ما نحتاجه هو تغيير من الداخل اليمني؛ من هذا الشعب اليمني المغلوب الذي استطاع الذهاب إلى الموت في الجبهات وعجز عن الخروج إلى الشارع وانتزاع الحقوق من أفواه تجار الحروب وزبانية السياسة.
نهاية الصراعات لا تشبه نهاية الأفلام والمسلسلات القديمة.
حين تنكشف المؤامرة وتظهر الحقيقة وينتصر البطل ويعتذر منه كل الذين ظلموه وأجرموا في حقه ثم يعيش الناس في سبات ونبات.
الصراعات نهايتها إما أن تقضي على خصمك قضاء تامًا لا تقوم له قائمة بعدها؛ أو تسمح له بفترة كمون وتكوين من جديد.
أو أن تتعايش معه على فجوره وأجرامه في حقك.
وكل شعب يصنع النهاية التي يريد.
وحالة الصراع اليمني مثل كل صراعات البشرية كل جانب يظن أنه على الصواب بل ويذهب العوام من الاتباع إلى يقين أن هذا الصراع هو من أجل الوطن وحبا له.
الجميع يصف الآخرين بأنهم خونة وعملاء لأعداء الوطن يقولون ذلك بكل إخلاص ووطنية.
في المقابل ينظر إليهم الطرف الآخر كخونة باعوا الوطن للانقلاب والخراب.
لكن الحقيقة أن الجميع لا يفكرون في وطنهم؛ ولا في هذا الشعب الذي تتآكله الصراعات بالقتل والجوع.
حين صرح السفير الإماراتي في واشنطن أن اليمن أنسب مكان لمواجهة إيران فذلك لأن الكائن اليمني معروف عبر تاريخه الطويل لدى دول الجوار.
فاليمني الذي أخضعه الجوع والفقر على يد التحالف والحوثي على حد سواء؛
يقبل أن يحمل السلاح ليقتل أخاه اليمني بمقابل مادي.
آلاف من الجوعى والعاطلين عن العمل يتبادلون الأدوار بين مقتحم للحدود السعودية ومدافع عنها، ليدفن الطرفين من أجل أن يبقى قاتليهما.
وفيما التحالف والحوثي يضيقان الخناق على الناس كي يندفعوا بشراسة أشد نحو جبهات القتال، ينسى اليمني ما يراد لبلده من تقسيم طائفي وتشظي ويذهب ليقتل يمني آخر ببسالة وشجاعة ومن لم يمت بالجوع مات بالرصاص.
الحقيقة أننا شعب “مرتزق” أباح أرضه وكرامته ولن يكتب له الحياة ما لم يعد إلى جادة الصواب ويفكر في نفسه ومصير بلده؛ وألا يترك لقياداته الزج به في خضم الصراعات من أجل مصالحهم فقط.
لن يغير الله حالنا بين ليلة وضحاها ونحن هكذا؛ لأننا سنعيد الكرة دون اتعاظ من تجارب صراعتنا وثوراتنا الفاشلة.
ما نحتاجه هو تغيير من الداخل اليمني؛ من هذا الشعب اليمني المغلوب الذي استطاع الذهاب إلى الموت في الجبهات وعجز عن الخروج إلى الشارع وانتزاع الحقوق من أفواه تجار الحروب وزبانية السياسة.
أين الرفض لكل هذا التجويع والإذلال أيها اليمنيون؟ لماذا كل قدراتنا توقفت على مقدرتنا على الصبر والموت بصبر؟!
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن سياسة (يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشرها دون الإشارة إلى مصدرها الأصلي.