اخترنا لكمتراجم وتحليلاتغير مصنف

مساعٍ جديدة لفرض التسوية باليمن.. الهدف صنعاء والوسيلة عدن (تحليل خاص)

زيارة هادي للمهرة حملت رسالة رئاسية يمنية سعودية مشتركة. بمن مونيتور/ تحليل خاص/ من عبدالملك الطيب
زيارة مفاجئة للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي إلى محافظة المهرة، شرق البلاد، ويستقبله -إلى جوار محافظ المحافظة- سفير المملكة العربية السعودية، بمشهد يحمل رسالة رئاسية يمنية سعودية مشتركة.
كلاهما، الرئاسة اليمنية والمملكة العربية السعودية، تشعران أنهما تواجهان ظرفا استثنائيا، ومستوى جديدا من التصعيد في معركتهما المستمرة لإنهاء انقلاب الحوثي وإغلاق الباب امام التهديدات الإيرانية.
يسعى المجلس الانتقالي عبر شخصيات على صلة بدوائر القرار لدى الأطراف الدولية والأمم المتحدة إلى إقناع هذه الأطراف بإضافته كطرف في المباحثات التي يعمل المبعوث الأممي بإسناد دولي من أجل إنجازها. ويطمح الانتقالي إلى أن يمثل حضوره بهذه المفاوضات قوة إضافية تسند الضغوط الخارجية ضد الشرعية اليمنية، والمملكة العربية السعودية.
يرفع لافتة المطالبة بالاستقلال، فيما الهدف الذي ترى بعض الأطراف الخارجية أنها ستجنيه من حضوره المفاوضات هو استخدامه كورقة ضغط لإرضاخ الشرعية والمملكة وإجبارهما على الاتفاق السياسي مع جماعة الحوثيين، بما يبقي على الحوثيين كقوة مسلحة، أو على الأقل لابتزاز المملكة وتحقيق أعلى مستويات الاستغلال لموسم الكسب العالمي.
تلقي المملكة بكل ثقلها للحفاظ على التأييد الدولي الرسمي لما يعرف بالمرجعيات الثلاث “المبادرة الخليجية، الحوار الوطني، القرار 2216″، وتحقق المملكة في ذلك نجاحا دبلوماسيا غير مسبوق، لدرجة أنها تمكنت من إفشال جهود كبيرة بذلتها الإدارة الأمريكية السابقة خلال سنواتها الأخيرة.
على مستوى اليمن والعالم، ثلاثة أطراف ترفض المرجعيات الثلاث التي تستند إليها الشرعية والمملكة: إيران، والحوثي، والمجلس الانتقالي.
وعلى مستوى الداخل اليمني والعالم، طرفان اثنان لا يحضران في قائمة الأطراف التي تدين استهداف الحوثيين للسعودية بالصواريخ: إيران، والمجلس الانتقالي.
مساء الخميس الماضي، أعلن المبعوث الأممي عن اتفاق على جولة حوار جديدة تنعقد في جنيف مطلع الشهر القادم.
 قبيل هذا الإعلان، أي أثناء المباحثات الخاصة بالترتيب لهذه الجولة، كان الانتقالي يشعل المعركة السياسية والإعلامية في عدن، ويطلق تهديدات بالعمل العسكري المسلح، ويرسل التهديدات للرئيس شخصيا، ويحاول بذلك استلفات العالم، وما يزال الوضع مستمرا في التأزم.
يجتهد الانتقالي في هذه المناسبات بهدف إثبات الحضور والسيطرة في عدن، وتجتهد تلك الأطراف الخارجية -بالتوازي- لاستصدار بطاقة حضور باسمه، مبررة مساعيها بكونه يمتلك حضورا في عدن، وقوة مسلحة، بغض النظر عن حقيقة هذا الحضور السياسي من عدمها، وحقيقة تبعية تلك القوة العسكرية له..
يتناغم الأداء الميداني والإعلامي للانتقالي في عدن، مع الأفكار السياسية والمساعي التي تبذلها هذه الأطراف هناك، ويجري العمل بينهما بتنسيق محكم.
قبل أسبوعين، قام مسؤول أمني موال له بمهاجمة مخيم لنازحي الحديدة في عدن، وبعدها بأيام قامت إدارة أمن عدن التي يديرها اللواء الموالي له أيضا “شلال شايع” باعتقال أكثر من 60 شخصا من أبناء المناطق الشمالية المقيمين في عدن، جميعهم ينتمي إلى منطقة القبيطة التي ما تزال الشرعية تخوض فيها المعارك مع الحوثيين.. القاسم المشترك بين الحديدة والقبيطة هو أن المنطقتين تشهدان الآن المعارك بين الشرعية والحوثيين، وكانت هذه العمليات بالتوازي مع ترتيبات “جريفث”.
تعيد هذه العمليات إلى سطح الذاكرة صورا لحملة مماثلة أطلقها في عدن رموز الانتقالي الحاليين ممن كانوا ذلك العام يشغلون مناصب في الحكومة الشرعية وسلطاتها المحلية، انطلقت تلك العمليات العنصرية في 6 مايو 2016، أي بعد أسبوعين فقط من انعقاد مباحثات الكويت في 22 أبريل.
يبدو هدف الانتقالي من هذه الاعتداءات المثيرة إيصال رسالة مفادها: “نحن هنا”، فيما تقوم تلك الأطراف باستغلال الأحداث في الضغط على الشرعية، وبما مفاده: عدن ليست معكم، وصنعاء ليست بيدكم، فلا خيار إذن سوى التسوية، والتخلي عن خيار التحرير العسكري!!
يستغل الانتقالي النفوذ العماني في محافظة المهرة شرقا، ليقوم في هذا التوقيت بالاستفادة من هذا الحضور، والإسهام من وراء الستار بتأليب الرأي العام هناك ضد الريس والسعودية، لتبادر الرئاسة اليمنية والمملكة إلى إطفاء اللهب.
ويستغل في محافظة أبين في الوسط طبيعتها الجغرافية وضعف القوات الحكومية فيها وخبرة القاعدة في السيطرة عليها، ليخطط -مستفيدا من داعمين خارجيين- لإسقاط أجزاء منها في يد القاعدة، وتبادر وزارة الداخلية للترتيبات المضادة والاستباقية بتنسيق ودعم سعودي حسب مصدر مطلع.
ويستغل عمق الخلاف السعودي القطري ليتبع في عدن سياسة تصعيد ميدانية وأعمال فوضى وعنف تحت غطاء إعلامي عنوانه “قطر تقتل عدن”، لتبادر المملكة إلى إسناد إقامة الرئيس هادي وحكومته في عدن.
يشعر أن التضليل لم يكن بالمستوى المطلوب الذي ينطلي على الرياض فيتجه نحو تغييره بعنوان آخر يصوبه مباشرة جهة الرئيس هادي، ولأنهم لا يرغبون في مناهضة الرئيس علنا لأهداف عديدة، فإنهم يلجؤون لتصويب الرمح نحو ظهره لا صدره، تارة بحملات ضد الدكتور أحمد بن دغر وحكومته، وتارة وعلى نحو خاص لاستهداف وزير الداخلية أحمد الميسري، وتارة لاستهداف مدير مكتب الرئاسة عبدالله العليمي.
تتعدد المظاهر الميدانية والسياسية، وتتنوع العناوين الإعلامية، فيما الهدف ثابت: الشرعية والمملكة. والمشهد يختزله ناشط على مواقع التواصل الاجتماعي بصورة لمدير مكتب الرئاسة وهو بجوار الرئيس والملك، وأخرى وهو بجوار الرئيس والأمير محمد بن سلمان، ويعلق باختصار: ألسنتهم على العليمي، وعيونهم على الذين بجواره!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى