الحوثيون، اليوم، مطالبون بالتحوّل إلى حزب سياسي مُرخّص كبادرة حُسن نيّة ابتداءً، قبل أيّ حديث عن حكومة الشراكة أو الإئتلاف. لقد كانوا شركاء بعدد من الحقائب في حكومة الوفاق، لكن هذا لم يمنعهم من الانقلاب عليها، تحت ذريعة مكافحة الفساد والجرعة السعرية. ما يزال الحوثيون يبتكرون الحيلة تلو الحيلة، ويخادعون المجتمع الدولي بعبارات رنّانة، من قبيل الدعوة إلى حكومة شراكة بين كل الأحزاب اليمنية.
يدرك اليمنيون جيداً، والإقليم والعالم، أن الحوثي انقلب على حكومة الوفاق التي كان شريكاً بها بعدد من الوزراء، وتجاوز مخرجات الحوار الوطني التي شارك ممثلوه في صياغتها، ليصنع واقعاً جديداً في البلاد، انتهى إلى الحال الذي يعيشه اليمن منذ أواخر سبتمبر/ أيلول 2014.
يقول ناطق الجماعة المسلحة، محمد عبدالسلام، إنه “لا بد من تشكيل دولة أولا ثم يسحب السلاح من جميع الأطراف”، وهو يعلم جيداً أن جماعته قوّضت الدولة اليمنية ونهبت سلاحها واحتلّت مؤسساتها، وأعطبت الدولة لصالح جماعة من طيف واحد يؤمن بأحقية الخرافة في الحكم!
عبدالسلام وجماعته يرغبون في إعادة رسم صورة مشوّهة للدولة التي في مخيلتهم، تقوم على أساس محاصصة مناطقية وطائفية، وتؤسس لوضع مختلّ كلياً يساوي بين بقايا الدولة وجماعة نشأت بصورة تخالف قانون الأحزاب والتنظيمات السايسية المعمول به في اليمن.
الحوثيون، اليوم، مطالبون بالتحوّل إلى حزب سياسي مُرخّص كبادرة حُسن نيّة ابتداءً، قبل أيّ حديث عن حكومة الشراكة أو الإئتلاف. لقد كانوا شركاء بعدد من الحقائب في حكومة الوفاق، لكن هذا لم يمنعهم من الانقلاب عليها، تحت ذريعة مكافحة الفساد والجرعة السعرية، تطورت لاحقاً إلى حرب لم تهدأ منذ أبعة أعوام ويزيد، انتجت كارثة إنسانية يُزايد من خلالها الحوثيون في المحافل الدولية.
يفترض أن نرى ضغوطاً أكبر ضد الحوثيين، في حال قرر المجتمع الدولي إيقاف المأساة اليمنية، أما الانصياع لهذه الشروط وترويجها، فهو مضيعة للوقت، وإهدار لفرص السلام التي قد لا تتكرر مرةً اخرى.
المراوغة ديدن الحوثي منذُ أول نسخة من المشاورات اليمنية في جنيف، لكن الوقت لا يسعف الجميع في المزيد من المماطلات، في حال قرروا إخراج البلاد من أزمتها التي طحنت الجمهورية الأشد فقراً في المنطقة.
هل تستطيع دبلوماسية الحكومة الشرعية والتحالف العربي، هذه المرّة، في إقناع العالم بحقيقة ما يجري في اليمن، أم أن العالم هذا، لا يود معرفة ذلك، وسيستمر في استخدام أزمات المنطقة كـ”فزّاعات” ضد خصومه وحلفائه في آنٍ معاً؟!