كتابات خاصة

تنوير القبيلة

فتحي أبو النصر

والصحيح أن صراع القبيلة من أجل استرداد الكرامة لم يخفت تماماً منذ مئات السنين بمقابل استبدادية الاستعلاء الهاشمي الذي كان يتجدد بعد كل منعطف تمردي او انتفاضي او ثوري تحدثه القبيلة ضدهم.

بين إرث القبيلة السيئ في الشمال وتركة وعي الأئمة الأسوأ في الحكم: من البدهي القول ان المجرى المتدفق للاصطفاءات والتجهيل والتوافق مع الاستلاب والاستعباد كرس سايكولوجية التفكير القائمة على التعارض مع المعرفة والحرية.   
والصحيح أن صراع القبيلة من أجل استرداد الكرامة لم يخفت تماماً منذ مئات السنين بمقابل استبدادية الاستعلاء الهاشمي الذي كان يتجدد بعد كل منعطف تمردي او انتفاضي او ثوري تحدثه القبيلة ضدهم.  
إلا أن القبيلة التي كانت يد الأئمة الباطشة على بقية اليمن أصلاً لن تستطيع بلوغ الانعتاق والتطور والانتصار على هذا النوع من الاسترقاق البائد المستحكم ثقافياً ما دامت تدور في  فلكه الهمجي اللاوطني للأسف.
وتحديداً فإن المشترك الذي لم يتزحزح بين القبيلة والأئمة حتى اليوم: نظرتهما لبقية اليمنيين كفئات متدنية اضافة الى انهما ينظران لفكرة الدولة المدنية والمواطنة المتساوية كمحاولات عبثية لتحدي مشيئتهما المقدسة بالطبع!
وبالتالي، فإن الصراعات بين وعي القبيلة ووعي الأئمة تبقى مجرد صراعات متخلفة في جوهرها بل إن دوافعها ونوازعها الحقيقية ما زالت تتمثل في عدم الخروج من دوامة الإرث المقرف. الارث المصنوع من تلك التركة النشاز جداً فكرياً وسياسياً واجتماعياً؛ التركة المبرمجة روحياً ونفسياً و لغوياً وعصبياً أيضاً في ذلك الإرث اللعين بشكل خاص.. على أن منظومة القبيلة الاستغلالية استفاد منها المذهب وبعد الجمهرة تحول العكفة لاماميين جدد وعند اللجنة الخاصة ثم السيد رقصت على دماء اليمنيين ورفض التغيير.
والشاهد أن تنوير القبيلة سيظل هو الكابوس الحقيقي الذي يقض مضاجع كل من يتمسيدون، ثم انه حتى العيب الأسود الذي كان من أهم قيم القبيلة اليمنية ولا يمكن انتهاكه وفي حال انتهاكه يفرض العرف قوانينه الأخلاقية، انتهكه الحوثة وجردوا اليمنيين من كافة شيمهم.
و تاريخيا: كان المذهب لاشيء بدون القبيلة في شمال الشمال.. لذلك حين تتحرر القبيلة من سلطة المشايخ وسلطة السادة، يمكن للجمهورية أن تقيم دولة المؤسسات المدنية والمواطنة المتساوية التي ترفضها طبقتي المشايخ والسادة هناك، والذين غايتهم فقط،  تحقق دولة القبيلة أو دولة المذهب -أو دولة القبيلة والمذهب معا- وبالتالي إفراغ الجمهورية والوحدة من المضامين السياسية والإجتماعية للديمقراطية والعدالة، وكذا عدم تحقق دولة الشعب التي ينشدها السواد الأعظم من الشعب في عموم اليمن، شرقا وجنوبا ووسطا وغربا وشمالا أيضا.
*المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
*المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي “يمن مونيتور”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى