اخترنا لكمتراجم وتحليلاتغير مصنف

النفوذ التركي في اليمن.. الأبعاد والطموح والدور

ربما تكون تركيا قد أخرجت اليمن من أولوياتها، لكن لا يزال بإمكانها لعب دور إيجابي في محاولة التخفيف من بعض المعاناة الإنسانية التي يبدو أن لا نهاية لها في الأفق.

يمن مونيتور/ صنعاء/ ترجمة خاصة:
ربما تكون تركيا قد أخرجت اليمن من أولوياتها، لكن لا يزال بإمكانها لعب دور إيجابي في محاولة التخفيف من بعض المعاناة الإنسانية التي يبدو أن لا نهاية لها في الأفق.
بهذه المقدمة خلص الباحثان علي باكير وجورحيو كافييرو، في تحليل مشترك نشر على موقع التلفزيون التركي العالمي بالانجليزية، يشير إلى نفوذ تركيا في اليمن.
ويقول التحليل، الذي ترجمة “يمن مونيتور”، إنّه و”طوال السنوات التي سبقت انتفاضات الربيع العربي في عام 2011 ، كان استخدام تركيا للقوة الناعمة دعامة أساسية لسياسة أنقرة خلال القرن الحادي والعشرين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. واستخدم البعد الإيدلوجي لحزب العدالة والتنمية في إيجاد موطئ قدم للفارين من القمع في العديد من الدول العربية التي سعت لإصلاحات ديمقراطية وفتحات سياسية لحركاتها الشعبية.
اكتسب هذا “النموذج التركي” نفوذه في اليمن، حيث نال الرئيس رجب طيب أردوغان شعبية كما فعل في البلدان العربية الأخرى.
واتفق باكير (خبير تركي في شؤون الشرق الأوسط) وكافييرو (رئيس مؤسسة الخليج للأبحاث في واشنطن)، أنَّ مما لا شك فيه أن جهود أنقرة لتوسيع القوة الناعمة التركية في اليمن واجهت انتكاسات كبيرة بسبب استيلاء الحوثي على صنعاء في عام 2014 ، ثم دخول التحالف العسكري بقيادة السعودية في الحرب الأهلية في البلاد، التي لم تشارك أنقرة بقوة فيه. ومع ذلك يبقى “اليمن” مهماً للقيادة التركية.
واستناداً إلى مصالح أنقرة الجيوستراتيجية في البحر الأحمر وباب المندب إلى جانب الروابط التاريخية المتأصلة في العهد العثماني والتي تربط الأتراك واليمنيين، فسيكون لتركيا دور كبير في النتائج المستقبلية للبيئة السياسية باليمن مع تكشف المزيد من الكارثة الإنسانية في ذلك البلد.
 
أسباب دعم “عاصفة الحزم”
ويشير الباحثان إلى أنه عندما أطلق التحالف العربي بقيادة السعودية عملية عاصفة حاسمة في اليمن في آذار / مارس 2015، كشفت أنقرة عن أنها قد أُبلغت سابقاً بالعملية، مشيرة إلى التعاون والتنسيق الوثيقين بين أنقرة والرياض في تلك المرحلة.
دعمت تركيا العملية لسببين رئيسيين. أولاً، من وجهة نظر تركيا، رفض الحوثيين لقرار مجلس الأمن رقم 2201 ورفض الانسحاب من المؤسسات الحكومية في صنعاء كان يعني أن الحوثيين المتحالفين مع إيران كانوا مسؤولين عن تدهور الوضع في اليمن.
قدمت تركيا الدعم لحكومة عبد ربه منصور هادي المعترف بها دوليا. وقد أبرزت الزيارات التي قام بها هادي إلى تركيا والوفود التي تمثل حكومته دعم أنقرة لهادي.
علاوة على ذلك، عارضت أنقرة التدخل الإيراني في الشؤون اليمنية بسبب رعاية طهران للحوثيين. وذهب أردوغان إلى أبعد من ذلك، لاتهام إيران بمحاولة السيطرة على المنطقة من خلال أجندة طائفية، مضيفًا أنه “يجب على إيران سحب أي قوات، مهما كانت في اليمن، وكذلك سوريا والعراق واحترام سيادة الدول الإقليمية”.
ثانيا، خلال السنوات القليلة الأخيرة من حكم الملك عبد الله، حولت الرياض أولوياتها الإقليمية من التركيز فقط على إيران إلى التركيز على كل من التهديدات المتصورة التي تشكلها إيران بالإضافة إلى تحركات مثل جماعة الإخوان المسلمين في الدول العربية، أي مصر، ما تسبب في تعطيل الجهود الجماعية في المنطقة لمواجهة طهران.
وتسببت أجندة السعودية المناهضة للإسلامي في خلق شرخ في الكتلة السنية، مما سمح لإيران بزيادة نفوذها في الدول العربية بما فيها اليمن. لكن عندما تولى الملك سلمان السلطة في يناير 2015 ، ركزت الرياض على تحسين العلاقات مع الدوحة وأنقرة لمجابهة إيران، مع قلق أقل من جماعة الإخوان المسلمين. كان دور ولي العهد السعودي (السابق) الأمير محمد بن نايف دور كبير في ذلك التقارب.
وهكذا، كان دعم أنقرة لعملية عاصفة الحسم أمراً منطقياً لأنها- على الأقل من وجهة نظر الحكومة التركية- ساهمت في جهد أوسع لحل نزاع اليمن واستعادة سلطة الدولة الشرعية في السلطة.
علاوة على ذلك، تعهدت أنقرة بتزويد السعوديين بالمعلومات الاستخباراتية والدعم اللوجيستي في اليمن، مايعني أنَّ ذلك يعني وجود دعم عسكري مباشر. على الرغم من تقديرات المسؤولين في أنقرة أنّ الرياض تفتقر إلى أي رؤية واضحة فيما يتعلق بإنهاء عمليات التحالف الذي تقوده السعودية.
 
جهود الوساطة
وذهب الباحثان إلى التأكيد على دور أنقرة في تلك المرحلة مع معرفة أنّ الرياض لا تملك رؤية واضحة، وقالا إنّ الأدوار التركية تباينت في التعامل مع الأزمة من حيث التعامل مع الأمن والسياسية والدبلوماسية والوضع الإنساني، تبعاً للحالة على الأرض وموقف الرياض في مواجهة تركيا.
خلال الشهر الأول من العملية، حاولت أنقرة تحويل الدفع العسكري السعودي إلى حل سياسي. في هذا الصدد، أطلقت تركيا جهداً دبلوماسياً مستقيماً، ضم أيضاً باكستان.
وبعد أن ناقشت أنقرة مع الرياض، حاولت إقناع إيران بدعم اتفاق شمل مطالبة الحوثيين بالانسحاب من العاصمة إلى صعدة في شمال غرب اليمن، والسماح للمساعدات الإنسانية بالدخول بحرية إلى اليمن، وتشكيل حكومة وحدة وطنية. ومع ذلك، رفضت إيران أي تقدم من هذا القبيل.
وأثبت اختلاف الرؤى بين السعودية والإمارات في اليمن أثبت التقييم الأولى العام لأنقرة بشأن آفاق الجهد العسكري كان واقعياً للغاية. وقد تحولت الحملة العسكرية إلى عمل فوضوي وعشوائي، والذي أدى حتى الآن إلى مقتل ما يقدر بنحو 10000 مدني وخلف 17 مليون شخص عرضة لخطر المجاعة.
في أحد رسائل البريد الإلكتروني المسربة، اعترف سفير دولة الإمارات العربية المتحدة، يوسف العتيبة، إلى واشنطن بأن التحالف استهدف المدنيين وأن القوات الجوية السعودية ارتكبت معظم “الضربات الخاطئة”. علاوة على ذلك، اعترفت أنقرة بأن دور أبو ظبي المتنامي، وخاصة في جنوب اليمن، يتناقض مع رؤية الرياض وتهدد حقا الوحدة الوطنية في اليمن.
ترك المشهد الأمني ​​في تركيا والأوضاع مع نهاية عام 2015 وخلال عام 2016 أنقرة تنظر إلى الأزمة اليمنية كأولوية أقل.
ومع ذلك، فقد أكدت أنقرة باستمرار على أهمية الحفاظ على وحدة أراضي اليمن. في نفس الوقت، سعت القيادة التركية للتخفيف من المعاناة الإنسانية في اليمن مع تعزيز التسوية السياسية للحرب الأهلية.
 حافظت تركيا على شعبيتها في اليمن. ومع ذلك، من وجهة نظر أنقرة، لا يتوقع القادة الأتراك بقاء القوة الصلبة في هذا البلد الذي مزقته الحرب في ظل هذه الظروف.
اعتقد صانعو القرار أن الاستثمار في الجهود الإنسانية والدبلوماسية من شأنه أن يعزز مصالح تركيا على أفضل وجه. ولا يزال من شأن مثل هذا الجهد أن يضمن لتركيا مكانًا مستقبليًا في قلوب وعقول اليمنيين في حين أن الجهات الفاعلة الإقليمية الأكثر مشاركة في اليمن – إيران والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة – تواصل القتال وخلق أعداء جدد في البلاد.
ولهذه الغاية، استخدمت تركيا قدرتها كعضو في منظمة التعاون الإسلامي (OIC)، وعلى وجه التحديد كأحد الأعضاء الـ 18 في مجموعة الاتصال التابعة لمنظمة المؤتمر الإسلامي بشأن اليمن. ففي يونيو 2015، حضر وزير الخارجية التركي مجموعة الاتصال لمنظمة التعاون الإسلامي اجتماعاً بشأن اليمن في جدة، الذي كان الأول من أربعة اجتماعات عقدتها المجموعة حتى الآن.
كما قدم الأتراك مساعدات طارئة لليمن مع تفاقم الأزمة الإنسانية، وتم تقديم الإغاثة الإنسانية إلى اليمنيين عبر ميناء عدن.
علاوة على ذلك، استضافت تركيا وعالجت العديد من اليمنيين الذين عانوا من إصابات بسبب النزاع المسلح المستمر. وبالإضافة إلى المساعدة الطارئة التي قدمتها في عام 2015 وعام 2016 وتعهدها بمبلغ  مليون دولار الذي تم الإعلان عنه في أبريل / نيسان 2017. كما أرسلت أنقرة مؤخراً إلى اليمن سفينة تحتوي على حوالي 11 ألف طن من النفط وﻣﺴﺎﻋﺪات إﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺗﺒﻠﻎ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ ٩ ﻣﻼيين دوﻻر
 
أزمة الخليج
وأشار الباحثان إلى أنَّ أزمة دول مجلس التعاون الخليجي زادت من تعقيد دور أنقرة في اليمن.
فقد تم تأجيل اجتماع مجموعة الاتصال لمنظمة المؤتمر الإسلامي الخاصة باليمن، والذي كان من المفترض أن يعقد في اسطنبول إلى أجل غير مسمى. علاوة على ذلك، حاولت الكتلة التي تقودها السعودية عرقلة الجهود الإنسانية التركية في يوليو الماضي من خلال اعتراضها لفترة وجيزة على سفينتها الإنسانية في عدن بسبب دور أنقرة في دعم الدوحة.
وقال باكير وكارفيرو إنه وعلى الرغم من أن أنقرة تدين باستمرار هجمات الحوثي للصواريخ التي تستهدف المملكة العربية السعودية، إلا أن سياسة تركيا الخارجية تجاه اليمن تجاوزت مجرد إدانة إيران أو تشجيع السعودية.
 
الدور المتبقي لتركيا
وأوضحا أنّ تركيا الآن تحتفظ بدور ضئيل إلى حد ما مع التركيز على إلحاح الأزمة الإنسانية في اليمن. في الواقع، فأي حل سياسي يمكن أن تلعب فيه أنقرة دوراً أساسياً في إعداد نهاية للحرب الأهلية سيكون مفيداً.
واختتم التحليل بالقول: “بمجرد أن ينقشع غبار الحرب الأهلية في اليمن، قد تعود تركيا إلى كونها لاعباً أكثر نفوذاً بكثير في البلاد بسبب قدرتها على إيصال قوتها الناعمة”.
المصدر الرئيس
Turkey’s influence in Yemen
 
 
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى