كتابات خاصة

البرد الحر الأليف!

فتحي أبو النصر

يحق للبرد أن يمارس احتجاجاته المتوترة بهذه المناسبة العميقة طبعاً، كما ينبغي أن تتحول الإيحاءات الوجدانية للبرد إلى واقع معاش.

أشعربألم البرد، وبإحساساته المنتفضة وهو يعالج طمأنينتنا.
يحق للبرد أن يمارس احتجاجاته المتوترة بهذه المناسبة العميقة طبعاً، كما ينبغي أن تتحول الإيحاءات الوجدانية للبرد إلى واقع معاش.
ليس البرد الذي يعتمد فقط على حدس الموسيقى للتمييز بين الأشياء، بل البرد الذي يلهث شوقاً في الإتجاه المضاد للبرد كل ليلة، ثم حين لا يصل، يُغمى عليه بحنان بالغ في قصيدة مخاطرة ومهووسة كهذة.. ليس البرد الذي كان كضحكة درامية تجادل عبثاً في عز الدمع الهائج كمثال، بل  البرد الذي صار كمعادل موضوعي أيضاً لرغبة صديقنا المجذوب الذي أراد أن يكون صوفياً كاملاً، غير انه مات بشكل غير متوقع داخل زنزانة رطبة اقتادوه إليها لمجرد الاشتباه وعن طريق الخطأ ذات برد.
أعني البرد القادم على وجه التحديد من مخيلة عاطفية وفلسفية وثورية لا يمكن السيطرة عليها بسهولة أبداً.
البرد الذاتي الذي يعبرّ عن النحن.
البرد الهستيري الموهوب.
البرد الذي يبذل جهداً مثيراً في الصراع الطبقي والروحي معاً.
البرد الحر الأليف.
البرد الذي يوقظ الأنوثة في الماضي والحاضر والمستقبل، الخ .
لذلك كله أشعر بألم البرد، وبإحساساته الواثقة وهو يحاول معي -وبي أيضاً- تحقيق أسلوبه الخصوصي لبلوغ هذا الطور المعقد من السعادة للجميع، بينما لاشيء يفهم البرد أكثر من نظرات الغرباء الملتهبة والمتشككة حين يخوضون بعفوية محاولات استيعابهم الرهيبة لماهية البرد أصلاً، ولو عبر إعادتهم التفكير في كل شيء، حتى ماهية البرد بالنسبة لتلك العناكب المخيفة التي ظلت تنسج خيوطها في أقصى أحلامهم بدأب جريء، لكنهم كانوا يفضلون الاستمرار بين اليأس والأمل غير آبهين بها على الإطلاق، لكأنها أثرهم الفني الوحيد المؤزر تماماً باليقين الخالد، والأكثر جمالاً وانسانية وعبقرية وإمتاعاً وطنياً ومعرفياً.
*المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
*المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي “يمن مونيتور”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى