(تحقيق) “صيدليات” وعيادات طبية في صنعاء يديرها مراهقون تزاحم “البقالات” في الانتشار
من يقوم بعمل الصيدلاني وطيبيب العيادات هم أطفال بأعمار صغيرة لا يتجاوز أعمارهم السبعة عشر عاماً، يمن مونيتور/وحدة التحقيقات/ خاص:
تشهد شوارع صنعاء منافسة محمومة بين الصيدليات و”العيادات” التي أصبحت تضاهي في انتشارها دكاكين البيع “البقالات” خارج نطاق القانون بسبب الحرب الجارية في البلاد.
وفيما يُسمح بإنشاء بقالات (صغيرة) في اليمن دون إجراءات قانونية وطبية وصحية، لا يمكن لذلك أنَّ يحدث في حال الصيدليات والعيادات الطبية، إلا منذ سيطرة الحوثيين على السلطة (سبتمبر/أيلول2014).
وتبيّن لمراسل “يمن مونيتور” في صنعاء سهولة فتح محلات العيادات والصيدليات بدون كادر متعلم ما ساهم في انتشارها بجميع شوارع العاصمة في مديرياتها السبع بشكل لافت، حيث أصبحت هذه المرافق الصحية تفتح بشكل عشوائي وبانتشار مخيف يبعث على قلق المواطنين لعدم وجود أي كوادر مؤهلة في هذا المجال.
ونقل مراسل “يمن مونيتور” أن من يقوم بعمل الصيدلاني وطيبيب العيادات هم أطفال بأعمار صغيرة لا يتجاوز أعمارهم السبعة عشر عاماً، وفي احدى العيادات المنتشرة في مديرية بني الحارث، قال المراسل إنَّ مراهقاً لايتجاوز عمره 14 عاماً يقوم بضرب الإبر وتحديد العلاج للمرضى! دون أن يتلقى أي تعليم متخصص بهذا الخصوص.
ويبدو الطفل في المرحلة الإعدادية، ويحمل صفة طبيب، وعند سؤاله عن كيفية فتح العيادة قال: “تعلمت هذه المهنة عن طريق الخبرة وأخذت بعض الدورات في هذا المجال الطبي”، رافضاً تقديم أي تراخيص قانونية خولته فتح العيادة.
ورفض المراهق نشر اسمه خوفاً على سمعته!
وقال سكان ومرضى لـ”يمن مونيتور” إنَّ العيادات انتشرت بشكل عشوائي في معظم الأحياء، منذ ثلاثة أعوام، وقالوا إنهم يفرون من التكاليف الباهظة التي تفرضها المستشفيات الخاصة والحكومية من فحوصات وعلاجات تحمل تكاليف كبيرة لا يستطيع المواطن دفعها ويلجأ لهذه الصدليات والعيادات لأخذ الاستشارات الطبية بتكاليف دفع فاتورة العلاج وإن كان غير مناسب بل وفي أغلب الأحيان يعمل على زيادة حدة الإصابة بالمرض.
وتشهد هذه العيادات إقبالاً واسعاً.
تكاليف باهظة في المستشفيات الحكومية
وانتشرت صيدليات بمسميات مختلفة في أحياء “جِدر والمطار وشملان ومذبح والدائري” ولا تحمل تراخيص مزاولة المهنة ويديرها أطفال في سن المراهقة أيضاً، إلى جانب صيادلة ما يزالون في السنة الأولى من دراسة الدبلوم.
وتعكف وزارة الصحة والسكان في صنعاء، الخاضعة للحوثيين، على الانشغال بعلاج جرحى الحرب من المقاتلين في المستشفيات الحكومية. وقال أطباء في مستشفى الجمهوري ومستشفى الثَّورة (الحكوميين) إنَّ أقساماً خاصة بالباطنية وبالأطفال والأورام السرطانية أفرغت لجرحى الحرب. مشيرين في أحاديث متفرقة لـ”يمن مونيتور” إنَّ معظم الأدوية خاصة بحالات الحرب، وتنعدم الأدوية الأخرى.
وقال مرضى في المستشفيين الحكوميين لـ”يمن مونيتور” إنَّ رسوم الكشافات والتحاليل ارتفعت أضعافاً منذ ثلاثة أعوام وأصبحت مقاربة للمستشفيات الخاصة.
ورفض الأطباء والمرضى كشف هوياتهم. ورفضت إداراتي المستشفيين ووزارة الصحة التعليق على هذه الاتهامات.
مركز الأطراف
وتجدر الإشارة إلى أن الكوادر الأجنبية العاملة بالقطاع الطبي في البلاد غادرت اليمن في شهر سبتمبر 2016 ما ساهم في تردي الوضع الصحي والمرافق الحكومية بصنعاء.
وأوضح مدير إدارة العلاج الطبيعي في مركز الأطراف بصنعاء، حسن السامعي، في حديث خاص لـ”يمن مونيتور” أنه في عام 2014 أثناء بدء تردي الوضع الأمني في البلاد غادر 25 طبيباً أجنبياً في مركز الأطراف والعلاج الطبيعي التابعة لوزارة الصحة والسكان أغلبهم من دولة الهند كانوا مختصين في تصنيع الأطراف الخاصة بجسم الإنسان ما تسبب في عجز كبير وضعف أداء خدمات المركز، مشيرا إلى أن مغادرة الكوادر الأجنبية من المرافق الصحية بصنعاء بسبب الوضع الأمني ساهم في تردي الوضع الصحي.
وأضاف أن “مغادرة الكادر الأجنبي أجبر مركز الأطراف على اللجوء إلى الطلاب الدارسين في هذا المجال بالتطبيق وهي في نظر البعض “مغامرة”، خاصة في تأهيل دفعات مازالت في طور الدراسة بالمستوى الثالث، مردفا بالقول ” الحال لم يعود إلى ماكان عليه في السابق.
وتشهد المنظومة الطبية في اليمن فوضى جعلتها تعجز عن القيام بدورها في ضبط العمل ومراقبة العيادات والصدليات وحتى المستشفيات التي يتم فتحها يوماً بعد آخر بشكل غير قانوني ما أتاح الفرصة للعبث بأرواح المرضى وعدم الامتثال للأنظمة والقوانين في ظل الحرب والاستمرار وتفاقم الوضع الصحي.