لم تستفد الشرعية من التحرك الذاتي لأبناء الحقب، ولم تتحرك أدمغة التحالف العربي لإمداد هذه الجبهة حتى تمتد الشرعية ويتوسع نفوذها وتنطلق تجاه المناطق المتاخمة للحقب في رحلة طويلة ناحية ذمار. قبل أكثر من ثلاثة أشهر؛ تصدى أبناء الحقب لطغيان المليشيا، سقط الأصدقاء هناك والنساء والأطفال، أمطرت المليشيا المنطقة بقذائف الأسلحة الثقيلة، كان أبناء الحقب يصرخون لعل المدد يأتي من العسكر، جاءت سرية ما على ما يبدو، لكنهم بعد ذلك كانوا وحيدين.
لم تستفد الشرعية من التحرك الذاتي لأبناء الحقب، ولم تتحرك أدمغة التحالف العربي لإمداد هذه الجبهة حتى تمتد الشرعية ويتوسع نفوذها وتنطلق تجاه المناطق المتاخمة للحقب في رحلة طويلة ناحية ذمار.
تألمت لعوائل أصحابي هناك وما يحل بهم، لا تعرف ما الذي تقدمه لمؤازرة أناس تقاسمهم الهموم ذاتها، ثرت معهم، وتجمعت أحلامكم ذات يوم تحت سقف خيمة في شارع الزراعة.. ما الذي تفعله عندما تجد نفسك معزولًا وأعزلًا في الوقت نفسه.
أخذوا حقهم من النزوح والوجع، هدمت منازل، ولم يكن غريبًا ما قام به الحوثيون من سلب ونهب للبيوت هناك.
يومها كانت الحقب تدفع ثمن الوعي، حتى أن القدير ياسين سعيد نعمان كتب عنها كإحدى المناطق التاريخية للحركة الوطنية. وستبقى جمهورية وطنية رافضة لكل خرافة، وسيطهرها أبناء الحقب من أي دنس يمر بها، وسيضمدون جراحها التي تنزف حتى اليوم.
شعور الحيرة ذاته يراودني اليوم والحوثيون يمطرون “حجور” بالقذائف من بعيد، غير أن أبناء حجور ـ حجة، يستندون على وقائع تاريخية في مواجهة المشروع الإمامي ليس من قبل عقد أو خمسين سنة بل من قرون، ومؤخرًا يواجهون الحوثيين من قبل “انتفاشة” الجماعة في عموم البلد، أتذكر الألغام التي زرعوها في كشر وعاهم، مستبأ وإلخ، وقصص النزوح في 2012، وعند أي واقعة يفرض أبناء حجور كلمتهم بصمود رغم المآسي التي تخلفها المواجهات..
التجربة التاريخية لصالح حجور، ومع ذلك الخوف مشروع من أن يتركوا وحيدين من قبل الشرعية والتحالف لسبب بسيط، وهو أن الإعراض عنهم سيهبط معنويات أي منطقة تعتزم مواجهة المليشيا إذا تحرشت بها، وبالمقابل إن دعم مثل هذه التحركات الذاتية لمواجهة المليشيا، سيشجع الآخرين على التحرك ويتخفف العبء ـعلى الأرضـ بالنسبة للجيش والتحالف!
عدم الدعم لا يعني الهزيمة، لكنه يؤخر النصر الحتمي المكتوب لليمنيين إن شاء الله.
منذ أيام كنت أتغنى بقصيدة “حجور” للصديق العزيز عامر السعيدي، وكأنه يقتفي منهج الكبير نشوان الحميري في بيت لن أذكره هنا، خشية التأويل وتحميل الشعر ما لا تحتمله البيوت..
ومما يقوله:
رجال كالجبال على جبال
وتاريخ تضيق به السطورُ
ويقول:
وكسرنا الخرافة في حجورٍ
على حجرٍ فصفقت الصخورُ
أما من يوم الأربعاء، فأسمع زامل من أبناء حجور، مع عزوفي عن سماع الزوامل، إلا أن سماعة الرأس تدوي به، لدرجة أني إذا خلعت السماعة أشعر بالصنج، لذا أعيدها لأذني وأسمع:
“انطح براسك في جبال المندلة”.
و:
“والدّم نفس الدمِّ في موت أو حياه”. من الصعب كتابة زامل كهذا.. الزامل يُسمع.
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن سياسة (يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشرها دون الإشارة إلى مصدرها الأصلي.