سكن الليل وما زالت أصوات المدافع تضج كأنها الوحوش المفترسة في الغابة، ترعب كثيرًا من هم بالقرب منها.. ترعب الأطفال والنساء اللائي لاحول لهن ولا قوة سوى البكاء.
أي وقت ستنامين بهدوء أيتها الحبيبة.. سكن الليل وما زالت أصوات المدافع تضجّ في المدينة وقد اقتربت كثيرًا من الريف الذي لا يعرف شيئًا سوى الأمان؛ بل إن الأرياف قد أصبحت تشكو أكثر من غيرها.
سكن الليل وما زالت أصوات المدافع تضج كأنها الوحوش المفترسة في الغابة، ترعب كثيرًا من هم بالقرب منها.. ترعب الأطفال والنساء اللائي لاحول لهن ولا قوة سوى البكاء.
مدينتي؟ لم تعد أصوات المدافع لترعب الأطفال والنساء وحسب.. لا فقد تقدمت أكثر وأرعبت الأحياء جميعهم، والأموات يا مدينتي لا ندري عنهم شيئًا!، هل يصبهم الرعب من هذه الأصوات؟ أم أنهم لا يبالون بذلك فقد جربوا الموت وذاقوا حلاوته ثم استراحوا، لكنني أجزم أنهم يتضجرون منها لأنها لا تدعهم ينامون براحة تحت التراب.
إلى متى ستظلين بهذه الكبرياء وهذا الشموخ؟ عهدتكِ كذلك لا تنزعجي فلا زلتُ أدعو وأصلي قيامًا وقعودًا كي تستمري بهذا الشموخ، لكنني أتساءل هل لهذه الكارثة التي اهلكتنا من نهاية؟ ومتى سيدتي؟
هل هناك نهاية لأولئك الطغاة الذين أتوا من المجهول واللا شيء يبحثون عن ملجأ ومأوى يوارون بكِ خيباتهم المتواصلة.. أتوا اليوم ليصفوا أنفسهم أنهم منك وأنهم الأحق بالولاية من أبنائك.
من الذي سيعيرهم عقلًا حتى يفيقوا من السكر الذي يعيشونه، ويرون حقيقتهم وهويتهم؟ من الذي سيهديهم إلى سبل الرشاد؟ أتراهم يا مدينتي يصدقون ذواتهم أنهم بشر ويصدقون أنهم يحملون العقول في رؤوسهم وأن لهم بين الضلوع قلوبًا؟ إنني أشك في ذلك تمام الشك، وأنقضُ مقولة من يقول إنهم بشر لهم ما للبشر من عقل يميزهم عن الحيوان.
يا مدينتي، البشر لا يتصرفون تصرفاتهم وأنتِ ترين ماذا يصنعون ليل نهار وتصمتين، البشر يحملون في رؤوسهم عقولًا وهؤلاء وإن حملوا العقول فلا يحملوها إلا في أقدامهم، يدوسون عليها ويمضون ليمارسوا أعمالًا يترفع الحيوان عن عملها.
لا تتقززي مدينتي.. كُفي عن البصاق لأكمل الحديث معك وأوضح لكِ الأسباب.
أتذكرين أولئك الذين ماتوا جوعاً؟ هل ترين الآن من يتضورون جوعًا وعطشًا؟
وهل ترين ماذا يصنع هؤلاء بالأموال التي ينهبوها من أملاك العزل.. أنت ترين أعمالهم بكل حين، لا داعي لأن أصفها لك.. أنت ترين بغيهم واستعبادهم لأبنائك، إنه مجرد ملل مني تجاه هذا الواقع الأليم الذي أضج الكل، لستُ أنا ولا أنت، تضجر، الكل فانفضي عنك غبار الصمت وتقدمي ليتقدم الحق.
المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
*المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن سياسة “يمن مونيتور”.