جهود دولية تحاول إعادة السيطرة على حرب اليمن حتى الوصول إلى المشاورات (تحليل)
خروج الأزمة اليمنية على السيطرة أصبح مقدمة حديث الدبلوماسيين الغربيين المعنيين باليمن، لقد وصلت الحرب والسلم إلى طريق مسدود يمن مونيتور/ صنعاء/ تحليل خاص:
تظهر المملكة المتحدة ودبلوماسيتها أكثر نشاطاً في اليمن، ضمن تحركات أوروبية أوسع تهدف لتفعيل العمل السياسي في البلاد للتغلب على حالة الركود المستمرة في واحدة من أعقد أزمات المنطقة استعصاءً على الحل والتي تستمر في تعقيد نفسها بزيادة المفاعيل المحليين والإقليميين والدوليين.
وقال مصدر دبلوماسي خليجي، في تصريح لـ “يمن مونيتور”، شريطة عدم ذكر أسمه، إن “الحديث عن خروج الأزمة اليمنية على السيطرة أصبح مقدمة حديث الدبلوماسيين الغربيين المعنيين باليمن، لقد وصلت الحرب والسلم إلى طريق مسدود”.
وتوقع المصدر المطلع على الأوضاع في اليمن، أنّ يَطلع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال زياراته الخارجية حول ما أحدثته حرب اليمن في صورة المملكة في الخارج وكيف تؤثر على علاقتها بأوروبا وليس بريطانيا فقط.
وكان الأمير محمد بن سلمان قد زار لندن الأيام الماضية والتقى بالملكة ورئيسة الوزراء إلى جانب المسؤولين، وبحثوا ملف اليمن كأبرز الملفات في أجندة الأعمال. سينتقل بعدها إلى الولايات المتحدة الأمريكيّة، لبحث الأزمة الخليجية وأيضاً الأوضاع في اليمن التي تتصدر الأجندة مثل بريطانيا تتعالى الأصوات في مجلس الشيوخ الأمريكي بشأن وقف دعم التحالف العربي في اليمن.
ولي العهد السعودي في لندن
في البيان الختامي للزيارة الذي صدر يوم الجمعة، يظهر الاهتمام البريطاني بشأن اليمن ولعل أبرز ما تم الاتفاق عليه الآتي:
* جددت السعودية تأكيد التزامها منذ نوفمبر بالعمل مع الأمم المتحدة لتعزيز آلية التفتيش التابعة لـ UNVIM لضمان بقاء جميع الموانئ اليمنية مفتوحة بالكامل أمام التجارة، والإمدادات الإنسانية. وهي نقطة أُثيرت في مجلس العموم البريطاني إلى جانب الغارات التي تستهدف مدنيين، وفي ذلك تعهدت السعودية بقيادة الحرب في اليمن وفقاً للقانون الإنساني الدولي.
*اتفق البلدان على العمل مع شركاء دوليين بما في ذلك الأمم المتحدة للاتفاق على آلية لدفع رواتب القطاع العام باليمن في جميع أنحاء البلاد؛ وقد يتضمن ذلك رؤية انتقال البنك المركزي إلى عمّان. ولم يستلم الموظفون رواتبهم منذ أكتوبر/تشرين الأول 2016، عندما تم نقله من صنعاء إلى عدن.
*اتفق البلدان على التشاور بشكل مستمر، وعقد الاجتماعات المكثّفة حول ذلك.
*اتفق البلدان على أن أي حل سياسي يجب أن يؤدي إلى إنهاء التهديدات الأمنية للمملكة العربية السعودية، والدول الإقليمية الأخرى، وشحنات البحر الأحمر، بالإضافة إلى إنهاء الدعم الإيراني للميليشيات وانسحاب العناصر الإيرانية وحزب الله من اليمن.
*أكد وزيرا خارجية السعودية وبريطانيا على أن للحوثيين جزء من مستقبل العملية السّياسية في البلاد.
ويرتبط المسار البريطاني بمسارات أوروبية أخرى ففي الفترة بين 27 فبراير/شباط والأول من مارس/آذار عقد في العاصمة تونسية جلسات مباحثات لمناقشة مسودة الدستور واتفاق وقف إطلاق النار بين عدد من الهيئات والأحزاب والأطرف الفاعلة في اليمن بينهم حوثيون وموالون للرئيس الراحل علي عبدالله صالح والأحزاب السياسية والمجلس الانتقالي الجنوبي، والحراك السلمي، وشيوخ قبائل، إلى جانب خبراء دستوريين أجانب، وحضر السيدة ليزا نورمان مساعدة الموفد الاممي لليمن السيد مارتن غريفث. ورعت هذه الجلسة التشاورية منظمة ألمانية معنية بالديمقراطية والانتخابات.
وغريفيث دبلوماسي سابق في الخارجية البريطانية التي مارست ضغوطاً على الأمم المتحدة والمجتمع الدولي ليكون وسيطاً جديداً بدلاً من إسماعيل ولد الشيخ-، كما تقول صحيفة الغارديان.
الفجوة الأمريكية
وسط هذا العرض الذي يشمل إيطاليا وألمانيا وبريطانيا وحتى الصين تغيب الولايات المتحدة الأمريكيّة التي غيَّرت سياستها في اليمن لتقتصر على استخدمها كملف ضد إيران وفي نفس الوقت مواجهة التنظيمات الجهادية “القاعدة” و”تنظيم الدولة”.
وقال مصدر بالحكومة اليمنية لـ”يمن مونيتور”، رفض الكشف عن هويته، إن الولايات المتحدة تقتصر في تعاونها بمجال مكافحة الإرهاب في اليمن على دولة الإمارات العربية المتحدة وليس بالتعاون وتبادل المعلومات مع الحكومة المعترف بها دولياً.
وسبق أن قال موقع ذا انترسبت إنّ السفير الأمريكي ماثيو تولر تخلى عن المشاركة في أي عملية سلام في اليمن منذ وصول دونالد ترامب إلى السلطة قبل 13 شهراً.
يخشى الأوروبيون من نفوذ روسي في اليمن، مع غياب الدور الأمريكي وانسحابه من ملفات عديدة في الشرق الأوسط، وظهر واضحاً مؤخراً بوقف قرار يدين إيران في مجلس الأمن، كما أن وزير الخارجية الروسي سرجي لافروف أشار إلى أن بلاده تريد التفاعل بشكل أكبر في الملف اليمني، خلال زيارة نظيرة اليمني عبدالملك المخلافي إلى موسكو في يناير/كانون الثاني الماضي.
مسقط منطقة الاجتماع
ينشط الدبلوماسيون الأوروبيون في مسقط بقدر نشاطهم في الرياض في الملف المتعلق في اليمن، فالمشاورات التي تدور في مسقط تنعكس على الميدان حيث تشهد جبهات القتال نشاطاً محموماً منذ مطلع العام الجاري. ويتواجد وفد للحوثيين، إلى جانب وفد من قيادات حزب المؤتمر الشعبي العام المتواجدين في الخارج. وكان إسماعيل ولدالشيخ أحمد قد تحدث قبل انتهاء فترة ولايته إن “غريفيث” سيبدأ مشاورات بين الحوثيين والمؤتمر لرأب الصدع داخل تحالفهما الذي انتهى إكلينيكيا في ديسمبر/كانون الأول الماضي بقَتل الحوثيين لـ”علي عبدالله صالح”.
وقالت مصادر خاصة في مسقط ، إن “سلطنة عمان تقوم بدور تشجيعي لإقناع الحوثيين للانخراط في مشاورات سياسية من جديد وصولاً إلى سلام”.
وأشارت المصادر في تصريح لـ “يمن مونيتور”، إلى الدور البريطاني في الأزمة اليمنية، ولفت إلى أنَّ “وزير الخارجية البريطاني، بوريس جونسون زار مسقط مرتين والتقى بسلطان عُمان، قابوس بن سعيد، وكان محور النقاش، الملف اليمني”.
والفترة الماضية ينشط سفراء ممثلين عن السفارة البريطانية باليمن وعن الأمم المتحدة في لقاء الأطراف اليمنية بين الرياض وصنعاء ومسقط وعمّان. إلى جانب لقاءات متعددة بالرئيس اليمني عبدربه منصور هادي.
وحتى إنجاز تقدم حقيقي للجهود الدولية لدى جميع الأطراف اليمنية ستبقى الأزمة الإنسانية في تصاعد، مع انهيار العملة وانتشار الأوبئة والأمراض، وزيادة نسبة الفقر، وستخرج الأزمة الإنسانية عن السيطرة كما خرجت الحرب ذاتها.