وفي ظلال وضلال الانقلاب والاحتراب الداخلي والعدوان الخارجي باليمن، تحتشد مصفوفة من المآسي والويلات تكسوها الدماء وتغشاها الدموع ويغطيها الرماد، وحيث أكوام الجثث وأطلال الخراب وهياكل عظمية نهشها الجوع وأخرى هرسها الجور وراء الأسوار.
شهدت المعتقلات المتزاحمة في طول البلاد العربية وعرضها -ولا تزال تشهد حتى هذه اللحظة- حفلات تعذيب جسدي واذلال نفسي، فردية وجماعية. استوت في ذلك جميع الأنظمة، يمينية ويسارية وقومية وغيرها مما لا مُسمّى لها ولا صفة في قاموس الآيديولوجيا.
ولا تزال هذه المشاهد تتداعى إلى الشاشة الذهنية للمواطن العربي -والمثقف العربي على وجه الخصوص- كلما قرأ أو سمع عن واقعة اعتقال تعرّض لها أحدهم، أو هَمَّ بعضنا بقراءة بعضٍ من تاريخ هذه الأنظمة أو تلك الأحزاب التي حكمت أو تقاربت مع الحكم أو تماهت معه.
وأعرف أن كلاماً كهذا يُدمع العين بل يُدمي الفؤاد، لاسيما أن المشهد المأساوي عينه لا يزال رابضاً ملء الأبصار والأسماع والاحساس في واقعنا اليوم، وبصور وألوان شتى كلها موغلة في السوداوية، في الوطن العربي عموماً، وفي الوطن اليمني على وجه الخصوص.
يمنياً، وفي ظلال وضلال الانقلاب والاحتراب الداخلي والعدوان الخارجي، تحتشد مصفوفة من المآسي والويلات تكسوها الدماء وتغشاها الدموع ويغطيها الرماد، وحيث أكوام الجثث وأطلال الخراب وهياكل عظمية نهشها الجوع وأخرى هرسها الجور وراء الأسوار.
واِذْ يتواتر الكلام اليوم عن تبادل محتمل للأسرى والمعتقلين والمخطوفين في خضم هذه الحرب الغاشمة، كمشهد حميم في مسرحية ستوكهولم، تتراءى قُبالتي صور الصحافيين والكُتَّاب والناشطين وأهل الرأي ممن تكشف معلومات متواترة عن تواجدهم في حيازة سلطة الحوثي في صنعاء أو سلطة الامارات في عدن.
وعند سؤالي مؤخراً للزميل الصديق نبيل الأسيدي -الناشط الصحافي والنقابي والحقوقي- أجابني بما يؤكد حقيقة أن جميع السلطات النافذة في البلاد اليوم تعتقل أو تختطف عدداً من أرباب الكلمة والموقف والرأي، من غير المتقاتلين في جبهات المعارك، أي من معتقلي الرأي لا أسرى الحرب.
والله وحده يعلم ما الذي يلقاه هؤلاء من صنوف الاضطهاد والامتهان والقهر والتعذيب في أقبية السجون وبين جدران المعتقلات. وقد تكشّفت للرأي العام معلومات وحكايات عن بعض ما يحدث هناك فعلاً، حيث فقد بعضهم حياته، فيما يتهدّد البقية الباقية المصير ذاته!
ومما يزيد الصورة قتامة والمصيبة جسامة أن المعتقلين والمخطوفين والمخفيين قسراً -اليوم- غير محصورين في أقبية وخلف أسوار سلطات الحوثي والامارات، بل أن عديداً يقبعون في مواقع احتجاز واخفاء تتبع بعض التنظيمات الحزبية أو العصابية أو المليشياوية المتواجدة في الساحة السياسية والعسكرية والأمنية.. وهي تنظيمات ومواقع يعرفها كثيرون، وينكر وجودها آخرون!
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن سياسة (يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشرها دون الإشارة إلى مصدرها الأصلي.