آراء ومواقفالأخبار الرئيسية

توشكا ” ومن أول السطر ..!

هائل سلام

بعد كل ما فعلته له، لم يكن في وسع أحد أن يتوقع – ولم يدر في خلد علي صالح نفسه – أن تتدخل السعودية ضده.

بعد كل ما فعلته له، لم يكن في وسع أحد أن يتوقع – ولم يدر في خلد علي صالح نفسه – أن تتدخل السعودية ضده.
 وحتى بعد أن تدخلت السعودية، وأثناء تدخلها، لم يكن أحد ليتوقع، أن تكف الإمارات عن دعمها لعلي صالح، ناهيك عن أن تتحول، هي الأخرى، ضده.
 هذا التحول في المواقف الداعمة، المساندة، والمؤازرة لعلي صالح، إلى الضد، لم يكن نتاج سعي من خصومه، ولا نتيجة لاختلال موازين القوى أو لانقلاب في حسابات المصالح، بل كان نتاج سلوك غير متوقع من قبل علي صالح نفسه.
 تحالفه مع الحوثي – عدوه السابق، ورغم الحروب الستة بينهما – مع ما مثلّه ذلك من تهديد خطير، بالنسبة للسعودية، باعتبار العلاقة مع إيران، من جهة.
 وضربة صاروخ التوشكا، مؤخراً، وجسامة الخسارة، في الأرواح قبل المعدات، الناجمة عنها، بالنسبة للإمارات، من جهة أخرى, هما سبب التحول في تلك المواقف من الضد الى الضد، ومن النقيض الى النقيض.
 في الحالتين، كان للبشر حسابات، وكانت للأقدار تصاريف أخرى، أحدثت، وتحدث، تحولات، تفوق خيالات المحللين، وتتجاوز كل التوقعات.
 فما اعتبره بعض المحللين إنجازا سياسياً ” في الحالة الأولى” ، وإنجازاً عسكرياً ” في الحالة الثانية ” يرتد، في الحالتين، كارثة ووبالاً، على صاحب الإنجاز بالذات.
 سياسياً، ثمة شيء خفي يدفع هذا المتذاكي، المتحاذق، والمتحذلق، الى سلوك لا يمكن توقعه. ليبدو – كل مرة – وكأنه يقطع الغصن الذي يقف عليه.
 السلطة، بالنسبة للسياسي، مثل جهاز الجمباز، بالنسبة للرياضي.
الذكاء، لا يقتصر على مهارة اللعب عليه – أي الجهاز – فحسب، بل، وأساسا، في رشاقة ولياقة وجمالية الخروج منه، أيضا.
 الحصانة التي منحت لصالح، بموجب المبادرة الخليجية، كانت استثناء فريدا، غير مسبوق في كل تاريخ العالم, ولأنها مثلت، وتمثل، مخالفة لكل الشرائع والنواميس، وبالتالي، انحرافاً عن سنن الكون وقيم ومعايير الحياة، فكأن عدالة السماء تتدخل، لإعادة الأمور إلى نصابها، رغما عن إرادة كل قوى الأرض.
 فحين تتخفى عدالة الأرض – خصوصاً في التحولات الكبرى، الماسة بمصائر الشعوب – تتجلى عدالة السماء، بصورة أو بأخرى، لتقلب المعادلات، تغير المواقف، وتعدل الخطط.
كما لو أن قوة عليا، كلية القدرة، تتدخل، لتملي، آمرة:
” توشكا ” ومن أول السطر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى