يقول ميكيافيلي: “الطغاة الذين يستولون على الدولة بالعنف والطرق غير المشروعة الأخرى وحدهم الخطرون على الدولة والشعب”.
ظل النظام السابق في اليمن، طوال عهده الظلامي، يمارس سياسة 33 عاماً من الاستخفاف بحق أبناء شعبه الكريم، ويزعم تحقيقه انتصارات وطنية في كل المجالات التنموية، والنهضوية، وهي مزاعم لم تكن أغلبها سوى أوهام عصابة تدير البلد بديكور “دولة” ظلت مستندة على ماكنة إعلام، تلمع كل ما هو قبيح في سلطتها. ولا يزال هذا الخطاب مفتوحاً على مصراعيه، من أجنحة كثيرة محسوبة على النظام السابق، في تغذيتها خطابي الكراهية، والعداء لثورة التغيير، هذه الثورة التي استطاعت إسقاط المخلوع، علي عبدالله صالح، حيث أصبح العفاشيون مذاك، يتقلّدون المرتبة الأولى، الأكثر عداءً لثورة يصفونها بـ” النكبة “، فلا غرو من وصفها بذلك، ولطالما كانت بالفعل نكبة عليهم، لا نكبة على الوطن.
يقول ميكيافيلي: “الطغاة الذين يستولون على الدولة بالعنف والطرق غير المشروعة الأخرى وحدهم الخطرون على الدولة والشعب”.
يؤكد ما نعيشه في اليمن منذ “11 فبراير” أنّ هذا العنف تقف خلفه بعض من دول الخليج، بكامل إمكاناتها لزعزعة الأمن والاستقرار في البلد، للحيلولة دون تحقيق انتصاراتٍ تحرزها “الشرعية” لما من شأنه شيطنة كل من آمن بالتغيير، وليس ذلك خافيا على لبيب. ومن ذا يستطيع التستر على كل أجندة دولة الإمارات، في الجنوب، وبقية محافظات الجمهورية، ورعايتها للفوضى، ولجرائم القتل هناك، ودعمها كيانات مناهضة للشرعية، ومساندتها أجنحة النظام السابق، في سبيل إعادة الماضي الأسود؟.
دول الخليج، وخصوصاً، الإمارات والسعودية، لن تسمحا بيمن مستقر، تحكمه مراكز قوى من خارج دائرة جغرافيا “الهضبة الزيدية”، سيما وأن هذه القوى ظلت سنوات، ولا تزال، أدوات للسعودية، تعمل على بقاء البلد “معاقاً” على مستوى شامل، من التخلف، والأمية، طال الزمن أو قصر، ستجدون اليمن بـ”هذا المآل” ما لم نقاوم الوصاية السعودية، والتدخلات الإماراتية، التي تتماهى حتى اليوم، مع الإنقلابيين على الشرعية، في الداخل اليمني.
لا يمكن بأي حال أن يظل اليمنيون عبيداً لوصاية الدول الأخرى، كشعب عربي عريق. هذا الشعب، لم ولن يقبل بعد اليوم، بعبودية الآمر الآخر، ما دام في القلب نبض الولاء للوطن، وفي العينيين إحمرار الغضب اليماني، الرافض كل أشكال الارتهان.
فإذا كان الإنفجار العظيم، المتمثل بـ11 فبراير 2011، أفضى إلى موامرة بعض دول الخليج، فإن ذلك ليس نهاية دفن ربيع حلمنا اليمني، بل استعداداً لغضب شعبي ثوري أعظم. ومهما تآمر المتآمرون، والطغاة، وعبيد مراكز قوى الهضبة، ومرتزقتها، على إجهاض حلم ربيع المستقبل، فمُحالٌ أن يتخلى الربيعيون اليمنيون عن ثورة 11فبراير، إذ أن الوصول إلى المستحيل ليس مستحيلاً، ولن يشع فجره من دون تضحيات، وهيهات منا الخيانة لدماء شباب الثورة السلمية.
يقول السياسي اليمني عبد الرحمن راشد: “إندلاع الثورة بحد ذاته حتى لو لم تحقق أيا من أهدافها، لهو عمل عظيم وتحول تاريخي ثقافي وسياسي”، فيما يذهب الكاتب مصطفى راجح إلى أن “الربيع العربي هو سمة هذا القرن، وسيغير وجه العالم ، طال الزمن أم قصر”.
درب النضال لطويل طويل، وسنقاوم أعداء الحرية، فلا حرية بلا تضحية، فإلام ننتصر لثورة 11 فبراير العظيمة، فلمن سننتصر إذاً؟ وقدرنا أن نمضي نحو مستقبل يمن الأجيال القادمة. فأيقونة ربيعنا العظيم، كان، ولا يزال، وسيظل، كما رسمناه ” ننتصر أو ننتصر”.
ولن نؤمن بشعارات الماضي ” ننتصر أو نموت”، فالموت يعني العبودية، والحياة خلقت لأحرار التغيير، والتغيير هبة السماء، وإذ لم نقطف ثماره بالأمس، لحسابات إلهية ربما، فإن السماء، ستأتي لنا بعدالة قضيتنا الكاملة، في التحرر من كل مآسي الماضي.
نقلا عن العربي الجديد