بدخولها العام الرابع.. حرب اليمن المعقدة أصبحت أكثر تعقيداً
وسط أزمة إنسانية هي الأسوأ في العالم -حسب الأمم المتحدة-، ولا رؤية واضحة لتحقيق السلام الدائم في البلاد مع زيادة المفاعيل الدوليين والمحليين في الأزمة اليمنية التي توشحت كعقدة “السلام السهل لكنه بعيد المنال” يمن مونيتور/ صنعاء/ تقرير خاص:
تدخل العمليات العسكرية التي تقودها السعودية دعماً للحكومة الشرعية عامها الرابع في الساعة الأولى من يوم 26مارس/آذار، لكن الحرب ذاتها كانت قد بدأت في منتصف عام 2014 عندما تمكن الحوثيون من اجتياح محافظة عمران شمال “صنعاء” قبل أن يُسقِطوا العاصمة في سبتمبر/أيلول نفس العام بمساعدة حليفهم الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح الذي قتله الحوثيون مطلع ديسمبر/كانون الأول الماضي ما زاد الحرب تعقيداً على تعقيدها.
اليوم وبعد ثلاث سنوات تقف العمليات العسكرية المستمرة دون توقف إلا من ثلاث “هُدن” هشة في معظم محافظات البلاد، وسط أزمة إنسانية هي الأسوأ في العالم -حسب الأمم المتحدة-، ولا رؤية واضحة لتحقيق السلام الدائم في البلاد مع زيادة المفاعيل الدوليين والمحليين في الأزمة اليمنية التي توشحت كعقدة “السلام السهل لكنه بعيد المنال” حسب دبلوماسي خليجي تحدث لـ”يمن مونيتور”.
الخارطة العسكرية
عملياً تقف الخريطة العسكرية حيث كانت في يناير/كانون الثاني2017 دون تقدم كبير للحكومة الشرعية، فيما يستميت الحوثيون في الدفاع عن مناطق سيطرتهم في معظم الأجزاء الشمالية والغربية للبلاد، حيث يتواجد معظم السكان. فيما تعيش المناطق المحررة من الحوثيين حالة من تجاذب النفوذ والسيطرة بين الحكومة المعترف بها دولياً ودولة الإمارات القوة الثانية في التحالف بعد السعودية، لكنها تملك خططاً مختلفة عن التحالف ولا ترى في “الحوثيين” تهديداً -كما يبدو- حيث تبني إمبراطورية قواعد عسكرية على المحافظات الجنوبية إلى جانب معتقلات سرية يُمارس فيها التعذيب، حسب تقارير دولية وتأكيد الحكومة اليمنية. وتملك أبوظبي ميليشيات متعددة بهويات مناطقية مختلفة، وتحت غطاء مكافحة الإرهاب تتوسع الإمارات في مناطق الطاقة النفطية والغاز لتبعد تنظيمي القاعدة والدولة من تلك المناطق فقط، حسب ما يرى مايكل هورتون الباحث المتخصص في شؤون مكافحة الإرهاب في دراسة حديثة نشرها.
اقتصاد الحرب
أما من ناحية الاقتصاد، فالاقتصاد الهش -أصلاً- قبل الحرب أصبح مدمراً، ونشأ اقتصاد الحرب وهو يشبه حكومة موازية تدير التهريب والاقتصاد وبيع وشراء الأسلحة، ليكون امبراطورية ضخمة يصعب بناء سلام مع الأطراف المُعلنة دون الاهتمام بمصالح “أمراء الحرب” الجدد؛ ويرى بيتر ساليسبري الباحث المتخصص في معهد تشاتام هاوس، أن هؤلاء هم أبرز معوقات إنهاء الحرب ويديرون شبكاتهم بالتعاون -كان باتفاق أو بدونه- في جميع مناطق اليمن سواءً تلك الخاضعة لسيطرة الحوثيين أو الحكومة أو مناطق نفوذ القاعدة أو الإمارات.
وخلال الثلاث السنوات هوّى الريال اليمني إلى القاع، وفشلت كل جهود انتشاله من حالة البؤس المستمرة فبدلاً من (250ريال) للدولار الواحد قبل الحرب أصبحت (500 ريال) اليوم، وفي السوق السوداء وحدها التي انتعشت بسرعة مع الحرب فكل ما تحتاجه اليوم في مناطق سيطرة الحوثيين أصبح بسعر السوق السوداء وفيما يبلغ سعر (20 لتر من البنزين) في محافظة مأرب (3500 ريال) يصل في صنعاء إلى (7500 ريال). وسعر أنبوبة الغاز المنزلي (20 لتر) يصل في مأرب إلى (1200 ريال) وصل الأيام الماضية في صنعاء إلى (10 آلاف ريال) رغم عدم توفره. وارتفعت الأسعار في المواد الغذائية (61 بالمائة) حسب مركز الإعلام الاقتصادي. فيما قال تاجر جملة للمواد الغذائية الأساسية في صنعاء لـ”يمن مونيتور” إن الارتفاع وصل إلى أكثر من (90 بالمائة).
إدارة الحكومة
في جانب إدارة الحكومة، فهناك في اليمن اليوم حكومتان رئيسيتان تتنزعان الأولى تابعة للحوثيين في صنعاء والثانية في الحكومة المعترف به دولياً وهذه توجد لها حكومة موازية في عدن والمحافظات المحررة يديرها ما يسمي نفسه “المجلس الانتقالي الجنوبي” (تأسس في مايو/أيار2017)، الذي يحظى بدعم من دولة الإمارات. وفي يناير/كانون الثاني الماضي اندلعت اشتباكات طاحنة بين القوات الموالية للرئيس اليمني والقوات التابعة للمجلس الانتقالي التي دربتها أبوظبي، انتهت بفرض القوات الأخيرة لسيطرتها على معظم العاصمة المؤقتة عدن، وبعد أسابيع غادر رئيس الحكومة أحمد عبيد بن دغر إلى الرياض ولم يَعد. فيما يستمر الرئيس عبدربه منصور هادي في الرياض منذ أكثر من عام. وسط إشاعات وتأكيدات من مسؤولين حكوميين أن التحالف منعه من العودة إلى عدن، ويخضع لإقامة “شبه جبرية”.
ولم يتمكن موظفو الحكومة من استلام رواتبهم منذ أكتوبر/تشرين الأول2016، في مناطق سيطرة الحوثيين، فيما تمكنت الحكومة الموجودة في عدن من تسليم مرتبات موظفين حكوميين لكنها في نفس الوقت تفشل مراراً عن الاستمرار في دفعها. وسبق أن اتهم البنك المركزي اليمني الذي تم نقله من صنعاء إلى عدن في سبتمبر/أيلول2016 التحالف العربي بمنع الأموال المطبوعة في الخارج من الوصول إليه، ويخضع مطار وميناء عدن لسيطرة الإمارات إلى جانب باقي الموانئ اليمنية عدا مينائي الحديدة والصليف الخاضعان لسيطرة الحوثيين.
مع دخول الحرب العام الرابع لا يبدو أن السلام يلوح في الأفق، بالرغم من الحديث المتزايد عن وجود مشاورات سرية بين الحوثيين والسلطات السعودية في مسقط دون وجود ممثل للحكومة اليمنية. لكن زيادة الفاعلين الدوليين في اليمن جعل الحرب أكثر تعقيداً. وتخطط روسيا للدخول في جولة صراع دولية في اليمن، إضافة إلى الصين، فيما تستخدم الولايات المتحدة الحرب للحصول على المزيد من الأموال لصفقات السلاح.
وحتى الآن قتلت الحرب 13 ألف مدني أكثر من نصفهم من النساء والأطفال، كما انتشرت الأوبئة في جميع محافظات البلاد، قتلت الآلاف منهم.