ضحايا حروب الحوثي: الجنود الأطفال في اليمن
ترجمة خاصة
تقول أم سلطان التي أُصيب ابنها ذو الخمسة عشر عامًا في معركة تعز بين الحوثيين والمقاومة الشعبية في أغسطس: «أتمنَّى لو أنَّني قد استلمتُ ابني ميتًا وليس مُصابًا فقط». انضمَّ سلطان عبد المولى للحوثيين في يونيو 2015، وعلى الرغم من عدم رضا أسرته بأكملها – وخصوصًا أمه – عن دعمه للحوثيين، إلَّا أنَّهم لم يستطيعوا منعه من الانضمام لقوَّاتهم. ميدل آيست آي
تقول أم سلطان التي أُصيب ابنها ذو الخمسة عشر عامًا في معركة تعز بين الحوثيين والمقاومة الشعبية في أغسطس: «أتمنَّى لو أنَّني قد استلمتُ ابني ميتًا وليس مُصابًا فقط». انضمَّ سلطان عبد المولى للحوثيين في يونيو 2015، وعلى الرغم من عدم رضا أسرته بأكملها – وخصوصًا أمه – عن دعمه للحوثيين، إلَّا أنَّهم لم يستطيعوا منعه من الانضمام لقوَّاتهم.
وشعرت أم سلطان بمشاعر مختلطة تجاه قرار ابنها، وقالت: «أعلم أنَّ ابني مؤيِّد للحوثيين، وحاولتُ بشدة منعه من الانضمام إلى صفوفهم، ولكنَّني فشلتُ في كل المحاولات لأنَّه مُتأثِّرٌ جدًا بأصدقائه، والكثير من الأطفال في المنطقة مقاتلون حوثيون».
بحلول نهاية شهر يوليو كان سلطان قد انضمَّ للمُتمرِّدين الحوثيين دون عِلم أسرته، وسرعان ما غادر الحوثيون صنعاء مُتَّجهين إلى تعز. استهدفَت المقاومة الشعبية بعد ذلك بوقتٍ قصير المركبة الحربية التي تحمل سلطان، قُتِل ثمانية من المقاتلين وجُرِح اثنان، أحدهما سلطان.
أُعيد سلطان جريحًا لأمه في صنعاء، وقد قالت: «سلطان هو ابني الوحيد، لديَّ أربع فتيات، ولكنَّني أحببته أكثر من إخوته. أُصلِّي كل يوم أن يأخذه الله، لأنَّه على الرغم من أنَّه ما زال مُصابًا وأدفع الكثير في تكاليف علاجه، ما زال يعصيني ويدعم الحوثيين».
تقول أم سلطان إنَّها تشُك أنَّ الحوثيين قد استخدموا السحر لجذب ابنها الوحيد، موضِّحةً أنَّ أيَّا من أفراد أسرتها لم يستطِع إقناع ابنها بمغادرة صفوفهم والعودة إلى المدرسة.
يعمل والد سلطان في السعودية، لذا لا يمكنه مساعدة الأسرة والتواجد هناك للتأثير في ابنه، وتقول أمه: «إنَّني الآن في أربعينيات عمري ولا أستطيع السيطرة على ابني. لقد حاول ضربي عدَّة مرات عند محاولتي منعه من فعل أمرٍ خاطئ، ولكن إخوته يمنعونه عندما يحاول إيذائي».
مُنِح سلطان، مثل بقية المقاتلين الحوثيين، بندقيةً من أجل المعركة، ولكن وفقًا لما تقول أم سلطان فالجنود الأطفال يستخدمون البنادق لتهديد أصدقائهم وأسرهم أيضًا. ويُشكِّل الأطفال المقاتلون مع الحوثيين والجماعات المُسلَّحة الأخرى بحسب اليونيسيف ما يبلغ ثُلث المقاتلين في اليمن.
الجنود الأطفال يُصرُّون على القتال
أصبح سلطان عاجزًا ولا يستطيع السير بسبب إصابة خطيرة في ساقه خلال الهجوم في تعز، وأصابته أيضًا قذيفة أخرى في ظهره. وقال سلطان: «إذا تعافيتُ قريبًا سأنضمُّ للمعركة في تعز ثانيةً وأحارب مقاتلي تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية والدولة الإسلامية في تعز». كل ما يعرفه سلطان أنَّ الحوثيين يقاتلون مقاتلي «تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية والدولة الإسلامية» في تعز، أمَّا تفاصيل الموقف السياسي المُعقَّد في اليمن فهي عصية الفهم عليه.
في نوفمبر 2012 تعهَّد زعيم الحوثيين عبد المالك بدر الدين الحوثي بالعمل نحو وقف استغلال الجنود الأطفال. يقول نائف نور الدين؛ عالم الاجتماع المقيم في تعز، إنَّ الحوثيين ليسوا هم فقط من يُجنِّدون الأطفال، وإنَّما كل الأطراف المتنازعة، لأنَّه من السهل إقناع الأطفال بالقتال، «فالأطفال، وخاصةً بين أعمار 13 و16 عامًا، يُحبُّون فعل أشياء جديدة، غالبًا ما تكون للفت الانتباه. يستغل المقاتلون هذا غالبًا بمنحهم البنادق للأطفال في هذا العمر». ويقول أيضًا إنَّ الأطفال يتأثَّرون غالبًا بكلمات أقرانهم أكثر من كلمات آبائهم، فيُمكن لطفل واحد إقناع آخرين عدَّة بالانضمام، خاصةً إذا لم يكُن آباؤهم على عِلمٍ بما يحدث. يقف العديد من الأطفال عند نقاط التفتيش التابعة للحوثيين في العاصمة، كما يستقلون المركبات الحربية الحوثية.
على الآباء الانتباه لأطفالهم بحرصٍ
يرى أحمد مرشد الذي يبلغ من العمر 55 عامًا أنَّ الفتى إذا كان أكبر من 13 عامًا، فهو ليس طفلًا، وإنَّما رجلًا يعرف جيِّدًا جدًا ما يفعل. تعود أصول مرشد إلى مدينة ريمة، ولكنَّه يعمل في صنعاء حارسًا، وهو أُمِّيّ (لا يقرأ ولا يكتب) ويقول إنَّ هذا هو سبب سماحه لابنه فهد ذي 16 عامًا بترك المدرسة منذ ثلاثة أعوام.
كان فهد مرشد يعمل في البناء في صنعاء، ولكن عندما بدأ الحوثيون في التجنيد في مارس الماضي، كان سعيدًا بالانضمام إلى صفوفهم، حتى إذا لم يكُن والده سعيدًا بقراره. قال مرشد: «غادر فهد صنعاء دون علمي مُتَّجِهًا إلى تعز في بداية أغسطس، عندما هاتفته لأسأله عن مكانه أخبرني أنَّه في العمل في مدينة حجَّة. صدَّقته لأنِّي اعتقدتُ أنَّه رجل».
لم يتتبَّع مرشد محل إقامة ابنه، فكان يعتقد أنَّه قد سافر إلى حجَّة لجمع المال لكي يستطيع شراء دراجة بخارية، وهي ما كان يتحدَّث عنه لفترةٍ طويلة. ولكنَّه في الحقيقة كان قد انضمَّ إلى الحوثيين. يقول مرشد: «في 12 من أغسطس جاءت سيارة خاصة بالحوثيين إلى منزلي وبدأ اثنان حوثيان يتحدَّثان معي عن نعمة أن يكون المرء شهيدًا. ثم فهمتُ أنَّ شيئًا سيِّئًا قد حدث لابني، فسألتهم أين فهد؟ فقالوا إنَّه مع الله في الجنَّة. ثم أرَوني جثة ابني، وطلبوا مني أن آخذه إلى المنزل ولكنَّني رفضتُ استلام الجثة، ليس لأنَّني أكره ابني ولكن لكي أُعلِمهم بأنَّهم سرقوا ابني دون عِلمي، وكذلك لأُعلِمهم بأنَّ الناس لا يؤيِّدون تجنيد الأطفال».
وقال إنَّه بعد مقتل فهد بدأ يفهم أنَّه كان ما يزال مُجرَّد طفل، وأنَّه لم يكُن رجلًا، ولم يفهم ما كان يفعله، وقال: «أتمنَّى أن ينتبه كل الآباء إلى أبنائهم بحرصٍ شديد ويرفضوا تركهم يذهبون إلى أي مكان دون عِلمهم. أندمُ على عدم انتباهي لابني بحرصٍ أكثر».