“بن اليمن يا درر يا كنز فوق الشجر”.. واحدة من الأغاني التي بقيت حاضرة على لسان اليمنيين يتغنون بها اعتزازا بالبن الذي يعد الأعلى جودة بالعالم يمن مونيتور/ الجزيرة نت
“بن اليمن يا درر.. يا كنز فوق الشجر” واحدة من الأغاني الطربية التي غناها الفنان اليمني علي الآنسي وبقيت حاضرة على لسان اليمنيين يتغنون بها اعتزازا بالبن اليمني الذي يعد الأعلى جودة في العالم والألذ مذاقا.
لكن البلد الذي طالما ارتبط تاريخه بالمشروب الأكثر شهرة في العالم يعاني من حرب مستمرة منذ مطلع العام 2015 ألقت بظلالها على إنتاجه، إذ تقلصت مساحة الأراضي المزروعة إلى مستويات مخيفة.
وفاقم ذلك تدهور زراعة القهوة التي تراجعت خلال العقود الماضية أمام تمدد زراعة نبتة القات (نبتة منبهة يلوكها اليمنيون في أفواههم لساعات طويلة ويعتقدون أنها تمدهم بالحيوية والنشاط).
لكن تمدد نبتة القات على حساب البن انعكس سلبا على اقتصاد اليمنيين، إذ إن الأولى تستهلك محليا فقط كما أنها أضرت بالاقتصاد، في حين يصدر البن إلى العالم ويساهم في الإنتاج القومي للبلاد، حيث يباع الكيلو الواحد منه أحيانا بخمسين دولارا.
تراجع الإنتاج
في قرية “جهامة” بمديرية بني مطر غرب العاصمة صنعاء يفصل محمد العزب مع آخرين حبوب القهوة إلى أنواع، وفي الجهة المقابلة من الوادي تمتد أشجار البن في وادي “بقلان”، وكان العزب ورفاقه يدندنون بأهازيج شعبية تدعو الله أن يبارك لهم في المحصول.
الشاب الثلاثيني خريج كلية الصيدلة من جامعة صنعاء عاد إلى قريته لزراعة البن الذي تشتهر به منطقته باعتبارها واحدة من المناطق التي تنتج حبوب القهوة ذات النكهة الفريدة.
غير أن الحرب بددت آماله وألقت بظلالها على إنتاج البن في قريته، ويقول للجزيرة نت “كل شيء تغير للأسوأ، لم يعد الوضع كما كان عليه في السابق، المزارع يحاول خلال هذه الأيام أن يضمن ما خسره خلال الزراعة”.
ويرجع العزب الانخفاض الكبير في إنتاج البن إلى الحرب، وانهيار الاقتصاد وإغلاق المنافذ التجارية، بالإضافة إلى العامل الأبرز المتمثل في انعدام الوقود المستخدم لتشغيل مولدات ومضخات الري.
ويضيف “في بعض المناطق مثل محافظة ريمة ومديرية حراز بصنعاء تعتمد زراعة البن على مياه الأمطار التي تراجع هطولها مع التغيرات المناخية ليضرب الجفاف العشرات من أشجار البن”.
ومنذ 2009 تراجع إنتاج البن في اليمن من 17 ألفا و300 طن إلى 15 ألفا و200 طن، في حين تقلصت المساحات المزروعة من 33 ألفا و500 هكتار إلى 27 ألف هكتار، بحسب بيانات لوزارة الزراعة والري في الحكومة اليمنية وجمعية البن اليمني.
مذاق رائع
ويزرع البن في مناطق مختلفة باليمن، الأمر الذي انعكس على تفاوت مذاقه، وأجود أنواعه هي البن “الإسماعيلي” و”المطري” و”الحيمي” و”الحواري” و”الخولاني” نسبة إلى مناطق زراعته في غرب صنعاء، إضافة إلى البن “الحمادي” نسبة إلى “بني حماد” في تعز جنوب غربي اليمن.
وبحسب أبو محمد -وهو من أشهر بائعي البن في اليمن- فإن البن “الإسماعيلي” يتميز بجودة عالية في المذاق، في حين يتميز البن “المطري” و”الحيمي” بالنكهة الفريدة التي تميزهما عن غيرهما، كما يتميز “الحمادي” بالجودة والشكل.
وأحيانا يتم تصنيف البن بناء على شكله، إذ يقسم إلى “تفاحي” و”دوائر” و”برعي” و”عديني”، ويتربع التفاحي على أجودها.
وتحمص حبوب البن في معامل محلية بعد أن يتم فرزها حسب الشكل والجودة “حتى إنه في بعض الأحيان يتم فرز محصول كل أشجار على حدة، ويطحن في مطاحن محلية”، حسب أبو محمد.
ويضيف للجزيرة نت “بعدها يتم تخزينه وفق أسس ومعايير لا تزال حتى الآن بدائية، وبعدها يجري تصديره إلى دول العالم بأسعار عالية يتراوح سعرها بين 20 و50 دولارا”.
لكن نشوة أبو محمد التي ارتفعت وهو يتحدث عن البن اليمني ما لبثت أن خبت وهو يتحدث عن تراجع الإنتاج إلى مستويات كبيرة، ويقول “لدينا أهم مشروب في العالم لكننا أهملناه، ولو اهتممنا به لجعلنا ضمن اقتصادات العالم”.
التصدير للعالم
ويصدر “كنز اليمن” كما يحب أن يطلق عليه مزارعو البن إلى الولايات المتحدة والدانمارك والسعودية والكويت واليابان، وبدأت التجارة فيه تزدهر مع اتجاه الشباب إلى زراعته وترويجه بشكل كبير.
ويقول عبد الغني الروحي المنحدر من أسرة عريقة في تجارة البن إن عائلته تخلت عن تجارة القهوة خلال العقدين الأخيرين، لكنها عادت مجددا بعد أن وجدت أنها باتت مربحة.
ويضيف أنه “رغم المنافسة العالمية من دول عدة تنتج القهوة بآلاف الأطنان إلا أن البن اليمني يشفع له بأنه يتربع على تصنيف مقياس جودة القهوة بنسبة 90%”
.