هناك أنباء سارة من مأرب، فالتقدم مستمر على كل الجبهات العسكرية هناك، الجيش الوطني والمقاومة وبإسناد من قوات التحالف، حققا إنجازات نوعية شملت استعادة مواقع عسكرية مهمة ومناطق ذات قيمة استراتيجية مثل سد مأرب.
هناك أنباء سارة من مأرب، فالتقدم مستمر على كل الجبهات العسكرية هناك، الجيش الوطني والمقاومة وبإسناد من قوات التحالف، حققا إنجازات نوعية شملت استعادة مواقع عسكرية مهمة ومناطق ذات قيمة استراتيجية مثل سد مأرب.
حائط السد الذي كان يراهن عليه الانقلابيون، ممثلاً في جبهة مأرب ينهار تحت وقع الضربات التي يوجهها الجيش الوطني والمقاومة وطيران التحالف، هناك عزم قوي على إنهاء التمرد، وثمة فرقٌ نوعيٌ في الإمكانيات قد تحقق على أحد طرفي المواجهة.
لم يعد التفوق التسليحي والتكتيكي من نصيب الجيش المتمرد والمليشيا، بل من نصيب الجيش الوطني والمقاومة بعد وصول كتائب أحدث تدريباً وأكفأ تسليحاً، والأهم أكثر إيماناً بعدالة القضية، قضية استعادة وطن تمت مصادرته بفعل المغامرة المليشياوية.
تكمن أهمية المعارك في مأرب في أنها ستقرر مصير الانقلاب بشكل نهائي، فبقدر ما رأى المخلوع “صالح” أن مأرب حائط صد بالنسبة لمعركته في صنعاء، تنظر الحكومة والتحالف إلى هذه المعركة على أنها تمهيد للانتقال إلى المعركة الحاسمة، وأعني بها معركة استعادة صنعاء.
كان لافتاً ذهاب “محمد علي الحوثي” ومعه “أبو علي الحاكم” إلى تعز، في محاولة لتنشيط تلك الجبهة، حيث يحاول الانقلابيون تحويل معركة تعز إلى معركة إحراز للمكاسب الاستراتيجية عوضاً عن كونها معركة استنزاف لقدراتهم القتالة والتسليحية.
لكن من الواضح أن حضور قيادات حوثية بارزة في جبهة بعيدة عن صنعاء يعني أن المخلوع صالح، أراد أن يتعامل مع معركة مأرب وفق التقاليد العسكرية، عبر إخضاعها لقيادة عسكرية أكثر احترافاً، والنأي بها عن التدخل المباشر للحوثيين، لكن دون الاستغناء عن مقاتليهم.
وقد يعزى ذلك إلى كون المخلوع يخوض فيما بقي له من حضور عسكري في مأرب معركة استثنائية تتعلق بوجوده شخصياً، الذي قد لا يطول أبداً في ظل المؤشرات التي تأتي من هناك.
في المشهد تبدو الأمور أكثر قتامة بالنسبة لمستقبل الانقلابيين، الذين ربما لم يفقدوا القدرة على المفاجأة ولم يفقدوا بعد كل السلاح الذي لديهم، لكنهم في المقابل لا يمكن أن يستمروا في معركة طويلة الأمد، وتحتاج إلى أسلحة ثقيلة من أجل الحسم.
لأنهم بمجرد أن يفقدوا قدرتهم التسليحية لن يستطيعوا الحسم في الميدان مع المقاومة وليس فقط مع التحالف، لأن ما يستطيعون تحقيقه اليوم يعتمد بشكل أساسي على الأسلحة الثقيلة وعلى القوة النارية التي لا تزال لديهم وهي التي تصنع الفرق في الميدان.
ليس أمام الانقلابيين سوى المضي في استنفاد الذخيرة، ويقيناً أنهم لا يملكون تصوراً بشأن المآلات، كانوا يعتقدون أنهم يمضون بحماس لخلط الأوراق واللعب بقواعد التوازن في المنطقة على أمل إحداث خلخلة كافية لموازين القوى، كما صرح بذلك المخلوع “صالح” لحظة وقوفه على أطلال قصره الذي تمت تسويته بالتراب، إثر ضربتين جويتين من طيران التحالف.
صدى المعارك في اليمن يبدو أنه عجز عن أن يصل إلى أروقة الجمعية العامة للأمم المتحدة، لم تكن الأزمة اليمنية إحدى القضايا التي انشغل بها قادة الدول الكبرى على وجه التحديد.
هذا لا يعني سوى شيئا واحداً أن المجتمع الدولي ما يزال يوفر الغطاء للتحالف العربي للحسم في اليمن، خصوصاً وأن تدخل التحالف العربي يهدف بالأساس إلى إنهاء الانقلاب وإعادة السلطة الشرعية، والقضاء على الأسباب التي أدت إلى الانحراف بخط التسوية السياسية في البلاد.
لأجل ذلك ستبقى المعركة التي يخوضها الانقلابيون في مواجهة الحكومة والتحالف العربي ضرب من مصارعة طواحين الهواء، وليس ثمة نتيجة سيحققها الاستمرار في هذا العبث المسلح سوى مزيد من إنهاك القوى الانقلابية وانهيارها في نهاية المطاف.