كتابات خاصة

التغيير نمو طبيعي للحياة

أحمد ناصر حميدان

الحياة تنمو، وهذا النمو هو حركة دائمة متغيرة، يتواكب معها العقل البشري النامي دائم التغيير والمتفاعل مع حركة نمو الحياة، كان ثقافيا سياسيا اقتصاديا أو متطلبات الحياة الجديدة وتقنياتها.

الحياة تنمو، وهذا النمو هو حركة دائمة متغيرة، يتواكب معها العقل البشري النامي دائم التغيير والمتفاعل مع حركة نمو الحياة، كان ثقافيا سياسيا اقتصاديا أو متطلبات الحياة الجديدة وتقنياتها.
ويصطدم مع هذا النمو من يرفض التغيير، بل الخائفون من التغيير، وهم الغارقون في مصالحهم الخاصة وأنانية ضيقة، يعتقدون أن الحياة تتوقف عندهم، وأنهم وحدهم الذين يستحقون الحياة وغيرهم مجرد أدوات في طاعتهم لإبقاء هذه الحياة في خدمتهم، فيستبسلون في مقاومة التغيير، وهم بذلك يقاومون حركة نمو الحياة، وهي سنة الله في الأرض، محاولين أن يكيفوا كل تشريعات الحياة السماوية والوضعية، والعبث بنظرية الحياة والكون وقيمها ومبادئها، وتزوير التاريخ والارث، والتخلص من الشواهد، و يستخدمون الدين للتمكين من السلطة والثروة، لامتلاك القوة التي تزور التاريخ والارث والعقل البشري لخدمة تلك المصالح.
لم يأتِ الدين إلا لخدمة البشرية جمعاء، وتنظيم الحياة والعلاقات، وتعزيز القيم الانسانية النبيلة والسامية. الدين هو ثورة للبشرية ضد الظلم والقهر والاضطهاد والعبودية والعنصرية، ضد الاقطاع والتسيد؛ لم تفرق الأديان ومنها الاسلام بين الناس، على أساس العرق واللون والسلالة، الدين هو فكرة صالحه لكل مكان وزمان، غير مقيدة بفترة زمنية وحادثة عرضية. أعداء الحياة والتغيير يحاولون استثمار هذه الفكرة العظيمة وإفراغها من عظمتها، واختيار منها ما يلبي قناعاتهم المشوهة ومصالحهم الضيقة لإعاقة حركة نمو الحياة والتغيير، لبقائهم في حالة  تسيد وهيمنة وتسلط على الامة والبشرية جمعاء.
ومن الطبيعي أن تجد مقاومة الحياة لإعاقة نموها بشكل طبيعي، وهذه المقاومة تجدها على شكل ثورات شعبية، هذه الثورات تحاول بكل ما أمكن تحطيم كل المعوقات أمام نمو الحياة البشرية وتطويرها ونهضة الامة، لتفتح مسار للتغيير الطبيعي ومواكبتها لتطورات العصر والامم الاخرى التي سبقتنا في النمو.
على مدى تطور البشرية، هناك تجارب الحياة داخل المجال النظري والعملي، تجارب من الصراعات التي سببت كوارث، استطاع الانسان أن يكيف قناعاته وفق متطلبات الحياة السعيدة والمتطورة ،عمليا ونظريا، على شكل أنظمة ديمقراطية شعبية.
استطاع أن يجمع الكل بأطيافهم وثقافاتهم واختلافاتهم في وطن متعايشين بسلام وأمان وحب وتسامح ووئام، فتجاوزوا الحروب، ونهضو وتطورو وحققوا المعجزات، وهناك امة لا تزال غارقة في صراعاتها ومتخلفة عن الركب، عاجزة عن التغيير وترك حياتها لتنمو بشكل طبيعي، وللأسف أن تكون هذه الامة هي امة الحضارة والتاريخ والاسلام والعروبة.
امة ظلمت نفسها كثيرا، تحلم وتطمح، وتنشد المستقبل، لكن فيها من يخذلها ويستسلم لأعداء التغيير والنمو، غارق في الماضي يعشقه حتى الموت، يبحث بين ركام ماضيه البائس عن ما يبرر تخلفه عن الركب، يخاف المستقبل، ينشد الماضي الذي فيه مصالحه، الحروب وسيلته المثلى لإعاقة التغيير، ليبقى التناحر وسيله سهلة لإدارة قطيع من المغرر بهم في حرب عبثية، أهم ما فيها أن يكون سيدا وسلطاناً وحاكماً آمراً ناهياً.
التغيير اليوم لم يعد ذلك التغيير بالمفروض بالقوة المسلحة، بحديث اليوم صار ذلك  انقلاب ينتج لنا نظاماً عسكرياً بليداً شمولياً مستبداً، يرفض الشراكة مع الآخرين، قد تجاوزته المرحلة.
اليوم التغيير هو توافق وشراكة في وطن يستوعب الجميع بكل أطيافهم، هو دولة ضامنة للمواطنة والحريات والعدالة، وصندوق انتخاب يقول الشعب كلمته الفصل في تبادل سلمي للسلطة، لا هناك سيد ولا سلطان ولا أمير الكل سواسيه أمام نظام وقانون متفق عليه ينظم العلاقات ويحكم بين الناس بالعدل، فيه شرعية الشعب هي السائدة مصدرها صندوق انتخابات، لتنمو الحياة بشكل الطبيعي وتنهض الامة وتلحق بركب العصر.
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن سياسة (يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشرها دون الإشارة إلى مصدرها الأصلي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى