كتابات خاصة

هل كان صالح شجاعاً؟

مصطفى ناجي الجبزي

الشجاعة فضيلة وتقترن بالحكمة والعدل وتلازم العفة. فالشجاعة هي الثبات امام الاخطار والثقة وحسن التصرف. وهي بين الجبن والتهور.

القى صالح كلمته الأخير مسجلة. شرب الماء من قارورة قبل ان يشرب الموت. قال كلاما كثيرا فيه مغالطات وحقائق. نال من خصومه بمفردات نشترك فيها. فاقترب منا وابتعد ايضا حين غالط وكذب.

صالح رجل في السبعين من عمره. ولا معنى للحياة بعد تجارب طويلة. وعمليا لم يكن لديه جديد ليعود بعد ان اصبح رئيساً لعقود متتالية. وكان ينقصه الموت ليكون مكتملا في عيون اتباعه ومحبيه. وغالط حتى في فضيلة الشجاعة.
الشجاعة فضيلة وتقترن بالحكمة والعدل وتلازم العفة. فالشجاعة هي الثبات امام الاخطار والثقة وحسن التصرف. وهي بين الجبن والتهور.
وصالح عندما أوقع نفسه في المهالك لم يكن شجاعا بل كان مقامرا متهورا.
ولان الشجاعة تعني العفة والعدل فقد كان صالح امام امتحان حقيقي في العام ٢٠١١ وما بعده. وكان اقدر على كبح جماح ارادته لصالح البلاد التي كرَّمته لعقود وجعلته رئيسها ورجلها الاول حتى اقترن اسم اليمن باسم صالح. وكانت شجاعته حينها اكمل وادق لو كان حكيما واحترم إرادة الناس وتعفف عن الحكم والسلطة والجاه. لكنه للأسف يمتلك إرادة لا شجاعة وارادته سيئة المنحى.
في خطابه المبثوث موخرا بعد موته قال صالح أشياء كثيرا متناقضة مع الدستور والعقد الاجتماعي. قال صالح انه لم يكن يرتهن لأي قوة إقليمية او دولية لكنه اعترف بتلقيه أموالا على شكل هبات في مرحلة سياسية حرجة وهي الانتخابات. وهذا امر يسقط حكومات ويستدعي القضاء في الديمقراطيات الحقيقية.
وبرر ذلك انه حبا من الاشقاء في نظام معتدل يمثله. وهذه مخالفة دستورية وخيانة قانونية وقبل هذا ارتهان.
ثم قال انه لم يأخذ من المال العام والجميع يعرف الثراء الذي كان ينعم به صالح وأهله وذويه والمقربين منه في بلد هو الأفقر في المنطقة والعالم. فمن اين له تلك الإمكانيات.
قال صالح عن الحوثيين انهم اماميين وكهنوتيين وسلالين وعنصريين. وسبق ان قال الكلام ذاته عنهم طيلة الحروب الستة مع جماعة الحوثيين. لكنه ورغبة منه في الانتقام واستسلام لرذيلة الحقد قربهم ومكنهم من صنعاء وتحالف معهم ووهبهم السلاح والعتاد والرجال.
غضب صالح لان الحوثيين باتوا في عقر داره وحشدوا الجنود من الجبهات من اجل قتاله. لكنه لم يقل لكم اين هي الجبهات ومن تقتل. انها تعز والبيضاء ومأرب وميدي والحديدة. وتقتل يمنيين.
صالح غضب لنفسه وغالط باسم الوطن والسيادة والجمهورية. وكأننا لسنا يمنيين. بل في خطابات سابقة ذهب يحرض “الرجال” ويقصد القناصة على قتل الناس في تعز. هل تذكرونه وهو يهيب بهم في قتل الأبرياء والمقاومين صارخا فيهم :”دقوهم!” 
ان أسمى آيات الشجاعة هي الالتزام بالمواثيق والوفاء بالعهود وهذه فضائل يفتقر اليها صالح كثيرا. لقد نكث باتفاقية المبادرة الخليجية وتلاعب بالمجال السياسي ورفض تسليم الأمن والجيش وظل يحرض ليلا نهار وعلى حساب استقرار وسلامة اليمن. ثم ظهر ي خطاب متلفز يحدد للرئيس هادي منفذا بحريا واحدا للنجاة.
كان صالح ككل البشر خليط من الفضائل والرذائل لكنه كان يتيح لنفسه تغليب الرذائل على الفضائل فغدت شجاعته مقامرة وهلاك. لقد اهلك نفسه بنفسه.
المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
*المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن سياسة “يمن مونيتور
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى