ومصادر طبية لـ”يمن مونيتور”.
وقالت مصادر طبية إن عدد الإصابات يوم الثلاثاء في عدة مراكز إيواء بالعاصمة أكثر من (1950 إصابة) حسب ما نقل مراسل يمن مونيتور في صنعاء.
وأضافت المصادر إن وباء الكوليرا أصبح مستوطناً مع عدم وجود خطة لدى حكومة الحوثين – غير المعترف بها- للقضاء على الوباء وهي تدخل عامها الثالث بشكل أخطر وأسرع.
وتتحرك المنظَّمات الأممية ببطء أكثر من السابق. حيث تمكنت المنظَّمات من احتواء الوباء قبل ثلاثة أعوام بسرعة بالتزامن مع ضغط إعلامي.
وفي ظل انتشار مفزع لوباء الكوليرا استنكر عدد من العاملين في مكافحة وباء الكوليرا إجراءات حكومة الحوثي في عدم الإفصاح بالحقيقة الصادمة أن الوباء أصبح مستوطن في المناطق التي تضع جماعة الحوثي المسلحة سيطرتها عليها.
وفي عائلة من أربعة أفراد توفي ثلاثة أشخاص بالوباء فيما يرقد الرابع في العناية المركزة وهي أم وابنتها وشقيقتها إضافة إلى الأب الذي يخضع للعلاج.
وكشف موظفون في مكافحة الوباء فضلوا الكشف عن هويتهم لـ”يمن مونيتور”: أن وجود حالات الكوليرا وارتباط الموجات الثالثة بالثانية والرابعة بالموجة الثالثة فهذا يعتبر أن الكوليرا أصبحت مستوطنة في هذه المناطق التي يتوافد منها المرضى والمصابون بشكل أصبح شبه يومي.
وأضاف: هناك أكثر من 200 فصيل من بكتريا الكوليرا لكن ما يسبب الفاشية الوبائي نوعان منها 01 و ال 0139 والبقية تظهر بأشكال فردية ومتفرقة وحسب مناعة جسم الأشخاص المصابين ومدى قدرتهم على مقاومة العدوى.
 
  
ابنتي لن تموت
أم فاطمة، من مديرية بني الحارث رفضت صباح الثلاثاء، إبقاء طفلتها المصابة بالكوليرا في مستوصف الروضة بسبب تدكس الحالات المرضية في غرف الإرواء الخاصة باستقبال المصابين بالكوليرا، وخوفها الشديد من فقدانها.
تبرر (أم فاطمة) لـ”يمن مونيتور” رفضها أوامر الطبيب المختص، قائله: لا يمكن أن أضع طفلتي وسط هؤلاء المرضى سيزيدونها مرضاً إلى مرضها ولا يوجد حتى سرير فارغ استطيع  ان أضع طفلتي فيه.
وتظهر فاطمة بحاجة إلى العناية الخاصة فوجهها الشاحب المصفر وجسمها الهزيل لذلك قرر الطبيب بقائها في المستشفى لتعافيها وخوفاً من نقل العدوى لباقي أفراد العائلة. وقالت الأم: مستحيل أن أضع طفلتي بين الأمراض وليحدث ما يحدث.. ابنتي لن تموت وقد استخدمت العلاج.
ويقول الدكتور المناوب في مشفى الروضة، لـ”يمن مونيتور”: وصلتنا خلال الشهر الماضي مارس 1900 حالة مصابة بالكوليرا ويصل إلينا من 50 إلى 70 حالة بشكل يومي ونفقد السيطرة على الوضع في كثير من الأيام.
وأضاف: في كل يوم تقريباً تصلنا 25 حالة مؤكدة ومصابة بمرض الكوليرا نبذل جهدنا لإنقاذها على الرغم ما نواجهه من جهل من قبل الأسر الواصلة والتي ترفض توجيهاتنا في عزل المريض عن بقية أفراد أسرته وتكون النتائج سلبية في اصابة العائلة بالكامل بهذا الوباء.
 
الأطفال والحوامل
وأكد الكادر الطبي لـ”يمن مونيتور” أن أكثر من يتعرضون للمرض هم من شريحة الأطفال والحوامل وتفشي حالات الكوليرا في كثير من المحافظات وتنجوا إذا ما أدركت هذه الحالات المستشفى أو مركز الإرواء وتلقت المضادات الحيوية يسهل معالجة الأطفال والحوامل.
مشيرين إلى أن طريقة عمل بكتيريا الكوليرا فيزيولوجية مرضية تكون عبر التصاق جرثومة الكوليرا على الجدار العلوي للأمعاء الدقيقة وإفراز سمومها التي تقوم بدورها بسد مسامات امتصاص السوائل والأملاح من الأمعاء إلى الجسم مما يؤدي إلى تغير ديناميكية اتجاه السوائل والأيونات من الجسم إلى تجويف الأمعاء بشكل سريع.
موضحين بأنه يؤدي إلى الجفاف والهبوط وسرعة خفقان القلب وغور العينين وترهل وبرودة الجلد والدخول في غيبوبة وفشل كلوي مالم يتم تعويض السوائل وإعطاء المضاد الحيوي اللازم وفي وقت مبكر وجداً.
 
مراكز الإرواء
وفي نزول ميداني لمراسل “يمن مونيتور” إلى عدد من مراكز الإرواء الخاصة باستقبال المصابين بمرض الكوليرا، يكتشف المتابع والمتواجد في هذه المراكز أن دور السلطات في صنعاء أصبح شبه مختفي وان الدعم يأتي من منظمات اليونيسيف وغيرها من المنظمات الدولية وسط تصريحات أطباء أن الوباء أصبح منتشراً أخطر من الأعوام الماضية.
يقول أحد المناوبين في احدى مراكز الإرواء تصل إلينا بشكل يومي من 70 إلى 80 حالة مرضية وفي أيام تصل إلى 110 حالة يكون منها 30 حالة مصابة فعلياً بمرض الكوليرا
وقال مسؤول في وزارة الصحة التابعة للحوثين لـ”يمن مونيتور”، إن الوضع الوبائي أصبح خطيراً جداً فالكوليرا أصبحت الآن منتشرة بشكل كبير مقارنة بالسابق.
وأوضح الدكتور مقبل الضياني، مدير مركز “عبدالقادر هلال” في تصريح خاص لـ”يمن مونيتور”: نحن نقوم بمواجهة حالات الكوليرا والاستجابة السريعة عملها أن تتابع مصدر الوباء وأنا استطيع القول بالدليل ومن خلال واقع السجلات أن الوضع الوبائي الآن أخطر ومن خلال متابعتي.
وتابع قائلاً: هناك ارتفاع لحالات الوفاة في المحافظات، كما أن اليونيسيف اتخذت قرار خاطئ بإلغاء الكادر الطبي، فقد كان هناك طبيب مسائي وطبيب صباحي قاموا بإلغاء طبيب الفترة المسائية بدل أن يضاعفوا العدد لمواجهة الوباء فاكتفوا بالممرضين وهذه بحد ذاتها مشكلة، حيث أن الممرض لا يستطيع عمل شيء كما يصنع الدكتور عند وصول الحالات المصابة إلى المراكز الخاصة بالوباء.
ووصف الدكتور مقبل الوضع بالخطير، قائلاً: هنا في مركز الشهيد عبدالقادر هلال خلال شهر واحد فقط تم عمل فحص مزرعي للمرضى الوافدين ووصل عدد الإصابات المؤكدة بالكوليرا (9) حالات وهذا رقم خطير جداً ومؤشر على أن الوضع الوبائي في غاية الخطورة والسبب يظهر أيضا في أن الأعداد قليلة لكن الإصابات مؤكدة.
 
إصابات ووفيات
وفي آخر قراءة سجلت 1453 حالات إصابة مؤكدة ووفاة في فترة قياسية منذ مطلع الشهر الماضي، فيما الوضع ينذر بكارثة مع قدوم موسم الأمطار في مناطق سيطرة الحوثيين.
ورصدت إدارة الترصد الوبائي (حكومية) تابعة لوزارة الصحة العامة والسكان 1448 حالة إصابة بالكوليرا بالعاصمة صنعاء وخمس وفيات خلال الفترة من 1- 7 مارس/ آذار الجاري.
قال مصدر طبي انه تم رصد وتوثيق 1448 حالة إصابة بالكوليرا بالعاصمة صنعاء وخمس وفيات في سبعة أيام، مؤكداً أن “هذا ليس هو العدد الكلي والإجمالي للإصابات وحالات الوفاة بجائحه الكوليرا، لأن الحالة المادية الصعبة التي تمر بها الأسر لا تمكنها من الوصول إلى المستشفيات والمراكز الخاصة للمعالجة أو الفحص خوفاً من دفع تكاليف مالية فوق طاقتهم”.
وأضاف: قدمنا بلاغات لجميع الجهات الحوثية ووزارة المياه والبيئة وعدد من المنظمات عن ارتفاع عدد الحالات بأمانة العاصمة وحدها، لعمل تجهيزات سريعة وتفعيل فرق الاستجابة السريعة التابعة لوزارة الصحة ووحدة طوارئ المياه التابعة لوزارة المياه والبيئة والتي تعمل حالياً بدعم من منظمة اليونسيف، مؤكداً أن “الاستعداد جارية في المستشفيات والمراكز الصحية بالمديريات لاستقبال الحالات ومعالجتها واعتماد 18 مركز لمعالجة الحالات المرضية”.
 
شيء مرعب
وقال ناصر الحيمي، مصاب نجا من مرض الكوليرا لـ”يمن مونيتور”: “لا أدري كيف أصبت بمرض الكوليرا رغم أني حريص على النظافة الشخصية ولا أتناول شيئاً إلا بعد غسله، فبعد الأعراض الناتجة التي ظهرت عليّ كدت أن أموت لولا أن أولادي أخذوني إلى المستشفى لأنصدم بأني مصاب بالكوليرا، وفوراً تم استخدام الإسعافات العاجلة بعد أن فقدت كمية كبيرة من السوائل”.
وأضاف: “فعلاً أصبح شيء مرعب! كيف يصاب الإنسان بالمرض من غير أن يعرف سبب الإصابة، صحيح أنني غير قادر على شراء أدوات النظافة كما كان في السابق لعدم حصولنا على المرتبات، إلا أنني أحرص على غسل اليدين ونظافة الخضروات التي أجلبها من السوق جيداً”.
وأدى انقطاع المرتبات عن المواطنين إلى التسبب في عدم مقدرتهم على شراء مياه نظيفة وأدوات صحية لمقاومة العدوى، حيث بلغ عدد المصابين بوباء الكوليرا في اليمن أكثر من مليون مصاب، حسب اللجنة الدولية للصيب الأحمر.
وقالت اللجنة في بيان رسمي لها في 21 ديسمبر/ كانون الأول 2017 إن هذا العدد “الصادم” يعكس معاناة بلد تعصف به حرب وحشية، ويفتقد أكثر من 80 في المئة من شعبه الغذاء والوقود ومياه الشرب والرعاية الصحية.
 
لماذا يخفي الحوثيون الحقيقة؟
ويقول عاملون في مكافحة الوباء إن جماعة الحوثي لا تنشر الحقيقة الخاصة بهذه الوباء بالشكل المطلوب، لأنها متهمة بنهب الميزانيات الخاصة بمعالجة هذا الوباء المقدم من المنظمات العالمية.
وكانت جماعة الحوثي قد أقرت بفشل برنامجها في توزيع ملايين الدولارات المقدمة من المنظمات الدولية التي رفضت الجماعة الكشف عن مصيرها لمواجهة وباء الكوليرا في المناطق الواقعة تحت سيطرتها على مدى ثلاثة أعوام.
التصريحات من قيادات في جماعة الحوثي والتي نقلها مراسل “يمن مونيتور” وهي الأولى من نوعها تكشف علاقة الارتباط بين سيطرة جماعة الحوثي على صنعاء وبين استمرارية تواجد الأوبئة والأمراض بسبب سياسة الجماعة في التعامل مع الأموال والمخصصات التي تقدمها المنظمات الدولية والمحلية ووضعها في المكان غير الصحيح في مناطق سيطرة الحوثيين غير مبالية بإنقاذ المواطنين.
وكشفت قيادات في جماعة الحوثي أن انتشار وباء الكوليرا لن يتوقف بسبب الاستراتيجية الفاشلة التي تتبعها الجماعة في مناطق سيطرتها وأصبح من المحرج دخول العام الثالث والوباء يسجل معدلات كبيرة رغم صرف المنظمات الدولية ملايين الدولارات لوقف انتشار الوباء.
ونقل مراسل “يمن مونيتور” عن رئيس الهيئة الوطنية لتنسيق الشئون الإنسانية القاسم شرف الدين، المعين من قبل جماعة الحوثي، قائلاً: من المعيب أننا صرفنا في السنوات الماضية مبالغ مهولة في مكافحة الكوليرا وضحايا الكوليرا يصلون إلينا بالمئات بشكل يومي ونحن نعمل أين المشكلة والخلل وسبب الوباء.
وقال شرف الدين في اجتماع حضرته مسؤولون أبلغوا مراسل “يمن مونيتور”: لاتزال مشكلة الصرف الصحي موجودة وفي نصب أعيننا والحالات المصابة بالأمراض الوبائية تأتينا من مديرية بني الحارث ومن مديرية أرحب من ضحايا الكوليرا ناتجه من مخلفات المجاري في صنعاء.
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى