لا تغيير دون تجاوز الماضي، ولن نتجاوز الماضي دون وعي جماهيري يفعل جهاز المناعة (العقل) يفكر ويحلل ويستنبط الحقائق بمعطيات الواقع، لنتجاوز الفتن ما ظهر منها وما بطن.
شعار استعادة الدولة الجنوبية عنواناً كبيراً لنضالنا المرير ما بعد حرب 94م الظالمة، رددته حناجرنا بحماس ثوري في الساحات، وكل عقلية لها دولتها، ودولتنا الوطنية الضامنة للمواطنة والحرية والعدالة، دوله تطوي كل ماضينا بأوجاعه وأحقاده وتراكماته، لنغتسل من ثاراته ونتطهر من صراعاته، ونتغير لنكن امة كسائر الأمم المحترمة.
لا تغيير دون تجاوز الماضي، ولن نتجاوز الماضي دون وعي جماهيري يفعل جهاز المناعة (العقل) يفكر ويحلل ويستنبط الحقائق بمعطيات الواقع، لنتجاوز الفتن ما ظهر منها وما بطن.
مشكلتنا اليوم هو الجهل الذي يهيج الحماس الخاوي ليدفع بالثورة لمنحى خطير يفرغها من قيمها وجوهرها، ليحقق مأربه الخاصة، يضعفها وينتزع قوتها، عدالة قضيتها ونبل أهدافها.
واقعنا اليوم هو انعكاس للعقلية التي تعيش الماضي وتتخندق مناطقيا، جعلت من ثورتنا وسيلة انتقام , وتصفية حسابات، بخصومة فاجرة، شحن الواقع بالصراعات والتناقضات، وتمزيق للنسيج الاجتماعي والوطني، ومجتمع عدائي غير قابل للآخر والتعايش والتفاهم، تعصى علينا التوافق على كيان جامع يلملم الشتات وينتزع فتيل الفتن، ويوحد الجميع على كلمة سوى.
اليوم يتفاخر الجنوب، أن أبنائه يقاتلون في جبهات شتى لتحرير اليمن من الكهنوت، وسطروا ملاحم بطولية سيسجلها التاريخ في انصع صفحاته، مهما كانت عقيدة قتالهم، يبرهنون دون شك أن الجنوب ليس مناطقيا أو عنصريا، وإنها مجرد نزعات لمكون لم يصل بعد لوعي يمكنه من تجاوز الماضي، مكون بعقلية مصابة لا زالت قابعة في دور الضحية، وتعيش وجس المؤامرة وعدم الثقة بالذات والآخرين، ولا زالت تعيق التوافق للخروج الأمن لمستقبل يرضي الجميع.
النصر غاية المقاتلين وله استحقاقاته، في البيئة الحاضنة التي ترحب بهم , بيئة طارد للكهنوت، هل هي حاضنه للشرعية والتحالف؟ سؤال محوري ومهم، الإجابة عليه، حال عدن والمناطق المحررة، سلوكيات وثقافة من يديرون عدن وتعاملهم مع القادمين، واستقبلهم للنازحين، وطريقة ضيافتهم وترحيب بهم.
المؤسف ما يحدث للنازحين في نقاط التفتيش لدخول عدن، للأسر والأطفال والنساء والشيوخ، للمهانة والذل والهوان، والفرز المناطقي والسلوك العنصري، تصرفات تخدم الكهنوت، وتقدم له مقاتلين بالمجان، مقهورين وجدوا أنفسهم منبوذين، عودتهم لحضن الكهنوت هو انتحار يرونه خيرا من المهانة والذل والهوان، على مشارف عدن وهم يتطلعون للتفاؤل ويستبشرون خيرا بالحرية والتحرر واليمن الاتحادي و ويصدمهم واقع النقاط العسكرية والعنصرية.
والقادر على الدخول لعدن، يصدم أيضا بواقع عدن، وخدماتها وتعدد الكيانات المسلحة، والثكنات العسكرية وحجم الأطقم المنفلتة، ولازالت الاغتيالات، والمداهمات والاعتقالات، والتفجيرات، والتطرف وإحراق ألكافييهات، خطف للمارة في الشارع نساء وأطفال وسرقة أعضاء بشرية، واغتصاب والرأي الآخر مغيب في الصحف، والصحفيين المهددين وفتحي بن لزرق مثال.
عن أي دولة يتحدثون هولا استعادتها، الدولة الدكتاتورية والشمولية والاستبدادية والعنصرية، ام دولة مخرجات الحوار دولة المواطنة والحرية والمساواة والإنسانية، دولة تستوعبنا جميعا بمختلف أفكارنا وتوجهاتنا، نتنافس فيها بشفافية في انتخابات نتبادل فيها السلطة سلميا، والشعب هو صاحب الإرادة في استفتاء يحسم كل الخلاف والاختلاف، ولا سلطة لغير الشعب.
المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
*المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن سياسة “يمن مونيتور