كتابات خاصة

عن السلام الصعب أتحدث

فتحي أبو النصر

وحش الارهاب المترامي الاطراف يتعقب الأحلام الصغيرة

قتل

ذعر
خراب
حياة ضئيلة
كلفة بشرية واقتصادية
فائض من العنف
تبريرات متبادلة
انعدام أمن
تصاعد الانتهاكات ضد المدنيين
نزوح
تشرد
عوز
ثأر
عذابات لايمكن احتمالها
فرز طائفي ومناطقي
وحش الارهاب المترامي الاطراف يتعقب الأحلام الصغيرة
قدر مجهول
وإذاً:
ماهي أهداف الحرب؟ وماهي اهداف السلام؟
ثم كيف نهرب من ذاكرة الحرب وجنونها  ومآسيها؟
وكيف سيكون السلام العادل والرادع والملزم؟
فالأنكى ان من يستسهلون الحرب ويغذونها ويبتهجون ببشاعتها يحدث أن يتحاورون من أجل السلام لكن بدون اقتناع حقيقي أو إرادة فاعلة.
*
ملف السلام أثقل من ملف الحرب، فالسلام يحتاج إلى شجاعة وشفافية ذات مسؤوليات تاريخية كبرى، وقبل كل شيء يتطلب بيئة وقوى مؤمنة بالسلام فعلاً لا قولاً. فمهما استمرت الحرب وشرورها وأوهامها لا تستطيع أي قوى اجتثاث قوى اخرى بالحرب، كما من غير المعقول أن يكون السلام على حساب أي قوى أيضا؛ بل إن السلام لا يتحقق من دون اتفاق الجميع على أهمية وضرورة تجذير قيمة السلام بأصالة داخل المجتمع أولاً.
ذلك أن السلام الضامن هو الذي لا يدخل سوق الشعارات والمزايدات والمراوغات، وانما باعتباره الحامل الموضوعي لقيمة السلام التي تنبع من الداخل قبل الخارج مستوعبة حقاً لمعاناة الناس الهائلة كما للمصالح الوطنية الجامعة بعيداً عن الحسابات المأزومة والخاطئة والمغامرة التي لا ترى حلولاً سوى في استمرار الحرب.
فالحرب ستتوقف يوماً، غير أن السلام الحقيقي في اليمن لن ينجز شيئاً فاعلاً إلا بضمانات واتفاقات تاريخية لوقف الثارات والانتقامات ودعم اسر الضحايا وتعويض المتضررين والافراج عن المعتقلين والالتفاف حول صيغة اجماعية تجعل السلاح غير منفلت وبيد الدولة، مع اطلاق عملية شاملة وجادة-مدعومة اقليميا ودوليا- لاعادة الاعمار ودعم الاقتصاد المنهار وتفعيل العملية السياسية والايفاء بالالتزامات العالقة ومكافحة الارهاب واستئناف المرحلة الانتقالية الخ.
ثم إن أبسط كوارث عبثية الحرب الطويلة المدى وهي تكرس وتفرض مشاكل عدم الاستقرار والاصطفافات المناطقية والطائفية وتعميم شتى مظاهر الدمار والخراب وسحق مفهوم الدولة نهائياً، انها تنتج بالمقابل حشداً لامعقولاً من المآزق والقضايا والتحديات المعقدة والصعبة التي تتطلب استحقاقات وطنية وأخلاقية فارقة تصبح من شأنها هي وحدها -لاغيرها-وضع المعالجات الناجعة وإعادة الصواب اللائق والمنشود للحاضر وللمستقبل.
ولئن كانت غاية السلام تجنب تجدد الصراعات المسلحة وإزالة آثار التشظي والتفتت وتمزق النسيج المجتمعي ومختلف ويلات العنف، إلا انه منظومة متكاملة لا تتجزأ أساسها العدالة واحترام العقد الاجتماعي وصولاً إلى سد الثغرات التي توسعت بسببها الميليشيا وانقسم الجيش كما تغلغل منها الارهاب كذلك، وليس الاكتفاء بمظاهر الزيف الخارجية لما سيتم تلفيقه على انه السلام مثلاً، لنكتشف سريعاً بانه لا يمثل أي إضافة تؤهل لنجاة المجتمع والدولة، وبالتالي سرعان مايؤسس لحرب أخرى أشد فداحة ومقامرة من سابقاتها.
المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
*المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن سياسة “يمن مونيتور”.
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى