كانت منازل الفقراء في البلدة الغائبة عن أنظار مسؤولي البلد الغارق في الحرب تعج بأجساد الأطفال الهزيلة وحالات سوء تغذية وتفشٍ للأوبئة، وأسر لم تستطع توفير الحد الأدنى من الطعام.
يمن مونيتور / العربي الجديد
خلال تنقل الصحافي اليمني بسام القاضي في بلدة الأزارق في محافظة الضالع (جنوب اليمن)، تكشّفت أمامه.
كانت منازل الفقراء في البلدة الغائبة عن أنظار مسؤولي البلد الغارق في الحرب تعج بأجساد الأطفال الهزيلة وحالات سوء تغذية وتفشٍ للأوبئة، وأسر لم تستطع توفير الحد الأدنى من الطعام.
دشن القاضي، من خلال حسابه على موقعَي “فيسبوك” و”تويتر”، وسمَي #أنقذوا_أطفال_الأزارق #المجاعة_تفتك_بأزارق_الضالع، وأطلق من خلالهما نداءات استغاثة للعالم وللسلطات المعنية بإنقاذ أطفال البلدة، بعد أن فتك الجوع بأجساد الأطفال وحولها إلى هياكل عظمية.
وراء جبال وعرة ومناطق نائية لا تصلها الخدمات والاتصالات وغياب تام للسلطات الحكومية، كانت البلدة قد استسلمت لواقع الجوع والحرب وحاصرت المجاعة الأسر المعدمة، ولم يكن أمامها سوى أن تبقى حبيسة للمأساة بصمت.
وقال الصحافي بسام القاضي: “الأزارق من أكثر من المناطق فقراً على مستوى اليمن، وتعاني من كارثة إنسانية كبيرة والمجاعة اجتاحتها التي أغلب سكانها من الفقراء”.
وتابع: “شخصياً المشاهد التي رأيتها للأطفال تبكي الحجر والشجر قبل البشر، وأكثر من أربعة آلاف طفل يعانون من الجوع وسوء التغذية والوضع هناك كارثي، وتوفيت الطفلة عبير عامر بسبب عدم امتلاك والدها وسيلة النقل نتيجة انعدام المرافق الصحية وغياب دور الإغاثة الدولية والمحلية”.
لكن القاضي وبمساعدة عدد من الناشطين، دشنوا حملات على مواقع التواصل الاجتماعي لكشف المأساة، ونشروا صوراً ومقاطع فيلمية وإحصاءات للأطفال، كما نشطوا مع وسائل الإعلام المحلية ومنظمات إغاثية من أجل تسليط الضوء على الوضع الكارثي في البلدة.
وكشف مدونون وناشطون خلال الأشهر الماضية، عن أزمات إنسانية تشهدها مناطق عدة في البلاد، فاقمها الفقر المدقع واستمرار المعارك خصوصاً في قرى صنعاء وحجة وصعدة والضالع وتعز والجوف ومأرب والمحويت.
في سبتمبر/ أيلول الماضي، تصدرت صور قادمة من بلدة نائية في محافظة حجة (شمال اليمن) لأسر تأكل من أوراق الشجر واجهات وسائل الإعلام المحلية والدولية، لكنها لم تكن لتظهر على العالم لولا أن نقلها ناشطون محليون عبر حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.
ونشر الصحافي عيسى الراجحي صوراً ومقاطع لأهالي بلدة أسلم وهم يتناولون أوراق “الحلص” بعد أن صنعوا منها عجينة خضراء لمواجهة نفاد الطعام في منازلهم.
واستطاعت الصور التي انتشرت على نطاق واسع أن تدفع وسائل الإعلام التلفزيونية والإلكترونية إلى تسليط الضوء على البلدة، ووضعت المؤسسات الرسمية والإغاثية الدولية أمام حرج غيابها عن إنقاذ السكان من خطر المجاعة.
وساهمت وسائل إعلام محلية في إظهار جانب من المأساة بمحافظة الحديدة (غرب اليمن)، والتي تعد إحدى أكثر المناطق تأثراً بالحرب وآثارها التي بدت واضحة في أجساد السكان.
وانتشرت خلال الأشهر الماضية، تقارير صحافية لسكان نازحين من لهيب الحرب في قرى المحافظة، وقد تقطعت بهم السبل للحصول على الطعام والمأوى والسكن.
وقالت الأمم المتحدة في آخر تقاريرها إن نحو نصف مليون طفل ومليوني أم مهددون بالموت في اليمن نتيجة النقص الحاد في الغذاء، معتبرة أن المجاعة في اليمن قد تكون أسوأ كارثة يصنعها الإنسان في التاريخ الحديث.
في مدينة تعز (جنوب غربي البلاد)، كشف مصور صحافي عن حالات سوء تغذية حادة أصابت أطفالاً في بلدة جبل حبشي التي تشهد قتالاً منذ أعوام بين قوات الحكومة ومليشيا الحوثيين.
ونشر المصور أحمد الباشا صوراً لأطفال تحولت أجسادهم إلى هياكل عظمية بعد أو وصلت إلى مستشفى المظفر في المدينة، وكانوا لا يقوون على الوقوف بسبب هزالهم.
أما في مدينة المحويت (شمال غربي صنعاء) كان مقطعان مصوران وتدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي كفيلة بالكشف عن كارثة، بعد اجتياح وباء الكوليرا بلدة الأصابع في منطقة ملحان.