اخترنا لكمتراجم وتحليلاتغير مصنف

(فورين أفيرز).. الجبهة الجديدة في اليمن.. ما الذي “على المحك” بالحديدة؟!

يكشف التحليل الذي كتبه خبير في شؤون اليمن الطموح الإماراتي من معركة الحديدة وبقائها يمن مونيتور/ صنعاء/ ترجمة خاصة
نشرت مجلة (فورين أفيرز) الأمريكية، تحليلاً، للمعركة المرتقبة على ميناء ومدينة الحديدة الاستراتيجيين غربي اليمن، أكبر معركة على الإطلاق منذ بدء التحالف العربي الذي تقوده السعودية هجماته على الحوثيين منذ مارس/آذار2015.
وكتب التحليل “بيتر ساليسبري” الخبير في شؤون اليمن والباحث في معهد تشاتام هاوس البريطاني، وقال: “طوال ثلاث سنوات، كانت الحرب في اليمن عالقة في مأزق مؤلم. في 13 يونيو، أطلقت الإمارات العربية المتحدة عملية “النصر الذهبي”، حملة عسكرية لكسر الجمود عن طريق الاستيلاء على ميناء الحديدة من المتمردين الحوثيين الذين يسيطرون على معظم الساحل الغربي والمرتفعات الشمالية”.
وقال الكاتب: “إن أي هجوم ناجح على أكبر ميناء بالبلاد من شأنه أن يغير مسار الحرب، لكن يمكن أن يحدث ذلك بتكلفة باهظة”. 
ويشير ساليسبري، في التحليل الذي نشرته المجلة الأمريكية وترجمه “يمن مونيتور”، إلى أنَّ الحرب الأهلية في اليمن عندما استولى المتمردون الحوثيون على العاصمة في سبتمبر/أيلول2014. مضيفاً أن الصراع “تصاعد عقب الانقلاب وتمدده إلى باقي محافظات البلاد، وفي مارس/آذار 2015، تدخل تحالف عسكري بقيادة السعودية لمواجهة الحوثيين، التي تعتبر الجماعة المسلحة وكيل إيراني. وعلى الرغم من وعود التحالف بتحقيق نصر سريع، فإن القتال سرعان ما استمر طويلاً.
 
النتيجة الجذابة للإمارات
ولفت الكاتب إلى أن الجهود الرامية إلى التوصل إلى تسوية سياسية كانت عقيمة؛ حيث انهارت محادثات السلام الأخيرة في عام 2016. وفي الوقت نفسه، تدهور الوضع الإنساني بشكل كبير. وفقاً للأمم المتحدة، فإن 8.4 مليون يمني الآن على حافة الموت جوعاً و14 مليون شخص يحتاجون إلى المساعدات الإنسانية.
وأضاف: “اليوم، تحضر كل الأطراف لأكبر وأضخم معركة مكثفة منذ بدء تدخل التحالف. فبعد أن قضت العام الماضي وهي في طريقها عبر ساحل البحر الأحمر تزعم القوات المدعومة من الإمارات العربية المتحدة، حليف التحالف الرئيسي الذي تقوده السعودية، أنها استولت على مطار الحديدة الذي يقع على مشارف المدينة.
وأشار الكاتب إلى أن ما سيحدث بعد سيطرة التحالف على المطار “من المرجح أن يغير اتجاه الحرب؛ يمكن لمعركة شاملة أن تقلب ميزان القوى على الأرض وتؤثر بعمق على أي تسوية سياسية مستقبلية”.
ولفت إلى أن هذه النتيجة جذابة بشكل خاص لدولة الإمارات، “التي ترى الحملة كفرصة لكسب اليد العليا في اليمن. لكن بالنسبة للمدنيين اليمنيين فإن التوقعات قاتمة؛ فإذا لم تتمكن الأمم المتحدة من التوصل إلى اتفاق بين الحوثيين والتحالف قبل بدء القتال بشكل جدي، فإن أفقر اليمنيين سيدفعون الثمن الأكبر”.
 
إطالة أمد الحرب
ولفت أنه وعلى الرغم من أن المراقبين غالباً ما يركزون على المملكة العربية السعودية، إلا أن الإمارات تقود حملة الحديدة. خلال حرب اليمن، أظهرت الإمارات نفسها كقوة عسكرية ذات كفاءة مدهشة. في عام 2015، على سبيل المثال، ساعد الإماراتيون الجماعات الانفصالية في الجنوب على دفع الحوثيين وحلفائهم إلى الخروج من مدينة عدن الساحلية.
وأضاف مستدركاً: “لكن على مدى السنوات الثلاث الماضية، أصبح المسؤولون في أبو ظبي يشعرون بالإحباط على نحو متزايد بسبب عدم إحراز تقدم على الأرض. إنهم يعتقدون أن مهاجمة الحديدة هي الطريقة الوحيدة لكسر الجمود وإجبار الحوثيين على إنهاء الحرب وفق شروط التحالف”.
وأشار إلى أن خطط الحديدة كانت جاهزة منذ عدة سنوات. في عام 2016، طرح الإماراتيون هجومًا بحريًا على الميناء، لكنهم اصطدموا برفض الولايات المتحدة، التي اعتقدت أنها شديدة الخطورة. وبدون أي جهد، قامت الإمارات بتدريب وتجهيز ما يصل إلى 25،000 جندي يمني للاستيلاء على الميناء برا. منذ أوائل عام 2017، كانت هذه القوات تتقدم بثبات على طول الساحل الأحمر باتجاه الحديدة. وينتشر معظمهم الآن على طول ساحل تهامة أو في قاعدة عسكرية بإريتريا المجاورة.
وتم تعزيز القوات المدعومة من الإمارات من قبل الحرس الجمهوري، وهي قوة النخبة السابقة في اليمن التي كانت موالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح. حتى عام 2017 ، حارب الحرس الجمهوري إلى جانب الحوثيين، الذين شكّل معهم حلفاً غريبًا قبل ثلاثة أعوام. لكن في كانون الأول (ديسمبر) الماضي انهار التحالف، مما أدى إلى قتال شوارع في صنعاء أدى إلى مقتل صالح على يد الحوثيين.
وأوضح أن مقتل صالح وضع نهاية لأي مقاومة داخلية في المناطق التي يسيطر عليها الحوثي، ولكنها سلبت أيضاً الحوثيين من الشرعية السياسية التي اكتسبوها من التعاون مع المؤتمر الشعبي العام (التابع لصالح)، وهو أكبر أحزاب البرلمان اليمني.
وتابع ساليسبري: “إذا نجح التحالف في الاستيلاء على الحديدة، فإنه سيحرم الحوثيين من مئات الملايين من الدولارات من الرسوم الجمركية وغيرها من أشكال الإيرادات، التي يستخدمونها من أجل ضمان المجهود الحربي. كما يعتقد التحالف أن خسارة الحديدة ستقطع الطريق الرئيس لتهريب الأسلحة، رغم أن عددًا من الباحثين، بما في ذلك فريق خبراء الأمم المتحدة، توصلوا إلى أن هناك القليل من الأدلة على أن الميناء يستخدم لتهريب الأسلحة”. 
وقال: لن ينتهي الحوثيون دون قتال، بالطبع، حيث جعلوا تحرك القوات المدعومة من الإمارات على الأرض أكثر صعوبة مما كان متوقعاً بعكس الأمور عندما وصلوا لتخوم المدينة.  ويستعد الحوثيون لجعل معركة الحديدة طويلة ومكلفة قدر الإمكان. لكن الإمارات العربية المتحدة وقواتها المتحالفة مستعدون أيضا لشن حرب قاسية”.
 
إلقاء نظرة بعيدة المدة
وحول طموح الإمارات من معركة الحديدة قال ساليسبري: “قد تكون هناك أسباب أخرى وراء أهمية الحديدة بالنسبة دولة الإمارات العربية المتحدة. غالباً ما يتم تصوير الحرب الأهلية في اليمن على أنها قضية من جانبين، ولكنها في الواقع أكثر تعقيداً. ترى الإمارات أن هجوم الحديدة ليس فقط طريق لكسر جمود الحرب، بل أيضاً كفرصة لتعزيز الكيانات التي تدعمها حتى تتصدر أي تسوية سياسية في نهاية المطاف”.
وأشار الكاتب إلى أنه ومنذ بداية الحرب، دعمت الإمارات في المقام الأول الجماعات الانفصالية الجنوبية والسلفية. وبالتزامن مع ذلك ألقت السعودية بثقلها خلف الرئيس المعترف به دوليًا عبدربه منصور هادي ومجموعة من القوى القبلية والعسكرية والسياسية المرتبطة بالإصلاح، وهو الحزب الإسلامي السني الرئيسي في اليمن. وقد أعاقت التوترات بين مختلف القوى المدعومة من التحالف التقدم في جبهات القتال؛ خاصة في مدينة عدن الجنوبية، حيث هاجمت القوات الانفصالية المدعومة من الإمارات حلفاء هادي في يناير/كانون الثاني الماضي؛ أما في تعو اشتبك المقاتلون التابعون للإصلاح بشكل مماثل مع الإمارات. تنازع الأطراف للدعم أنشأ المعارك الداخلية التي منعت قوات التحالف من تشكيل جبهة موحدة ضد الحوثيين.
يرى الشيخ محمد بن زايد، ولي عهد أبوظبي والقائد الفعلي لدولة الإمارات العربية المتحدة، أن جماعة الإخوان المسلمين تعتبر “بوابة للتطرف” وتعتبرها واحدة من أخطر التهديدات الأمنية في المنطقة. ونتيجة لذلك، فإن ابن زايد ودائرته غير راضين عن تقارب هادي مع حزب الإصلاح، حيث يرتبط حلفاء الرئيس الرئيسيون في الشمال بالحزب، ونائبه وقائد القوات المسلحة، علي محسن الأحمر، معروف أن لديه تعاطف مع الإسلاميين.
وتابع الكاتب القول: “تمثل القوات المشتركة التي تقاتل للوصول إلى الحديدة تحت إدارة دولة الإمارات نوع الكيانات التي ترغب الإمارات في رؤيتها بعد الحرب: القوات المحلية مثل مقاومة تهامة والانفصاليين الجنوبيين، والسلفيين، يملكون دوافع دينية ولكن (على ما يبدو) غير مهتمين ببقاء أو اندثار الإسلام السياسي.
وقال الكاتب: “إذا سيطرة الإمارات على الحديدة يمكن أن تضع حاكماً على المدينة. أحد المرشحين المحتملين للقيادة هو طارق صالح، ابن أخ الرئيس السابق، الذي يقود الحرس الجمهوري. إذا ما تم هزيمة الحوثيين، فإن طارق صالح يمكن أن يصبح رمزا لحزب المؤتمر الشعبي العام القومي والعلماني. الانتصار والسيطرة على الميناء سيعطي دولة الإمارات يد أقوى في المفاوضات السياسية المستقبلية، التي يمكن أن تستخدمها لتقويض الحوثيين والإصلاح”.
 
آلام إنسانية
وتابع ساليسبري: “بالإضافة إلى تغيير الديناميكيات السياسية للبلاد، فإن المعركة حول أكبر ميناء في اليمن ستؤدي إلى تعميق الأزمة الإنسانية. وفقاً للأمم المتحدة، فإن 70 بالمائة من السلع الأساسية مثل القمح والأرز تدخل اليمن عبر الحديدة. يعيش ملايين اليمنيين الفقراء والأكثر فقراً في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، والتي تعتمد على الميناء في توفير الغذاء والوقود والإمدادات الإنسانية”.
وحول وعد التحالف بتحقيق انتصار سريع وإعادة تشغيل ميناء الحديدة قال: وعد التحالف بتحقيق انتصار سريع وزعم أنه سيشغل الميناء ويعمل بعد وقت قصير من أخذه، من غير المحتمل أن يحدث ذلك، حيث تطلب الأمر من القوات المدعومة من التحالف أسبوعاً للوصول إلى مطار المدينة، وهي عملية بسيطة نسبياً، خاصة مع نوع الدعم الجوي الذي تقدمه الإمارات. إن الاستيلاء على الميناء سيكون مهمة أكثر صعوبة، خاصة إذا كان التحالف يريد تجنب الإضرار بالبنية التحتية بشكل كبير. وإذا استولت القوات المدعومة من الإمارات على الميناء، فليس من الواضح كيف ستنقل البضائع، نظراً لأن الحوثيين سيظلون يسيطرون على المدينة والطرق السريعة التي تربط الحديدة بالمراكز السكانية الرئيسية في الشمال.
وأشار إلى أن التحالف قال إنه يريد تجنب معركة في المدينة نفسها، ولسبب وجيه فإن معركة الشوارع بين الحوثيين والقوات المدعومة من الإمارات ستكون مدمرة ل 600000 من سكان الحديدة. لكن بحسب التحالف، هناك قوات مقاومة جاهزة لمهاجمة الحوثيين داخل المدينة، والتي يُعتقد أنها ستحرر نفسها عندما يحين الوقت. لكن لم تظهر أي قوى كهذه نفسها خلال السنوات الثلاث التي سيطر فيها الحوثيون على الحديدة. 
ويقول التحالف إنه يدرس بشكل مؤثر الأثر الإنساني لحملة الحديدة، وأنه بمجرد أن يسيطر على الميناء، فإن حجم التجارة القادمة سيزداد، وستكون الحالة الإنسانية أفضل، وليس أسوأ.
ولفت الكاتب إلى المشككين الذين يشيرون إلى ميناء عدن، الذي يشرف عليه التحالف ويخضع بصورة علنية لسيطرة حكومة هادي منذ منتصف 2015 وبذلك يعتقدون: ليس من المؤكد بأي حال من الأحوال أنَّ الحديدة ستكون آمنة ومدارة بشكل جيد بعد الهزيمة الحوثية.
 
هل هناك حل سياسي؟
مع وضع الحديدة -المتوقع بعد الحرب- وعند هذه النقطة، يقول الكاتب، فإن أفضل سيناريو للحالة هو التوصل إلى اتفاق سياسي بين الحوثيين والتحالف من شأنه أن يجنبنا معركة مدمرة للميناء، وربما حتى يفتح إمكانية إجراء جولة جديدة من محادثات السلام.
يحاول مارتن غريفيث، مبعوث الأمم المتحدة الجديد، الآن التوسط للتوصل إلى اتفاق من شأنه أن يجعل الحوثيين يتنازلون عن سيطرتهم على الميناء إلى الأمم المتحدة. في 21 يونيو / حزيران، قال غريفيث إنَّ المشاركة البناءة للحوثيين تشجعه. وفي الأسبوع الماضي، أشار عبد الحوثي الحوثي، زعيم المتمردين، إلى أنه قد يكون مستعدًا لتسليم الميناء إلى الأمم المتحدة. رغم أنه تعهد بأن الحديدة ستكون “مقبرة للغزاة” إذا مضت المعركة. أصرّ التحالف علناً على ضرورة أن يتخلى الحوثيون عن السيطرة الكاملة على كل من الميناء والمدينة.
وقال الكاتب إنه ونتيجة لذلك “يواجه غريفيث صراعا قويا لمنع المعركة. لقد منحته دولة الإمارات أسبوعًا تقريبًا لإقناع الحوثيين بالموافقة على شروط التحالف. وهناك الآن تقارير تفيد بأن هادي، الذي عاد مؤخرا إلى عدن بعد عامين من الغياب، قد رفض اقتراح “غريفيث” خلال اجتماع في عدن”. 
وقال ساليسبري إنه وفي حالة لم ينجح غريفيث، فهناك إجماع واسع على أن المعركة ستكون طويلة ومرهقة، لكنها ستنتهي على الأرجح بسيطرة التحالف على المدينة والميناء.
وأضاف: من شأن هذا التحول في الأحداث أن يفيد الإمارات، الأمر الذي من المرجح أن يضغط على ميزة: يتوقع البعض أنه إذا نجح الإماراتيون في الاستيلاء على الحديدة، فقد يوجهون انتباههم إلى تعز، حيث يستطيعون طرد الحوثيين وإبعاد توازن القوى عن المدينتين ويتم التخلص من “الحوثيين والإصلاح”.
وتابع: بذلك ستملك الإمارات السلطة عبر حلفائها في الجنوب، وساحل البحر الأحمر، وفي تعز. إذا استطاع الإماراتيون أن يمنعوا الحوثيين من إطلاق المزيد من الصواريخ الباليستية على المملكة، كما فعلوا مؤخراً في 25 يونيو/حزيران، فمن المرجح أن يقبل السعوديون هذا التحول في الأحداث.
وأختتم الكاتب بالقول: “لكن ليس من الواضح أن الحوثيين سيخضعون لمطالب التحالف بنزع سلاح إيران وتسليمها والتنازل عنها علناً. يخشى غريفيث من أن معركة طويلة للميناء قد تعيق الجهود الرامية إلى إحياء عملية السلام المحتضرة بتكثيف نزعة العداء الحوثية نحو التحالف وقيادة حكومتي السعودية والإمارات إلى جانب حكومة هادي وتدفعهم إلى موقف أكثر تطرفاً. وفيما يحدث ذلك ستزداد معاناة المدنيين اليمنيين سوءًا”.
المصدر الرئيس
The New Front in Yemen

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى