كيف يزداد تنظيم القاعدة قوة في اليمن وما الوسائل التي يستخدمها؟.. مجلة أمريكية تجيب
نشرت مجلة ذا ناشيونال انترست الأمريكية تقريراً يشير إلى أن تنظيم القاعدة على عكس ما يتوقعه كثيرون ليس ضعيفاً أو منقسماً بل إنه في الواقع يزداد قوة.
يمن مونيتور/ صنعاء/ ترجمة خاصة:
نشرت مجلة ذا ناشيونال انترست الأمريكية تقريراً يشير إلى أن تنظيم القاعدة على عكس ما يتوقعه كثيرون ليس ضعيفاً أو منقسماً بل إنه في الواقع يزداد قوة.
كشف تحقيق أخير أجرته وكالة أسوشيتدبرس عن أن تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية ربما يكون قد تم شراؤه من قبل الإمارات والقوات الموالية لها جنوب اليمن. ويشير التحقيق إلى حالات تم فيها عقد صفقات بين القاعدة في شبه الجزيرة العربية والإمارات العربية المتحدة وقواتها بالوكالة.
في وقت لاحق من تحقيق الوكالة الأمريكية، نفت الإمارات هذه التقارير وقالت إنها قامت دون أدلة أو أسناد، خلال مؤتمر صحافي في أبوظبي. لكن مسؤولاً رفيعاً في الخارجية الأمريكية تحدث للوكالة أمس الأربعاء، إن الإمارات بالفعل دفعت مبالغ مالية كبيرة وكافية لشيوخ القبائل لإخراج القاعدة من مناطق سيطرتهم وهم من تولوا الاتفاق.
تنظيم قادر على الصمود
وكتب التقرير للمجلة الأمريكية مايكل هورتون وهو خبير في الجماعات المسلحة والإرهابية ومتابع دقيق لخطوات تنظيم القاعدة في اليمن؛ وبدا هورتون على غير العادة غير متفاءل بالحرب ضد التنظيم إذ كان قد حذر العام الماضي في دراسة من خروج تنظيم القاعدة من المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة دون قتال، ومن أن السجون السرية التي يتعرض فيها معتقلون للتعذيب تمثل مصدر إمداد للمسلحين التابعين للتنظيم وكان متفائلاً أن العمليات التي تقودها الإمارات قد تحدد نهاية التنظيم.
ولفت الكاتب إلى أن تحقيق اسوشيتد برس يُظهر فيه تنظيم القاعدة قوياً وقادراً على الصمود ما يتناقض مع التقييم الذي قدمته الإمارات والتحالف بأن التنظيم أصبح ضعيفاً ومنقسماً، بسبب عمليات التحالف العربي في اليمن.
وقال الكاتب إن النظر إلى تنظيم القاعدة كمنظمة ضعيفة ومنقسمة يمثل سوء فهم للاستراتيجية التي يسير عليها التنظيم في اليمن. فبدلاً من كون التنظيم ضعيفاً ومنقسماً يستفيد التنظيم من الدروس التي تعلمها في السنوات الست الماضية من الفشل والنجاح، حيث أن تنظيم يبني استراتيجية أكثر واقعية تتضمن بنية لا مركزية أو عقدية. مثل الابتعاد عن المركزية وترك القرار للمجموعات، وهذا ما يجعلها تبدو منقسمة لكنها ليست كذلك. ورجح هورتون أن التنظيم يتكيف فقط مع الظروف المتغيرة باستمرار للحرب في اليمن ويستفيد منها.
الانخراط في المجتمع
كانت قيادة القاعدة في شبه الجزيرة العربية قد أدركت مبكراً أنَّ انخراطها داخل المجتمعات المحلية كان أساسياً لتوسيع نفوذها وضمان بقاءها على المدى الطويل. لقد قامت بذلك، على الأقل على مستوى ما، منذ قيامها.
وتعرض التنظيم عام 2012 إلى أكبر محاولة اجتثاث في تاريخه بعد هجوم منسق للحكومة اليمنية والقبائل المحلية. يقول هورتون إن التنظيم استفاد من دروس تلك السنة الكارثية؛ أولاً: تبنوا نهجاً تدريجياً في فرض تفسيرهم الراديكالي للشريعة (القانون الإسلامي) حتى لا ينفر السكان المحليين الذين يجدون بشكل كبير مثل هذا التفسير لعنة. ثانياً: ركزوا على توطين منظمتهم. وقد تسبب المقاتلون الأجانب، وكثير منهم من الصومال، الذين اندمجوا في التنظيم للسيطرة، لكنهم أعادوا المناصب القيادية إلى اليمنيين أنفسهم، وليس أمام قيادة أجنبية ما جعلهم أقرب للسكان المحللين.
لقد تعلم تنظيم القاعدة في اليمن من أخطاءه الخاصة كما تعلم أيضاً من أخطاء تنظيم القاعدة العالمي. وقام التنظيم في اليمن بتوطيد قواه مع السياق الاجتماعي والسياسي للدولة، ويبدو تنظيم القاعدة في اليمن أقرب في تجربته إلى حركة طالبان من تنظيم القاعدة. حيث نسجت حركة طالبان نفوذها في نسيج جزء كبير من المجتمع الأفغاني، وهي في المقام الأول منظمة تسعى بصبر إلى تحقيق أهداف استراتيجية طويلة الأجل.
طريقة حركة طالبان
كان الاستيلاء على صنعاء، العاصمة اليمنية، من قبل الحوثيين في سبتمبر / أيلول 2014 والهجوم اللاحق الذي احتلوا فيه عدن لفترة وجيزة وحشياً، وأصبح ذلك رصاصة في ذراع تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية. أدى الهجوم الحوثي وما تبعه من توغل سعودي وإماراتي، أطلق عليهما اسم “عملية عاصفة الحزم” ، التي بدأت في مارس / آذار 2015 ، إلى تزويد القاعدة في شبه الجزيرة العربية بالبيئة المثالية لاختبار نُهج واستراتيجيات جديدة تعكس في نظر العديد من الحالات نهج حركة طالبان.
في نفس الشهر الذي أطلقت فيه السعودية والإمارات وشركاؤها “عاصفة الحزم” استول القاعدة على ميناء المكلا ، خامس أكبر مدينة في اليمن. احتل القاعدة المدينة وحكمها من خلال وكلاء لمدة عام. في أبريل / نيسان 2016 ، استولت القوات التي تقودها الإمارات على المدينة من القاعدة دون قتال. كان احتلال القاعدة طوال العام وحكمها في إحدى المدن الكبرى نجاحًا كبيرًا للمنظمة. علمت أن الحكم والتشغيل من خلال الوكلاء كان إستراتيجية قابلة للتطبيق وفرت لها الغطاء السياسي والتكتيكي الذي تطلبه.
والأهم من ذلك، أن مثل هذه الاستراتيجية سمحت لها بأن تعمل بشكل أكثر تآلفاً مع عناصرها ضمن سياقات محلية محددة للغاية. وفي الوقت نفسه الذي كان فيه تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية يحتلّ المكلا، تم نشر مقاتليه أيضًا في المناطق التي كانت تقاتل فيها قوات مختلفة الحوثيين.
تحول في الاستراتيجية
بوجود تنظيم القاعدة في الخطوط الأمامية للحرب ضد الحوثيين فإن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب قد وجد حقا موطئ قدم له في البلاد. في العديد من المناطق المتنازع عليها بشدة مثل مدينة تعز ومحافظة البيضاء، ينخرط نشطاء القاعدة وجنود المشاة في تنظيم القاعدة في الكفاح ضد الحوثيين حيث يتم الاحتياج إليهم من أجل انضباطهم ومهاراتهم القتالية. وعلى غرار الاستراتيجية التي استخدمتها في المكلا، فقد قلل القاعدة في شبه الجزيرة العربية من تركيزه على تطبيق الشريعة وشن هجمات جهادية عابرة للحدود الوطنية لصالح إدراج نفسها في مجموعة متنوعة من السياقات الاجتماعية والسياسية والعسكرية.
لقد تحولت استراتيجية القاعدة من استراتيجية طموحة، لا هوادة فيها- صوتية على الأقل إلى حد ما- وعالمية في نظرتها، إلى استراتيجية محلية مكثفة وهادئة نسبياً وبراغماتية. قد يجعل هذا الأمر يبدو أن المجموعة مشتتة وبالتالي ضعيفة. ومع ذلك، فبدلاً من التجزؤ، من الأرجح أنَّ تنظيم القاعدة يتبنى توظيفاً هيكلياً عقدياً يتجنب اتخاذ القرار المركزي. عندما يُستخدم هذا الهيكل في حرب معقدة مثل اليمن، فإنه يجعل من الصعب جدا تحديد من ومن ليس عضوا في تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية. وفي الوقت نفسه، يستضيف اليمن عدد متزايد من المليشيات السلفية التي لا يمكن تمييز أسسها الإيديولوجية عن تلك التي تتبعها القاعدة هذا بالإضافة إلى الجهود الواضحة التي يبذلها تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية في “الظلام” للرد على الولايات المتحدة.
واختتم مايكل هورتون تقريره بالقول: “إن الحرب في اليمن دمرت البنية التحتية مما زاد من فقر ما كان بالفعل أفقر بلدان الشرق الأوسط وأغرق في بلد مدجج بالسلاح بالفعل بأسلحة متطورة. من غير المحتمل أنَّ تفشل منظمة متشددة مثل القاعدة في شبه الجزيرة العربية حيث أثبت التنظيم أنها قادر على التكيف ومواصلة استغلال مثل هذه البيئة. أضف إلى ذلك أن الإمارات والسعودية قد غضتا النظر عن نشاط تنظيم القاعدة -لمواجهة الحوثيين- ما يؤكد أن مستقبل تنظيم القاعدة في اليمن آمن”.
المصدر الرئيس
Terrorists are Tightening Their Grip on Yemen