كتابات خاصة

الحرب ليست لعبة أطفال

فكرية شحرة

في وطننا تتنافس الأوجاع أيها تعتصر قلوبنا بقوة أشد..

في وطننا تتنافس الأوجاع أيها تعتصر قلوبنا بقوة أشد..
تصبح الأوجاع ملفات في نظر المنظمات الحقوقية ودموع وأشلاء جثث في قلوب أصحابها.
هناك ملفات خرساء رغم كثرة الصارخين لها.
تظل خرساء لأنها تكوي فئة محددة لا يشعر بها الجميع مثلما يفعل الفقر والمرض وغلاء المعيشة.
 الجرحى؛ والمعتقلون؛ وحق الطفولة الضائع؛  هذه الأوجاع الثلاثة تصهر قلوبنا حزنا وأسى.
كلما قرأت عن حقوق الطفل وقفزت إلى نظري عبارة: من حقي أن ألعب.
أضحك بحزن.. بيأس وألم.
كيف لنا أن نقنع الطغاة أن من حق هذا الطفل أن يعيش فقط.
الأطفال لم يعودوا يكبرون كي يكونوا هم المستقبل؛ إنهم يقتلون ويصبحون ماض مخيف وحزين على يد المليشيا المتجبرة.
 يقتلون قربان لطاغوت يدعي حق امتلاك أرواحهم وفق سيادته وولايته الواجبة عليهم.
كنا نتباكى على الأطفال في عهد صالح حين تسربوا من مدارسهم لطلب الرزق كما تتسرب الدماء من جسدٍ جريح وكنا نخاف أن يلفظ جسد الوطن حياة العلم والوعي بتسربهم في سن مبكرة نحو الجهل من أجل الرزق.
الآن صاروا هم جرح المستقبل النازف نحو العدم..
مئات الأطفال يختطفون لمعتقل الموت في الجبهات مقيدون بسلاح يفوق أحجامهم وقدرتهم على حمله حتى تأتي رصاصة الخلاص من اعتقال الجهاد المقدس.
لم يسلم حتى الأيتام الذين فقدوا الأب والعائل فمنحهم السيد رحمة الموت السهل بدلا من التعليم أو لقمة العيش!! فهكذا تربت الرصاصة على رأس اليتيم!!
ففي زمن مليشيا الحوثي الانقلابية الحرب لا تصنع أطفالا أيتام؛ إنها تحمل حتى الأيتام للموت في الحرب.
يساقون إلى الموت انتحارا فلا يكلف الطاغية نفسه حتى تدريبهم من أجل القتال بل إعدادهم من أجل القتل؛ يصل أغلبهم إلى المعركة قتيل الخوف والرعب؛ مضرجة ذواكرهم بمشاهد الموت؛ مخضبة أكفهم بدماء القتلى من رفاقهم..
المحظوظ من وقع في الأسر بعد وقوعه أسيرا لاضطراب نفسي وصدمة من هول ما يلاقونه في القتال فالحرب ليست لعبة أطفال.
أصبح أطفال الحروب بحاجة إلى تأهيل نفسي وعقلي كي يعودوا أطفالا بعد أن حولتهم المليشيا إلى وحوش ضعيفة  افترستها الحرب والخوف.
أسفى على أجمل ما في هذا الوطن.. الطفولة النقية التي لوثتها أفكار الحرب لتصبح أرواحهم المعذبة هي أقبح جرائم الحرب التي لن يغفرها الله.
*المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
*المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن سياسة “يمن مونيتور”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى