(فرانس برس) مأرب تطمح للازدهار في اليمن الغارق في الحرب
تصدح أصوات أجهزة الحفر في مواقع بناء في مدينة مأرب التي كانت في الماضي معقلا لتنظيم القاعدة المتطرف لكنها باتت اليوم تتمتع بنسبة عالية من الاستقرار مقارنة بالمناطق الأخرى في اليمن الغارق في نزاع مسلح.
يمن مونيتور/ صنعاء/ أ.ف.ب
تصدح أصوات أجهزة الحفر في مواقع بناء في مدينة مأرب التي كانت في الماضي معقلا لتنظيم القاعدة المتطرف لكنها باتت اليوم تتمتع بنسبة عالية من الاستقرار مقارنة بالمناطق الأخرى في اليمن الغارق في نزاع مسلح.
وتسبب النزاع بين القوات الحكومية المدعومة من تحالف عسكري بقيادة السعودية، والمتمردين الحوثيين المتهمين بتلقي الدعم من طهران، بمقتل وإصابة آلاف، وبأزمة إنسانية تصنفها الأمم المتحدة على أنها من بين الأخطر في العالم.
لكن في وسط كل ذلك، استطاعت مدينة مأرب، مركز المحافظة التي تحمل الاسم نفسه، أن تعزل نفسها، إلى حد ما، عن الحرب وآثارها بفضل النفط والغاز فيها، وقربها من الحدود الشمالية لليمن مع السعودية، والتوافق بين عشائرها.
ويقول محافظ مأرب سلطان العرادة لوكالة فرانس برس “لقد تمكنا من دفع الحرب بعيدا عن مأرب”.
في خضم المعارك، هرب آلاف اليمنيين من مناطق النزاع وتوجهوا إلى مأرب. ومن بين هؤلاء الأطباء ورجال الأعمال والأثرياء الذين ازدادت بعيد وصولهم الاستثمارات، وأسعار العقارات أيضا.
وازدهرت الأعمال في المدينة شيئا فشيئا، من افتتاح المطاعم إلى مشاريع البناء.
ويرى الخبير اليمني في معهد “تشاتام هاوس” فارع المسلمي أن ازدهار مأرب “تحقق (…) بسبب النزاع نفسه”، مضيفا “لقد استفادت مأرب من الفوضى المحيطة بها”.
وكانت الحكومة المركزية المستقرة في عدن، حيث واجهت مؤخرا تمردا من قبل الانفصاليين الجنوبيين، منحت مأرب سلطة تقرير مصيرها، ما ساعد على توسع الأعمال فيها سريعا.
– رسوم على الجدران –
لكن على الرغم من مظاهر الازدهار، تبدو آثار النزاع واضحة في بعض المواقع في المدينة، وبينها مركز لإعادة تأهيل أطفال جرى تجنيدهم في السابق للقتال في النزاع.
ونفذ هؤلاء الأطفال رسوما على بعض جدران المركز تعبّر عما اختبروه في الحرب، وبينها رسم لدبابة، وآخر لقنبلة يدوية، وثالث لبقع دماء كتب إلى جانبه ” لقد فجّروا مدرستي”.
وقبل انسحابهم منها، قام المتمردون الحوثيون بزراعة آلاف الألغام في مناطق متفرقة من المحافظة.
وقال مدير مستشفى مأرب العام محمد عبده العتيبي “لقد قتل كثيرون، بينما خسر آخرون أطرافهم”.
عند مداخل المدينة، تنتشر الخيم التي يعيش فيها نازحون. وكانت أعداد سكان مأرب في ما قبل النزاع نحو 350 ألف شخص، لكنها أصبحت اليوم تضم حوالى 1,5 مليونا بسبب عملية النزوح الكبيرة إليها.
وقال احد النازحين الهاربين من مديرية سراوة المجاورة والخاضعة لسيطرة الحوثيين “هذه حياة نتمناها لأعدائنا. كنا نعيش في القصور، واليوم نعيش في الخيم”، قبل أن يتدخل رجل آخر ليقول “كلا، هذه ليست خيمة حتى، أنها أخشاب مغطاة ببطانية رقيقة”.
– تفتيش تلو الآخر –
في 2015، حاصر المتمردون الحوثيون مأرب بعد أشهر من أحكامهم السيطرة على صنعاء في أيلول/سبتمبر 2014، لكن العشائر المسلحة في المدينة تمكنت من دحرهم بمساندة القوات التابعة للتحالف بقيادة السعودية.
وعمل المحافظ على توحيد الصفوف خلف السلطة المعترف بها دوليا بقيادة الرئيس عبد ربه منصور هادي.
إلا أن دحر المهاجمين لم يبعد خطر الحرب نهائيا عن مأرب التي لا تزال تتعرض لهجمات صاروخية. والعام الماضي، قتل ستة أطفال خلال عطلة العيد في هجوم صاروخي، بحسب ما يقول المحافظ.
كما أن التنقل بين مأرب والمناطق الأخرى يجبر العائلات على الخضوع لإجراءات قاسية.
وتقول آمنة العياشي (55 عاما) لفرانس برس وهي تصف رحلتها من مأرب إلى صنعاء حيث تزور ابنها توفيق، الصحافي المسجون لدى الحوثيين “نمر عبر نقطة التفتيش تلو الأخرى. في كل مرة أشعر وكأنه عمر كامل”.