إعادة الإعمار في اليمن.. فاتورة باهظة تنتظر الداعمين – (تحليل)
أعاد حديث الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، اليوم السبت، ملف إعادة الإعمار في بلاده إلى الواجهة، في بلاد تعاني ويلات الحرب منذ ما يقارب ثلاثة أعوام، وينهار اقتصادها تدريجياً. يمن مونيتور/ وحدة التحليلات
أعاد حديث الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، اليوم السبت، ملف إعادة الإعمار في بلاده إلى الواجهة، في بلاد تعاني ويلات الحرب منذ ما يقارب ثلاثة أعوام، وينهار اقتصادها تدريجياً.
فمنذ أواخر سبتمبر/ أيلول 2014، تاريخ اجتياح الحوثيين للعاصمة صنعاء وبعض مدن الشمال اليمني، اُصيبت مؤسسات الدولة الهشّة بالشلل التام، ودخلت معها الجمهورية الفقيرة منعطفاً خطيراً، تقول الأمم المتحدة أنها تواجه “أكبر مجاعة في العالم”.
ووفقاً لمراقبين، فإن ملف إعادة الإعمار لم يُفتح بعد، وما يزال غير واضح الرؤية، فيما ظل الأمر مقتصراً على تقديم الإغاثة والعون الانساني.
ووفقاً لوكالة الأنباء اليمنية “سبأ”، التي نقلت ما جرى في لقاء هادي بمستشاريه ورئيس حكومته بمقر اقامته المؤقت باعاصمة السعودية الرياض، تحدث الرئيس فيه عن “لقاء مثمر” جمعه بولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، لمس منه هادي حرص الأخير على “مواصلة دعم اليمن في مختلف المجالات والمسارات الميدانية والتنموية والخدمية والاقتصادية والإعمار وغيرها وتحقيق الأمن والاستقرار المنشود”.
وعود تنتظر التنفيذ
وحسب الوكالة، فإن السعودية ستضع وديعة ماليه قدرها 2 مليار دولار لصالح البنك المركزي اليمني من أجل دعم استقرار العملة وتأمين وقود واحتياجات الكهرباء من الديزل والمازوت وبصورة منتظمة لمدة عام، كما أنها خصصت مبالغ لإعادة الإعمار وإصلاح البنى التحتية في مجالات التعليم والصحة والطرقات والكهرباء والمياه وغيرها ابتداء من يناير 2018م”.
ولأكثر من مرة، آخرها مطلع شهر اغسطس الماضي، تتحدث الحكومة اليمنية عن اطلاق عملية إعادة الاعمار، لكنها تبقى مجرد تصريحات تفتقر إلى تطبيق فعلي على أرض الواقع، إذ ما تزال العديد من المناطق المحررة من الحوثيين وقوات الرئيس السابق “علي صالح” تعاني ضعفاً في الخدمات، وهشاشة في القبضة الأمنية للسلطات، وعلى رأس تلك المناطق، العاصمة المؤقتة عدن، جنوبي البلاد.
كُلفة الحرب
ونتيجة للحرب التي شنها الحوثيون وقوات محسوبة على الرئيس السابق علي عبدالله صالح، انهارت العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، وتوقفت رواتب الموظفين وتدمرت البنى التحتية، وانضم آلاف من العاطلين عن العمل إلى قائمة فقراء البلاد، بينهم الموظفون الحكوميون الذين فقدوا رواتبهم ومصدر دخلهم الوحيد.
ووفقا لإحصائيات الأمم المتحدة، فقد تسببت الحرب في مقتل ما يربو على 8670 شخصا، 60 في المئة منهم من المدنيين، وإصابة 49 ألفا و960 شخصا في غارات جوية واشتباكات على الأرض منذ مارس/ آذار عام 2015.
والأربعاء الماضي، حذّر مسؤول كبير في الأمم المتحدة من أن اليمن يواجه أكبر مجاعة في العالم منذ عقود “ستخلف ملايين الضحايا” ما لم تُستأنف المساعدات له.
وفي وقت مبكر هذا الأسبوع، حذّرت الأمم المتحدة والصليب الأحمر من أن “وضعا كارثيا” يهدد ملايين اليمنيين الذين يعتمدون على المساعدات الإنسانية المنقذة للأرواح.
فاتورة باهظة تنتظر الدفع
حسب توقعات وزير التخطيط في الحكومة اليمنية، محمد الميتمي، فإن حجم المبالغ المخصصة لإعمار اليمن تصل إلى 100 مليار دولار، تساهم دول الخليج بنحو 70% منها.
ووفقاً للوزير اليمني، فإن “برنامج إعادة الإعمار يركز حاليا على المناطق المستقرة التي تقع تحت السلطة الشرعية، لتقديم الخدمات الأساسية في قطاعات تشمل الصحة والتعليم والكهرباء والمياه والصرف الصحي والإسكان”.
وأشار في تصريحات صحفية سابقة إلى أن أكثر من 80% من سكان اليمن انزلقوا تحت خط الفقر، وأصبحت الخدمات الأساسية شبه معدومة، ونحو 1.8 مليون طفل عجزوا عن الالتحاق بالمدارس.
وما تزال الفاتورة الباهظة للحرب تنتظر الممولين، لينتقل معها ملف اعادة الاعمار من مربع الكلام إلى مربع الفعل، وانقاذ ما يمكن انقاذه.
ويرى الخبير الاقتصادي، رئيس مركز الاعلام والدراسات الاقتصادية في اليمن، مصطفى نصر، أن هناك عراقيل عديد تواجه إعادة الإعمار مرتبطة بعدم استقرار الحكومة، وعدم وضوح الرؤية لدى التحالف بشأن انهاء الملف اليمني.
إغاثة لا إعمار
وحسب “نصر”، فإن مرحلة إعادة الإعمار لم تبدأ فعلياً، ولا يوجد مؤشرات واضحة عن بدء عملية الإعمار، سواء من قِبل الحكومة اليمنية أو التحالف العربي أو حتى المجتمع الدولي”.
ويعتقد “نصر”، في حديث خاص لـ”يمن مونيتور”، أن “اليمن ما تزال في مرحلة الاغاثة وتقديم العون الانساني وهذه مرحلة مختلفة تماماً عن مرحلة إعادة الإعمار”.
السلام قبل الإعمار
ويذهب الخبير الاقتصادي إلى أن “مرحلة الإعمار تتطلب أن يحدث استقرار وسلام، وهذا أهم شروط ومتطلبات هذه المرحلة؛ إذ أن استمرار حالة الحرب بالعديد من المحافظات يجعل من الصعوبة بمكان أن تبدأ إعادة الإعمار فيها، لأن هذا يعني أنك تستثمر استثماراً يحمل مخاطر عالية”. حد قوله
ويذهب “نصر” إلى القول: إن “الأمر يتطلب وجود “حكومة طوارئ” تتبنى برنامجاً مرحلياً لتثبيت الخدمات الأساسية للمواطنين، في المناطق المستقرة، وكذا دعم المحافظات التي لم تحرر بعد، لاستكمال عملية التحرير.
————————-
* المادة التحليلية خاصة بشبكة “يمن مونيتور”، ولا يجوز إعادة نشرها دون الإشارة إلى مصدرها الأصلي.