غير مصنففكر وثقافة

زبيد اليمنية.. تراث عريق تطرق الحرب أبواب حصونها التاريخية

تطالب منظمات محلية وشخصيات سياسية ومجتمعية، بتحركا دوليا مسؤولاً، بما يكفل وضع أطراف الصراع أمام مسؤولية حماية زَبيد  يمن مونيتور/خاص

تقترب المعارك “زبيد”، التاريخية الواقعة في سهل تهامة الساحلي، أحد أهم المدن المدرجة لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «يونيسكو» ضمن قائمة مُدن التراث الإنساني العالمي عام 1993.
ومنذ 13 يونيو الماضي، تنفذ القوات اليمنية بإسناد من التحالف العربي، عملية عسكرية لتحرير الحديدة ومينائها الاستراتيجي على البحر الأحمر، من سيطرة مسلحي الحوثيين.
ومنذُ إعلان الإمارات العربية المتحدة الأحد الماضي، وقفا مؤقتا” للعمليات العسكرية في مدينة الحديدة اليمنية، للسماح للمبعوث الأممي بالتفاوض مع جماعة الحوثي المسلحة لتسليم ميناء الحديدة سلميا، انتقلت المعارك إلى مديرية التحيتا وزبيد بعد أن دفعت القوات الحكومية بتعزيزات عسكرية لتحريرهما من قبضة الحوثيين.
واعتبر القائد العسكري لقوات المقاومة التهامية العقيد الركن أحمد الكوكباني أن تحرير مديرية التحيتا وزبيد سوف يسهل معركة تحرير مدينة وميناء الحديدة”.
وكانت القوات الحكومية، قد أعلنت أول في وقت متأخر من مساء الخميس، إحكام سيطرتها على مركز مديرية “التحيتا” وأجزاء واسعة منها جنوبي محافظة الحديدة.
وتقول مصادر محلية في تصريح لـ “يمن مونيتور”، إن القوات الحكومية تتقدم نحو أسوار مدينة زبيد، في الوقت الذي تتمترس فيه عناصر الحوثي خلف أسوار المدينة.
ووفقا للمصادر أصبحت المعارك التي تدور بالقرب من أسوارها، تهدد أحد أهم المدينة التاريخية على مستوى العالم التي أدرجتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «يونيسكو» ضمن قائمة مُدن التراث الإنساني العالمي عام 1993.
مطالبات بتحرك دولي
وتطالب منظمات محلية وشخصيات سياسية ومجتمعية، بتحركا دوليا مسؤولاً، بما يكفل وضع أطراف الصراع أمام مسؤولية حماية زَبيد، التي تُعدّ أوّل مدينة إسلامية اُختطت في البلاد، وعاصمة ثلاث دول في التاريخ اليمني الوسيط، وفيها نشأت جامعة إسلامية «جامع الأشاعر» التي أمتد تأثيرها لأنحاء مختلفة في العالم الإسلامي، كما مثلت مدارسها منارات يقصدها الطلاب والعلماء من بلدان مختلفة، وهي المساجد والمدارس التي ما زال منها في المدينة 86 مسجداً ومدرسة، بل إنها المدينة الأعلى تركيزاً بعدد المساجد في اليمن مقارنة مع السكان.
وفي وقت متأخر من مساء أمس السبت، دعا وزير حقوق الإنسان اليمني “محمد عسكر”، الأمم المتحدة ومبعوثها لدى اليمن “مارتن غريفيث”، إلى إخراج جماعة الحوثي المسلحة من مدينة زبيد حفاظا على تراثها الإنساني القديم.
وقال “عسكر” في تغريدة بصفحته على “تويتر”، إن مدينة العلم والعلماء “زبيد” مصنفه ضمن مدن التراث الانساني لدى اليونيسف، مشيرا إلى أن تمترس مليشيات الحوثي بداخلها يعرض هذا المعلم التاريخي للأضرار.
وطالب الأمم المتحدة بالضغط على الحوثيين، من أجل أخراجهم من وسط المدينة، خصوصا وان الجيش الوطني وصل الى اسوارها، وذلك حفاظا على هذا الكنز التاريخي.
معرضة للخطر
ويرى خبراء في التراث، أنه في حال اقتربت المعارك العسكرية من مدينة “زبيد” التي كل بيوتها أصبحت مهترئة نتيجة الأهمال الذي واجهته من السلطات المتعاقبة على البلاد،  فسيكون التأثير بالغ الخطورة على مدينة تاريخية هي في وضع خطير أصلاً، وسنخسر بذلك تراثاً عالمياً نفيساً لن يعوّض».
وكانت منظمة الأمم المتحدة للتراث “يونيسكو”، قد أقرت مدينة زبيد في العام 2000 م ضمن  «قائمة التراث العالمي في خطر»، جراء استمرار مخالفات السكان من خلال البناء الحديث على حساب أصالة المدينة.
ووفق «يونيسكو» فإن حوالي 40 في المئة من مبانيها التاريخية قد تعرضت للخطر حينها. مع استمرار الطفرة السكانية والفقر في المدينة وبقاء جهود الحفاظ دون مستوى المسؤولية. وتواصلت المخالفات، حتى اندلعت الحرب الراهنة لتضيف تهديدات أخرى.
وعلى الرغم من وضع المدينة الحرج، بقيت حتى قبل الحرب، مقصداً للسياح الذين كانوا يأتونها للتعرف على حكايتها. كان الزائر يصل إليها من صنعاء، 233 كلم، مروراً بمدينة الحُديدة مركز محافظة الحُديدة التي تنتمي إليها المدينة والمديرية جغرافياً وإدارياً. ولا يفصل زَبيد عن البحر الأحمر سوى 25كلم.
وتتشكل المدينة من مجموعة من الأحياء تترابط بمجموعة من الشوارع والممرات يتوسطها السوق القديم.
وخلال تنقلك بين أحيائها ستلاحظ في معمارها شواهد على مراحل من التحولات لم تنل من ذاك البريق والجمال الذي يُحييك، وخاصة في أروقة الجوامع وتحديدا في جامع الأشاعر والجامع الكبير القديم وفناءات ومرافق القلعة، التي تُعرف بقلعة الناصري.
 وأنت تتأمل في معالم المدينة يبرز المعمار عنواناً عريضاً لخصوصيتها، وهو امتداد للمعمار الشائع في ساحل تهامة، لكن كأني به يتكرس بوضوح في هذه المدينة، وهو نمط يستخدم، من مواد البناء، الحجر والطوب المحروق والجير الأبيض «النورة» والأخير يمنح واجهات المباني لوناً زاهياً يزداد جمالاً بما ترتديه من زخارف تمتد من الواجهات الخارجية إلى الداخل في أشكال نباتية أو حيوانية أو خطية تنتشر بشكل ثري ومتنوع وجميل، ويبرز بشكل أكثر إدهاشاً في المساجد وبعض المباني الكبيرة. ويتميز تصميم البيت، هنا، بما يقترب من تصميم البيت الشامي في انفتاحه على فناء داخلي. ومن أهم ما يوجد في الطابق الأرضي للبيت في زَبيد غرفة المعيشة أو ما يعرف بـ«القيل» فيما تستقل الغُرف أو «الخلوات» في الطابق العلوي.
 
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى