بعد ما قضى وقتًا كبيرًا في خدمة الوطن الحبيب زاره الاطمئنان، وألقى بجسده المتعب تحت شجرة السدر واضعًا يديه تحت رأسه يحلق في الشجرة كثيرًا، وخياله شارد عنها، إنه يفكر براحة باله فقد قدم للوطن شيئًا يستحق أن يذكر به.
بعد ما قضى وقتًا كبيرًا في خدمة الوطن الحبيب زاره الاطمئنان، وألقى بجسده المتعب تحت شجرة السدر واضعًا يديه تحت رأسه يحلق في الشجرة كثيرًا، وخياله شارد عنها، إنه يفكر براحة باله فقد قدم للوطن شيئًا يستحق أن يذكر به.
عمل لأجل حمايته الكثير، إذ كان صدره في المقدمة يصد العدو عن التقدم ويعمل على رده مذمومًا مدحورًا.
قبل أن يغادر بيته للقاء الجهاد كان يسمع من الأهل والأقارب وأبناء المنطقة ذلك التأفف والتقزز من العدو الذي أراد لبلادنا السوء والمكروه، وقد كان يرى الحماس بعيون أبناء المنطقة وحبهم الجهاد في سبيل الله والوطن.
ظن في نفسه عند عودته إلى الأهل والأقارب أنه قد أنجز عملًا ذا أهمية قصوى، فقد تحررت مناطق كثيرة كان من أبطال تحريرها دحر المليشات بكل قواه، حتى لُقب من قبل قائدهم بقاهر العدو.
“قاهر العدو” اليوم يغادر أرض المعركه ليزور أهله ويعود إليها فهي أمه الثانية التي تذود عنه وهي أم لكل الأحرار مشبهة القساوة بالحنان.
كيف له أن يرى الدنيا ومن فيها الآن؟ ما الذي سيشغله كي يمضي الوقت ويصل؟ حتى عقارب الساعه تأثرت لموقفه، أو ربما أصيبت بالخجل أمامه، فلم تستطع المشي بالشكل الصحيح ، إنها تمشي ببطء قاتل، جعلته يتساءل من الذي أرسلك عليّ ووصاك بأن تقتليني بمشيتك هذه، مالذي سيقطع عليه الطريق ليصل، قلبه الآن يرتجف شوقاً لرؤية من يحب، فما بال قلوبهم وهم في غير انشغال، إذا كان هو مشغولًا بإدارة المعارك وخوضها فهم غير مشغولين إلا به وبالصراع مع الحياة دونه.
دخل في السيارة إلى جانب السائق الذي يعرفه حق المعرفة.. سعد كثيرًا وأحس بالأمل وصدق شعوره السابق بعد ما رحب به السائق أشد الترحيب، قال في نفسه لم يخني خيالي سأكرمه في القريب العاجل لصدقه معي ثم انطلق بحديثه مع السائق وبدأ يلقي عليه السؤال بعد الآخر عن الأهل والأقارب من منهم قد كبر ومن الذي رزقه الرب وتزوج وبدأت الضحكات تعلو كأنها أغاني فيروز في الصباح الجميل.
وبدأ صوت السيارة يعلو، ثم زار الصمت السائق لبعض الوقت أخرج الرجل هاتفه من جيبه وبدأ يتنقل بين الصور التي تجمعه بأصاحبه في ساحات الجهاد.. كان يقول في ذاته أنه سيري هذه بابنها وتلك بزوجها وذلك سيريه ابنه حتى مل من مشاهدة الهاتف ورأى أن الوقت قد بدأ بالحركة والمساحة بينه وبين أهله لاتزال كبيرة.. طلب من السائق أن يسرع أكثر وأكثر، فما كان من السائق إلا أن قال له: يا صديقي في هذا الزمن يستطيع المرء أن يبيع صديقه، تعجب الرجل لحديثه لكنه لم يعره أي اهتمام فقد فسر أن البيع الذي يقصده السائق يكون في ساحة المعركة أثناء القتال، مضى في التحليق في هاتفه ثانية ولم يدر إلا وهو في قبضة المليشيات فقد باعه صديقه بثمن بخس.
المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
*المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن سياسة “يمن مونيتور”.