الرقمية_في_حياة_أولادنا
إثارة موضوع عن “الرقمية في حياة أولادنا” قد يُشعر الأهل بخطرٍ قريب، إلى درجة كبيرة، من أطفالهم يمن مونيتور/العربي الجديد
إثارة موضوع عن “الرقمية في حياة أولادنا” قد يُشعر الأهل بخطرٍ قريب، إلى درجة كبيرة، من أطفالهم. بل هو ليس بمجرّد قريب، بعدما بات جزءاً منهم ومن يومياتهم. وهذا بعض من الحقيقة، إذ أن للرقميّة وجهيها الإيجابي والسلبي.
قليل إلى الوراء، حين صار الكمبيوتر أساساً في كل منزل، كان بعض الأهل يظنون أن استخدامه هو للدراسة حصراً. يذكر سامر، وهو والدٌ اليوم، أنه كان يجتمع ومجموعة من أصدقائه لمشاهدة الأفلام الإباحية، في الوقت الذي يعدّ لهم أبوه العصير لأنهم يدرسون “كان يظنّ أن الكمبيوتر للدراسة فقط”.
كان هذا قبل الإنترنت. وقبله أيضاً كانت مجلات ووسائل أخرى، إذا ما حصرنا الخطر في هذا الإطار. على ما يذكر الأهل، لم يشكّل الكمبيوتر محوراً لحديث أم قلق، على عكس الوسائل التكنولوجية والإنترنت اليوم.
النقاش في إحدى جلسات الأمهات كان يتمحور حول الهواتف الذكية. وبدا أن حوارهنّ تجاوز العمر المعقول لحصول الطفل على هاتف، لأن معظم أبنائهن ما فوق العشر سنوات يملكون هواتف. وهذا “طبيعي، ولا يمكن العيش خارج العصر”. إلّا أن مواكبتهن للعصر لا تلغي خوفهن. “ابني لا يدخل إلى المرحاض من دون هاتفه”. هن قلقات، ليس من الغرباء أو المواقع الإباحية أو احتمال استغلالهم فقط، بل أيضاً من تراجع المصارحة والحوار بينهم وبين أولادهم. تسأل إحداهن: “وماذا يمكننا أن نفعل؟”.
ويكاد هذا يكون السؤال الأصعب على الإطلاق، والذي يحاول المتخصصون الإجابة عليه. أمس، نظّم المركز التربوي للبحوث والإنماء، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف”، مؤتمراً حمل عنوان “الرقمية في حياة أولادنا”. خلاله، تحدّثت مايا سماحة روبرت، أستاذة علوم الكمبيوتر في جامعة سيدة اللويزة في لبنان، عن استخدام عدد من الأهل الشاشة للمكافأة أو العقاب، وهو ما يزيد من تعلق الأطفال بها. واستناداً إلى إحدى الدراسات، أوضحت أن 54 في المائة من الأطفال ما بين 7 و11 عاماً يستخدمون الأجهزة الإلكترونية خلال وجودهم مع أفراد العائلة، لافتة إلى أن هذه الأجهزة باتت تؤثّر على تحصيلهم العلمي، إما لأنهم يسهرون ليلاً للعب، أم لأنها تشتت انتباههم أثناء الدراسة. أما الأطفال ما بين 13 و17 عاماً، فـ 92 في المائة منهم يقضون أوقاتهم على “سناب شات”، ومشاهدة الأفلام الإباحية، أو تبادل الرسائل الإباحية. أكثر من ذلك، تلفت إلى أن بعض الأطفال يلعبون ألعاباً على الإنترنت مصنفة لما هم فوق 17 عاماً، على غرار “كوول أوف ديوتي”، ما له تأثير كبير عليهم.
النتائج التي قدّمتها روبرت قابلها المدير التنفيذي لشركة e-ecosolutions جيلبير تيغو بمجموعة من الإيجابيات، حين تحدّث عن دور الوسائل التكنولوجية في جعل المدارس صديقة للبيئة، لناحية استبدال الكتب على سبيل المثال بالأجهزة الإلكترونية. في هذا الإطار، تقول رئيسة المركز التربوي للبحوث والإنماء، ندى عويجان: “يجب أن نكون حذرين في استخدام الرقمية. لا نريد إعطاء أولادنا مهارات ونأخذ منهم مهارات أخرى”، لافتة إلى أن “التوازن” هو الأساس. وهذا ما يشدّد عليه أيضاً مدير مدرسة المركزية والأستاذ المحاضر في الجامعة اللبنانية، الأب وديع سقيم، لافتاً إلى أنه يعارض الاستخدام المفرط للتكنولوجيا.
وبحسب دراسة وطنية حول تأثير الإنترنت على الأطفال في لبنان، والتي أعدّها المركز التربوي للبحوث والإنماء، فقد بلغت نسبة التلاميذ الذين يستخدمون الإنترنت في المنزل 86.3 في المائة، علماً أن 60.2 في المائة يستخدمونه من خلال الهاتف المحمول، و24.4 في المائة يرتادون المقاهي للحصول على هذه الخدمة. وفي ما يتعلق بالتحصيل العلمي، يرى 28.9 في المائة من التلاميذ أن الإنترنت يساعدهم في تحسين تحصيلهم، في وقت يعتبر 21.7 في المائة أنه يشغلهم عن الدراسة.
وبحسب الدراسة، كان لافتاً أن نحو 62 في المائة من تلاميذ العينة المختارة تحدثوا إلى أشخاص غير معروفين بالنسبة إليهم على الإنترنت، في حين أن 34.3 في المائة من الأهل يعتقدون أن أولادهم تواصلوا مع غرباء على الإنترنت. والأخطر أن هؤلاء الغرباء حاولوا الاطلاع على معلومات خاصة بهم، مثل الاسم والعمر والمدرسة والصور والشكل الخارجي والأماكن التي يرتادونها باستمرار.