اخترنا لكمتراجم وتحليلاتغير مصنف

هل يمكن للحلول الوسط أن تكبح جماح مكائن الحرب الحوثية؟! (تحليل خاص)

قد يدفع حل لمكافأة الحوثيين بمنطقة حكم ذاتي الجماعات الشيعية في الخليج إلى إشعال حروب داخلية للحصول على المكافأة  يمن مونيتور/ تحليل/ من عدنان هاشم
تدور منذ نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي تكهنات بإمكانية تحقيق سلام مع جماعة الحوثي المسلحة، الجماعة التي تخلّقت من الحرب التي توفر بيئة ملائمة لتوسع وانتشار الجماعة المسلحة.
تقوم أسس وقف الحرب التي قدمتها الولايات المتحدة ويبحث بشأنها الغرب أساسين رئيسين الأول: وقف الصواريخ الباليستية وطائرات دون طيار على السعودية والإمارات ومن ثمَّ يوقف التحالف غاراته الجوية على الحوثيين في المناطق المأهولة بالسكان. الأساس الثاني يقوم على أساس تجريد اليمن من الأسلحة الثقيلة جداً مثل الصواريخ الباليستية، ومنطقة حدودية منزوعة السلام -بين السعودية واليمن- إضافة إلى منطقة حكم شبه ذاتي للحوثيين.
هذه الحلول الوسط لن تكون حلاً لأزمة اليمن، وإن كانت حلاً مؤقتاً للقرى الحدودية السعودية فليست حلاً لأمن دول شبه الجزيرة العربية، وهو ما يجب التنبه له.
 
منطقة الحكم الذاتي
في حصار عمران، ثمَّ إسقاط صنعاء ظهرت جماعة الحوثي المسلحة كقوة أكثر تنظيماً وتسليحاً -بعد نهب سلاح الدولة والسيطرة على مخزونها من الصواريخ الباليستية- وهي الجماعة التي اعتمدت تكتيكات مختلفة خلال الحروب الست (2004-2009) مع الحكومة اليمنية عندما كانت عشرات الأفراد ثم مئات تحدثوا عن مظلومية واضطهاد من السلطات. بعد الاستحواذ على السلطة وبدء عمليات التحالف العربي الداعمة للحكومة الشرعية ظهرت الجماعة أقوى في التحشيد والتسليح والوصول إلى مصادر الأموال -بطرق غير مشروعة، ساعدت خبرة علي عبدالله صالح الرئيس اليمني الراحل في توسع رقعة الحوثيين وإدارة الأعمال ضد الحكومة.
لكن بعد عام 2015، اعتمدت الجماعة المسلحة بشكل كبير على جماعة حزب الله اللبناني وإيران، ويبدو أن الجماعة باتت أكثر اعتماداً على إيران وارتباطاً بها إلى جانب “حزب الله” أكثر بكثير من الفترة التي سبقت الحرب؛ وبغض النظر عن التفاخر الإيراني بكون جماعة الحوثي جزء من محور المقاومة قبل الحرب إلا أن العلاقة كانت تقوم على أساس المصلحة وليس كتابع وأداة لإيران في المنطقة.
فالجماعة وإن كانت تأسست متأثرة بالشعارات والثورة الخمينية وتحاول استنساخها في اليمن، إلا أنها لم تكن تابعاً كاملاً وأداة كاملة كما يروج الإيرانيون، لكنها بعد الحرب أصبحت أكثر قرباً من إيران وارتباطاً بها؛ بما في ذلك البنية التنظيمية “الميليشياوية” للجماعة حيث يسيطر الطلبة اليمنيين الذين كانوا في الحوزات الإيرانيَّة لسنوات عديدة ويرتبطون ارتباطاً وثيقاً بالقادة الطائفيين والمخابراتيين الإيرانيين أكثر من اليمنيين على مفاصل الجماعة العسكرية والدينية والسياسية. يأتي ذلك نتيجة اعتماد الجماعة على إيران بشكل كبير للغاية خلال الحرب.
لذلك فإن منطقة حكم ذاتي أو شبه ذاتي للجماعة في أي جغرافيا أو منطقة، أو حتى تنفيذ فوري لنظام الأقاليم يدفع بالجماعة للتحكم بجغرافيا معينة بما لديها من أسلحة وهيمنة ونفوذ، في ظل دولة ضعيفة وجيش منزوع الأسلحة الكبيرة والقادرة على الردع هو حكم بتفكيك الجغرافيا اليمنية بقرار دولي، إلى جانب كونه قراراً بتقسيم اليمن إلى هويات فرعية تبعاً للجغرافيا وهو أمر خطير للغاية مجتمعياً ويهدم أي أسس لبناء دولة يمنية بعد الحرب.
 
الحل الوسط
إن أي حلول وسط مع جماعة الحوثي لا تكفل نزع السلاح الثقيل وتسليمه لسلطة الدولة الحامية والمدافعة عن كل المجتمع، وبقاء الجماعة كميليشيا مسلحة تستحوذ على جغرافيا معينة لها ارتباطات خارجية كبيرة وقوية؛ يعني تأجيل جديد لحرب لن تكون في اليمن وحدها ولكنها ستمتد على جغرافيا شبه الجزيرة العربية، فإيران وإن كانت لا تتحكم تماماً بجماعة الحوثي إلا أنها تُقدم الجماعة المسلحة كمُلهم للأقليات الشيعية في دول الخليج ولن يتأخر الوقت حتى تنفجر التنظيمات الداخلية التي تبنيها إيران في الخليج بفعل العوامل السياسية والاجتماعية في المناطق الشيعية للمطالبة بما تمكن الحوثيون من الحصول عليه “منطقة حكم ذاتي” ما يعني توتراً واسعاً لا يمكن كبح جماحه.
في المنطق ذاته لا يشمل نزع السلاح الثقيل من الحوثيين وحدهم وتسليمه للدولة بل يجب أن يشمل الميليشيات شبه العسكرية التي تعمل لجهات خارجية جنوب اليمن، أو ميليشيات طارئة حدثت وقت الحرب تخدم أجندات غير يمنية مهما كانت الدوافع والمبررات، ويجب تفكيكها بشكل مدروس يمنع إعادة تكوينها مجدداً، عدا ذلك سنشهد يمناً من حروب صغيرة بالوكالة.
في نهاية المطاف هذه الحرب لن تنتهي بهذه البساطة، فقرارات وقف الحرب ليست كقرار إشعالها، المطلوب حلول يمنية كاملة، والحكومة الشرعية مضطرة لاتخاذ قرارها والتخلص من كونها تابع تنفذ ما تمليه عليها القيادة السعودية والإماراتية؛ والتعامل بندية مع الدولتين -على الرغم من أن الوقت قد فات إذ أن الندية يفترض أن تكون من بداية الحرب- لكن وجودها الآن مهم لفهم مصالح الأطراف جميعها؛ وخطورة الإقدام على الحلول الوسط التي تنهي الأمن القومي لجميع الدول.
الاندفاع نحو نهاية الحرب من الأمم المتحدة مهم جداً فالهيئة الأممية ما زالت تملك صلة بالجميع. رغم الأخطاء التي حدثت. وحشد المجتمع الدولي من أجل الضغط على الجميع استراتيجية فعالة تستخدمها الأمم المتحدة إذ تستخدم ضد الدول لكن كحرب الأطراف الفاعلون متعددون وكل ما طالت الحرب تفرخت فصائل قتال جديدة تخلقها مصالح واقتصاد الحرب، يجعل من الصعب التقيّد بأي اتفاق من الطرفين.
وعلى الرغم من ذلك فإن اقتراب حل سياسي بين الطرفين يعيد الأمل لليمنيين؛ لكن حدوث هذا الاتفاق لا يجب أن يكون على حساب وعود تمزيق البلاد وشرذمتها وتأجيل لحرب جديدة، يجب أن يكون الحل لصالح كل اليمنيين وفق رؤية كاملة تضمن الإنصاف للضحايا وتنهي الأزمة الإنسانية وتعيد الإعمار وتعيد تأهيل المقاتلين خصوصاً الأطفال، لا أن تتضمن عقاباً جماعياً لليمنيين ومكافأة جيدة لكل من يشعل حرباً داخل البلاد؛ فستصبح عادة تنقل كتجربة قيّمة لكل جماعة تدعي المظلومية وتشكل أجنحة مسلحة للحصول على نفس المكافأة وما أكثر الجماعات التي تدعي المظلومية في الخليج.
 
المزيد..
 مخاطر الحلول “الوسط” مع الحوثيين على أمن شبه الجزيرة العربية
 
 
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى