كتابات خاصة

عن الرويشان

سلمان الحميدي

هو ليس من جيلنا، ومشكلته أنه همزة وصل بين جيلين. يحفز الشباب للمستقبل وينصحهم بالاطلاع على المائة سنة الأخيرة لتاريخ البلاد على الأقل لإدراك خطورة غبار التاريخ الإمامي  مكتبتي صغيرة، وهي باختصار: شنطة ملابس حولناها للكتب ودفعناها بالقوة إلى تحت السرير، أما بعض الكتب مهترئة الأغلفة، اشتريت كتابًا ضمن سلسلة مبادئ الاشتراكية يتحدث عن الاقتصاد، اشتريته من الرصيف ويبدو أن الكتاب مسروقًا إذ عليه ختم لأحد الأشخاص، العمل الأدبي لشكسبير “تاجر البندقية” بغلاف ممزق، هل هذا مدعاة لأنتقد خالد الرويشان لأنه يملك مكتبة فخيمة مزدحمة بكتب جديدة؟

قرأت بعض المهاترات التي أثيرت مؤخرًا حول الأستاذ خالد الرويشان، قلة يختلفون معه ويخالفونه، كان الزميل عابد المهذري وهو رئيس تحرير صحيفة الديار، قد هاجمه بقسوة، فهمنا موقف المهذري، جراءة الرويشان وانتقاده لسلوك جماعة الحوثي التي أطلق عليها “غبار التاريخ”، لأنصار الحوثي سببًا للقدح لكل من يختلف معهم إذن، غير أن التعذر بسبب طريف يستدعي الضحك من قصص الهجوم..
ضمن المهاترات الأخيرة وجدت أن بعض الذين يخالفونه قد استدعى السبب ذاته الذي استدعاه عابد: الرويشان يتكلم مصري.
أنا من القرية، لو عشت في المدينة ردحًا من الزمان، وعدت إلى القرية وتحدثت بلهجة أهل المدن، يعني أصبحت مشاعًا لمن أراد أن يقدح ويشتم، ورفعني القادحون إلى الطبقة الطفيلية للبرجوازيين. هذا المنطق يبدو ساذجًا.
عرف الناس الرويشان عندما كان وزيرًا للثقافة، اللغة الأدبية التي يصرح بها، الهدوء المتزن الذي عرف به من خلف الشاشة، وكثرة الأنشطة الثقافية التي شهدتها البلاد في عهده، لم نكن من مرتادي الفعاليات، ولكن الأخبار وصلت إلى القرية، في عهده سيصل أدونيس ويكتب: لي في اليمن عرق ما، و “علي أحمد سعيد.. اسم يماني”، ذلك واجبه نعم، ولكن لم نتعود أن يقوم المسؤولون بواجبهم أبدًا، هذا السر وراء جذبه لشعبية كبيرة فيما يبدو، وانتقلت هذه الشعبية إلى العالم الافتراضي مأسورة باتزانه الهادئ وموقفه الشجاع، فهو يكتب عن المبدعين، عن انتهاكات المليشيا، عن قصف الأبرياء بالطائرات، وعن الأحلام.
هو ليس من جيلنا، ومشكلته أنه همزة وصل بين جيلين. يحفز الشباب للمستقبل وينصحهم بالاطلاع على المائة سنة الأخيرة لتاريخ البلاد على الأقل لإدراك خطورة غبار التاريخ الإمامي على اليمن الجمهوري، يفعل ذلك حين يتناقش مع أحد، أو تذهب مجموعة ما إلى بيته، هل علينا ألا نأخذ فكرة من رجل يملك بيتًا جميلًا ومكتبة فارهة ويسمع أم كلثوم؟
لست مع الرويشان ولست ضده..
لم أدافع عنه، ولم أهاجمه. مواقف المثقف هي التي ترسمه في أذهان الآخرين.
كما أني لم أهاجم من هاجم الرويشان باستدعاء أسباب طريفة، لأن المهاجمين هددوا بفتح ملف حول من يدافع عن الرجل، بوصفهم حاشية الرويشان المرائين.
أنا في القرية، وللعلم، أنا من تعز، عاصمة الثقافة كما يطلق عليها، بينما ينتمي خالد الرويشان إلى قبيلة خولان ويسكن في صنعاء، هل أكون مثقفًا وخالد الرويشان لا؟
وللعلم سيصير لي بيتًا، ووعدت أصحابي بمائة كتاب على الأقل من الرويشان، سنقروؤها ونتداولها جميعًا، لن نجعل عذرًا لمن لا يملك الهاتف الذكي، ولن نتغنى ببؤس مكتباتنا.
 صديق يسألني: موهي البرجوازية؟
المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
*المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن سياسة “يمن مونيتور”.
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى