(تحقيق خاص) الطلبة خارج مقاعد الدراسة.. التعليم الحكومي في صنعاء لم يعد “مجانياً”
يمن مونيتور/وحدة التقارير/خاص:
تشهد المدارس الحكومية والجامعة الوحيدة في صنعاء، عزوف للطلبة عن التعليم بعد أنّ أصبح التعليم غير مجاني، بعد أنّ فرضت جماعة الحوثي مبالغ مالية على كل طالب بشكل شهري علاوة على الرسوم التي تضخمت أضعافاً خلال الأعوام الثلاثة الماضية.
وقال محمد الصايدي لـ”يمن مونيتور” وهو رب أسرة يقول لدي سبعة أبناء جميعهم في المدرسة: “اضطررت إلى إيقاف أبنائي عن الذهاب إلى المدرسة، لمطالبة إدارة المدرسة بمبالغ مالية بشكل شهري، وظروفنا متساوية مع المعلمين فنحن جميعاً نعمل بدون مرتبات”. ويبرر الحوثيون تلك المبالغ بأنها ستسلم كرواتب للمعلمين.
وقال اثنين من المعلمين في مدرستين مختلفتين ومسؤول بإدارة التربية لـ”يمن مونيتور” إنّهم لم يتسلموا أي مبالغ من تلك التي يتم جمعها من الطلبة الأشهر الماضية، مشيرين إلى أنّ عشرات المعلمين لم يعدوا يمارسون مهنة التعليم بل أعمال خاصة.
وفضل المعلمان والمسؤول عدم الكشف عن هوياتهم، خشية انتقام الجماعة.
الجوع والتعليم
وقال الصايدي إنّ: واجب السلطة أنَّ توفر المرتبات لا أن تقوم بإفشال العملية التعليمية بمطالبة أولياء الأمور بمبالغ مالية”.
مضيفاً: بأي حق يتم منع أبنائي من التعليم.. هذا تعليم تجاري لم يعد تعليم حكومي وأي مبالغ يتم أخذها من الطلاب تعد سرقة علنية غير مدركين للأوضاع الإنسانية الصعبة التي نعيشها مع انقطاع المرتبات لأكثر من عام.
وكانت وزارة التربية والتعليم الخاضعة لسيطرة الحوثيين عممت على المدارس الواقعة في مناطق سيطرتها، أخذ رسوم مالية من جميع التلاميذ الذين يدرسون في المدارس الحكومية، للحصول على خدمة التعليم. وبدأ ذلك فعلياً مع بداية النصف الثاني من العام الدراسي.
ونص التعميم أنّ تفرض إدارات المدارس “على تلاميذ المرحلة الابتدائية 500 ريال يمني، والمرحلة الإعدادية 1000 ريال، والثانوية 1500 ريال”. (الدولار=485 ريال).
وقال أحمد عبدالصبور وهو طالب في المرحلة الثانوية لـ”يمن مونيتور” إنّه تعرض للطرد أربع مرات من الفصل بسبب تلك الرسوم، وقال إنه وأشقائه الخمسة لن يكونوا قادرين على العودة للمدرسة. مشيراً أنّ والده ضابط رفيع في الجيش توقف عن الذهاب للمعسكر منذ بدء العمليات العسكرية ولم ينحاز لأي طرف ولذلك يرفضون تسليم مرتبه، منذ أكثر من عامين.
لكن مدير عام الإعلام التربوي في وزارة التربية في صنعاء، إسماعيل زيدان، نفى أنّ المعلمين لم يستلموا أموالاً من التي تم جمعها وقال إنه: يتم توزع المبالغ المالية المقدمة من الطلاب بالتساوي على المدرسين”؛ زاعماً أن المبالغ مشاركة مجتمعة ومبادرة من مجالس الآباء وان المساهمات من شأنها دعم المدرسين بهدف استمرار العملية التعليمية في المدارس.
وقال المسؤول في إدارة التربية إنّ ذلك غير صحيح وأن التوجيهات جاءت من يحيى الحوثي وهو وزير التعليم في حكومة الحوثيين وشقيق زعيم الجماعة، بأن توجه الرسائل باسم تلك الكيانات وأن الأموال تنقل بشكل دوري من إدارات المدارس إلى أيدي المسؤولين في الجماعة.
وذكرت منظمة سياج لحماية الطفولة أنّ نحو ثلاثة ملايين طفل لم يعدوا قادرين على تلقي التعليم، مشيرة إلى أن الأطفال في المحافظات الشمالية والغربية والوسطى لا يتلقون أكثر من درسين في اليوم، مما نتج عنه إحباط شديد ويأس في نفوس غالبية الأطفال.
ولفت البيان إلى أن غالبية الأسر لم تعد قادرة على توفير وجبة الإفطار لأطفالها ما يتسبب في حدوث إغماءات ومضاعفات نقص التغذية واضطرار البعض إلى التغيب أو الهروب من المدرسة.
التعليم الأكاديمي “لمن يدفع”
ليس فقط التعليم في المدارس الحكومية الذي لم يعد مجانياً، فالتعليم الأكاديمي أيضاً أصبح مقابل المال، ولا يسمح للطالب بالدراسة إلا بعد دفع مبالغ مالية للجامعة، ويتعرض عشرات الطلبة للطرد من قاعات الدراسة ويمنعون من دخول الكليات بسبب بقاء مبالغ مالية عالقة منذ التسجيل.
ونقل مراسل يمن مونيتور في صنعاء، “منع الحراسات الأمنية التابعة لجماعة الحوثي ممارسة عشرات الطلبة على مدى الفصل الحالي، من الدخول إلى القاعات الدراسية في الجامعة حتى دفع مبالغ مالية مقابل تلقيهم للتعليم”.
وأوضح عدد من طلاب كلية التجارة بجامعة صنعاء لـ”يمن مونيتور” قائلين: مُنعنا من دخول القاعات الدراسية حتى تسديد المبالغ المالية المفروضة علينا في النظام الموازي المقدرة على كل طالب حدود الأربعين ألف ريال على كل طالب وطالبة.
وقالوا إنهم يشعرون أنهم ليسوا “في صرح علمي بل في جامعة تعرضهم للابتزاز والإذلال في وقت تنعدم فيه مصادر الدخل مع توقف صرف المرتبات”.
كما قامت جماعة الحوثي بطرد طلاب كلية الاعلام لنظام الخاصة والموازي من مبنى الكلية ومنعتهم من الدخول إلا بدفع مخصصات مالية، تقول الجماعة بأن هذه المبالغ تعود إلى دكاترة جامعة صنعاء كمرتبات.
وقال ثلاثة من الأكاديميين في الجماعة (الإعلام والتجارة والحاسوب) إنهم لم يتسلموا رواتبهم من أكثر من 14 شهراً، وأن هذه المبالغ تتم مصادرتها لصالح الجماعة.
وتحدث الأكاديميين الثلاثة لـ”يمن مونيتور”، شريطة عدم الكشف عن هويتهم.
وشكا عشرات الطلاب إلى رئاسة الجامعة من هذه الإجراءات لكن بدون أي نتيجة تذكر، حيث لا تراعي أكبر جامعة يمنية أي مسؤولية في فرض رسوم على طلاب النفقة الخاصة هذا العام 900$ على كل طالب للحصول على البطاقة الجامعية ودخول اختبار نصف الترم.
وقال واحد من الأكاديميين إن: العام الماضي سجل المبالغ التي يتم أخذها من الطلاب اختلاسات بالملاييين، ولا نعلم إلى أين يتم توريد هذه المبالغ المالية التي تصل إلى مبالغ خيالية، حيث وأن عدد طلاب جامعة صنعاء هذا العام يتجاوزن 100 ألف طالب وطالبة وتم فرض مبالغ مالية عليه للنظامين العام والموازي، وحالة الطلاب المادية والوضع الذي تعيشه البلاد لا يسمح بتاتاً بدفع هذه الرسوم.
ولم يتمكن “يمن مونيتور” من الوصول إلى رئاسة جامعة صنعاء أو وزارة التعليم العالي الخاضعتين لسيطرة الحوثيين للحصول على تعليق.