فكر وثقافة

القلب “اليوم في تونس”

عامر السعيدي

غدا تعود بنا الدنيا إلى وطنٍ

فوق الحدود وبيتٍ يجمع العربا
نص

 قولوا لدمع أبي أهلاً ولو كذِبا
إنّ الدموع بلادٌ تكتم العتبا

 

تركتهُ يتقهوى ماء لوعتهُ

إذ لم يجد كأسهُ بُنّاً و لا عنبا

 

كانت لنا

جنتا حبٍّ تؤرجحنا

فيها الأساطير

فانهارتْ ديار سبا

 

أتى على

زرعنا الطوفان و انكسرتْ

أحلامنا وضياء الأغنيات خبا

 

لم يترك الموت عصفوراً بنافذتي

ولم تجد أمّ أطفالي لهم لُعبا

 

أنقاض بيتي على كتفي معلقةً

وكل بيتٍ يراني فيهِ مغتربا

 

و كلما دق قلبي باب إخوتهِ

دقوا المسامير في القلب الذي انتحبا

 

من أين أثقب قلبي

كي أرى بلدي

فلا أرى و جعاً فيها و لا تعبا

 

وكيف أخرج من جرحي

وأدخل في روحي

و أمسح دمعي كلما انسكبا

 

أنا المدينة والسكّان

فاْبتهجي ياحرب

و اْنتعلي يا جثّتي العربا

 

لا ربّ للورد يا أمي

فلا تلدي

إلّا الخناجر كي تستقبل الغُربا

 

طريق مكة من قلبي

لقد عبروا

قلبي، و أصبح بيت الله مضطربا

 

لم يبق إلا

اشتعال النفط في فمها

لتحتفي النار بالحكّام و الخُطبا

 

لن يكسر الرملُ كسرى

بعدما سجدتْ

لهُ العراق و صارتْ سوريا حطبا

 

لم تحفظوا

كالأُلى شاماً ولا يمناً

و لا تركتم لنا صنعا و لا حلبا

 

ستأكلون جميعاً

خبز صاحبكم

وتشربون من الكأس الذي شربا

 

كان الربيع نبياً

يا أبا لهبٍ

لكنّ جهلك أذكى حوله اللهبا

 

أتيت تغرس زرعاً

غير ذي ثمرٍ

و قلت للموت كن للجائعين أبا

 

أجهضت حلم الفراشات

التي انتفضت

على الظلام و ألغى ليلك الشُّهبا

 

وعندما خرج الطوفان

من يدها

رأتْ أعاليك في أطرافها عجبا

 

يطارد الروس

خيلاً لا رؤوس لها

و يخلع الفرس من أعناقها الذّهبا

 

يا سعد زغلول

عاد الاحتلال على

ظهورنا و اشترى من أمّنا اللقبا

 

واختار

يا عمر المختار لهجتنا

و اغتال بهجتنا من أنكر النسبا

 

الطائفيون

طافوا حول خيمتنا

وأطفأوا شمعة الميلاد والطربا

 

يبنون بالله قصراً للخليفة في

عقولنا كي نُلبّي كل ما طلبا

 

ويلعنون أماني الشعب إنْ خرجتْ

على الذي أغرق الفتوى بما وهبا

 

إذا تمرّد مقتولٌ على صنمٍ

تنسى العمائم عيسى كلما صُلِبا

 

الحمدلله مازالت قصائدنا

كبيرةٌ تأنف النقاد و الأُدبا

 

مازال للشعر في الجدران رهبتهُ

وللحكومة أنْ لا تطبع الكُتُبا

 

الحمدلله أنّي لم أكن أبدا

بمستوى شعراء السلطة النُّجَبَا

 

يلمّعون بما قالوا وقاحتهم

ويسخرون من الشعر الذي وَثَبا

 

الحمدلله أني اليوم في شفةٍ

خضراء ألهمت التأريخ ما كَتَبا

 

في مهبط الثورة الأم التي خلقتْ

ربيعنا و سقت ناياتها القصبا

 

التونسيون لا ينسون قافيةً

كأنها البوعزيزي عندما التهبا

 

القادمون من الورد الذي حلمت

به الحبيبات فانداح الرييع إبِا

 

العائدون إلى المعنى الذي اكتملتْ

به الشوارع حتى أصبحت سُحُبا

 

في كل عاصمةٍ للنور أغنيةٌ

جميلةٌ تحرس الثوار و الغضبا

 

ولن تموت بلادي لن تموت ولا

تشهّت الأرض محتلّاً ومُغتَصِبا

 

غدا تعود بنا الدنيا إلى وطنٍ

فوق الحدود وبيتٍ يجمع العربا

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى