أين نحن اليوم من التغيير، في مواقفنا واختياراتنا، في وعينا وسلوكياتنا، في رؤانا وأطروحاتنا، في علاقتنا ببعض.
هل نسينا، أم انسونا ثورة تغيير واقعنا السيئ؟ والحقيقة المرائية اليوم أن عجلة التغيير تتوقف، وتعود بنا للماضي وماسيه ومساؤه، عدنا للخصومة الفاجرة، للصراعات السلبية، للعنف والعنف المضاد، للسلاح كوسيلة لفرض أمر واقع، الوعي الثوري الذي وحد كلمتنا وطموحاتنا وأحلامنا في الساحات يتلاشى ويذوب، بتصدر العنف والمليشيا للمشهد، وللأسف هناك من يراهن على ذلك، فتمزقنا وشتت أوصالنا، والنتيجة فشل متلاحق، وأطلال وطن، وانهيار قيم ومبادئ، وأزمة هوية، والتمترس خلف العصبيات، والقوة كوسيلة لفرض القناعات.
أين نحن اليوم من التغيير، في مواقفنا واختياراتنا، في وعينا وسلوكياتنا، في رؤانا وأطروحاتنا، في علاقتنا ببعض.
ما المزعج في انتفاضة تعز، وهي تذكركم بالتغيير كهدف أساسي للثورة، ما المزعج أن تهتف تعز لا لتدوير نفايات الماضي، ونعم للتغيير، ومخرجات الحوار الوطني الذي خطت مسار التحول والتغيير للدولة الاتحادية، لتنفيذ أهداف ثورتنا المباركة، ورفض الالتفاف عليها والمراوغة لإنتاج نظاما سياسيا مستبدا لا يختلف كثيراً عن النظام الذي رفضته الجماهير وترفضه.
التغيير هو الهدف الجوهري للثورة، يحتاج لعملية وعي يشترك فيها العقل والجسد والروح، يحتاج لجهد في التفكير الايجابي يفتح النظام المغلق لنتجاوز ماضينا، صراعاته، تراكماته، أحقاد وثاراته، لنكن باستطاعتنا توليد تغيير دائما ينتشلنا مما نحن فيه لننطلق لرحاب العصر والنهضة والتقدم.
الماضي يسكن البعض، و غارقين في وحله الآسي، رؤاهم الحزبية مشكلة، والتنوع معضلة، والاختلاف جريمة، العقلية الشمولية مسيطرة عليهم فكرا وثقافة وسلوك.
المنطق يقول أن الأحزاب السياسية إحدى أدوات التنمية السياسية في العصر الحديث وهي حجر الزاوية في الديمقراطية والتعددية الحزبية من المظاهر الجوهرية للحرية وللديمقراطيةالتي بضرورة تؤدي للتبادل السلمي للسلطة.
من المفارقات أننا ننادي بالحرية بالديمقراطية، وعندما تتضرر مصالحنا في الممارسة الحقيقية ترتفع أصوتنا لتعبر عن نهج رافض لها، الديمقراطية سلوك وثقافة نمارسها ونقبل بنتائجها لنا أو علينا، غير ذلك ما هو إلا نفاق سياسي ومظاهر كاذبة ودجل وضحك على الذقون.
ما حدث في تعز من وجهة نظري ظاهرة وعي لذود على الوطن، والجمهورية والثورة، صوت الثورة يحذر من التلاعب بطموحات وأحلام الناس، صوت متمسك بقوة بأهداف الثورة، غيور على السيادة والكرامة، يفترض أن يتبني الجميع هذه الدعوة، كروح واحد، رحمك الله شهيدنا جارالله عمر مهندس اللقاء المشترك، كموحد القوى السياسية لأهداف عظيمة وثوابت وطنية، ضد الاستبداد والهيمنة والتسلط والنفاق والقوى التقليدية التي انهارت وتنهار اليوم، بعيدا عن العنف ومليشيا الموت والخراب، كلا يسأل ذاته أين أنا كمكون سياسي واجتماعي أو كفرد مما يدور على الواقع وأين موقعي من الإعراب وموقفي الوطني من الوطن ومصالحه الكبرى، تحت مبدأ كلنا شركاء في وطن يستوعبنا.
اليوم كل شي ينهار ونحن نتلذذ بتخوين بعض، بفتح جروح الماضي، والبحث في مزابله عن ما يرضي الوسواس والخناس، لبث السموم للفرقة والتمزق والشتات، لقتل الشراكة والإخاء والحبة والتسامح، للعداء الدائم ونزف مزيدا من الدماء وزهق الأرواح بالكلمة أو بالبندقية، هذا هو التقوقع والحنين للماضي والعبودية للبقاء تحت طاعة المستبد، تغيروا (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ) صدق الله العظيم، للقبول بالآخر والتعيش في وطن يستوعبنا.
المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
*المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن سياسة “يمن مونيتور”.