دعت مجموعة شبابية في تعز لحملة تبرع للمقاومة في المدينة التي تحارب تحت الحصار منذ ستة أشهر. فالمقاومة الشعبية لا روح لها إذا لم تحتفظ بروح المجتمع مشتعلة داعمة حاضنة، والدعم الشعبي ليس بالضرورة مادياً.
دعت مجموعة شبابية في تعز لحملة تبرع للمقاومة في المدينة التي تحارب تحت الحصار منذ ستة أشهر. فالمقاومة الشعبية لا روح لها إذا لم تحتفظ بروح المجتمع مشتعلة داعمة حاضنة، والدعم الشعبي ليس بالضرورة مادياً.
فمدينة مثل تعز تحتاج إلى حبة الطماطم، وتحاصر من الزبادي والماء ماذا عساها أن تقدم للمقاومة في سلس ذهب أو قطعة سلاح، وماذا عساها أن تفعل بالمنظور المادي البحت، ففاقد الشيء لا يعطيه.
لكن الشعوب في مثل هذه الظروف تملك أكثر من السلاح والمال وأمضى من الدعم المادي فهي تملك الدعم المعنوي الذي يحافظ على روح المقاومة وهي قوتها الأساس وسدها المنيع،
روح تنمو وتبقى حية وسط الشعب، وفي ظل تفاعلهم مثل الحيتان في البحر.
العطاء الشعبي يعني بذل أغلى شيء وآخر شيء يمكن أن يحافظ عليه من المدخرات آلي السلاح الشخصي إلى المغامرة بالأمن وتحمل الحصار بطيبة نفس وفخر، وصولاً إلى بذل الروح.
وكل ما يبذل هنا في ظل الحصار ليس سوى اعلاناً على التحدي والتصميم بروح واحدة بين المجتمع والمقاومة التي تأخذ قوتها المعنوية، بعد الله، من تفاعل المجتمع بما يملك مهما كان صغيراً على قاعدة (اتقوا النار ولو بشق تمرة) يستوي عندها المليون و”كعك” النساء، ودعاء العجائز، وتقديم السلاح الشخصي أبيضا كان أو نارياً.
فالأمر هنا يتعلق بحالة ابقاء نبض المقاومة عند المحاصرين حياً وقوياً، يقاوم كل القوة المادية والنار المصبوبة.
إلى هذا، كان المفترض أن ينظر لحملة الشباب وتبرع أسرة الشهيدة “عزيزة” بسلسها الذهبي واخريات، والشيخ “حمود” بسلاحه الشخصي، كرمزية للمضي في المقاومة دون أية خيار للعودة أو الانكسار!
فما جرى ليس أكثر من اعلان العزم على استمرار المقاومة بنفس القوة التي بدأت بها، مقاومة لا تقبل اليأس ولا التعب، وتذكير المقاومين ..نحن معكم فلا تترددوا ولا يساوركم يأس أو يداخلكم انكسار.
السلاح الشخصي أغلى في مثل هذا المواقف من عشرات الملايين، وسيتبرع آخرون بسلاحهم الأبيض الموروث من الأجداد، وستساهم النساء والرجال بما يملكون من مال، ومن الحلي الذهبية، والحلوى، والزيارات إلى جبهات القتال؛ وكلها لا تعني في المجال المادي شيئاً لمدينة تكاد تفقد حياة ابنائها كل يوم، وفقدت كل شيء ما عدى الروح والتضامن، واعلان التحدي كأغلى واقوى ما تملكه الشعوب المقاومة للقهر والطغيان.
ولا شان لهذا في التعريض بالأشقاء، خاصة إذا كان الحال كحال السعودية والخليج ودول التحالف العربي التي تخوض معركة وجود وليس معركة “فزعة”، مع سعد أو سعيد.
معركة واحدة لمصير واحد ودماء واحدة، امتزجت وما زالت تقدم بكرم وحب واتحاد.
الحملة التي قادها البعض وحاولوا أن يصورا تبرع الشيخ “حمود سعيد”، رئيس مجلس المقاومة، بسلاحه الشخصي بحفلة شبابية تتلمس ابقاء جذوة الروح المجتمعية متوهجة، باعتبارها تعريضاً بدول التحالف، ونكران جميل، وكأنهم يعلنون فك ارتباط مقاومة تعز بعمقها العربي في حملة تحريض بائسة، هي حملة فاشلة لن تحرك شعرة في بعير دول التحالف العربي، لكنها كشفت حقيقة البعض وحقدهم على دول التحالف والمقاومة؛ وكيف أن هناك صغاراً متلونون عالقون في بوابة “عملية الحزم”، معلنين ولائهم فقط ليتحينوا الفرصة لضرب المقاومة والتحالف معاً، متوهمين قدرتهم على التلاعب بالمشاهد والتعبيرات وتحريفها على ما يرغبون أو يتمنون. أو هكذا يتوهمون ليفضحهم استنفارهم نحو اصطياد أحمق في مياه صافية المنبع، وليسقطوا وهم يعلنون نهاية المقاومة، وانخراط العقد لأهم عملية عربية في التاريخ، بمجرد أن فلاناً وشباباً شحذوا الهمة من بين الدم والحصار، ليقولوا ها هي روحنا ما تزال كما هي، معكم وبكم كرسالة مزدوجة للمقاومين في الجبهات، ولأشقائهم العرب الذين لم يعودوا في عداد الداعم، بل في عداد رفيق النضال والمحارب في خندق واحد لمعركة وجود عربي يتعرض لمحاولة طمس واجتثاث بأدوات اقليمية ودولية تجمع بين الأحقاد والأطماع.